لقاء قيس سعيد وماجول يمهد لبناء الثقة مع رجال الأعمال

فتح حوار صريح ومستمر من شأنه أن يبدد مخاوف أرباب العمل.
الخميس 2024/10/31
التهدئة شعار المرحلة

تونس – دعا الرئيس التونسي قيس سعيد رجال الأعمال في بلاده إلى خفض أسعار السلع في السوق المحلية، وذلك خلال لقائه الثلاثاء مع رئيس منظمة أرباب العمل سمير ماجول، في خطوة تظهر بأن قنوات التواصل مفتوحة بين الدولة ورجال الأعمال، وأنها قد تفضي إلى تعزيز الثقة بين الطرفين.

وقال قيس سعيد إن الدولة “كما تسعى إلى تأمين المرافق العمومية تسعى كذلك إلى تأمين الشروط الضرورية التي تكفل للقطاع الخاص أن يعملوا في ظل مناخ آمن”، معتبرا أن “التعايش بين القطاعين العام والخاص لا يمكن أن يتحقق إلا على أساس العدل والإنصاف”.

ورغم عقد أكثر من لقاء بين الرئيس سعيد وماجول، إلا أن محيط رجال الأعمال ما يزال يشعر بأن المناخ الاجتماعي والسياسي في تونس ليس مهيأ لتجاوز المخاوف التي رافقت ثورة 2011 وما بعدها من استهداف للشركات والمشاريع التابعة للقطاع الخاص.

محمد صالح الجنادي: المرحلة تتطلب حوارا عميقا بين الدولة ورجال الأعمال
محمد صالح الجنادي: المرحلة تتطلب حوارا عميقا بين الدولة ورجال الأعمال

ويرى مراقبون أن تتالي اللقاءات بين الرئيس ومنظمة أرباب العمل يكشف عن أن الدولة تتعامل معهم كشريك اجتماعي مهم، وأنها مستعدة لدعمهم، لكنها تريد في المقابل من الشريك الاجتماعي أن يظهر مدى استعداده للمساعدة على تأمين الاستقرار الاجتماعي الذي يستفيد منه هو كما تستفيد منه الدولة، وهو ما يفسر طلب الرئيس من رجال الأعمال والتجار التدخل لخفض الأسعار.

لكن المشكلة بالنسبة إلى رجال الأعمال لا تتعلق بالمساعدة المباشرة في تهدئة الأوضاع مثل التدخل للضغط على الأسعار، وهي ترتبط بوجود خطاب أيديولوجي يحمّلهم مسؤولية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وينظر إليهم كخصوم وليس كشركاء اجتماعيين كانت الدولة تجدهم دائما في صفها كلما احتاجت إليهم.

ويعتقد المراقبون أن الحل لتبديد المخاوف هو فتح الباب أمام حوار مستمر وصريح عبر المؤسسات الرسمية لبناء الثقة أولا ثم وضع خطط للتعاون.

وقال الخبير المالي والمصرفي التونسي محمد صالح الجنادي إن “المرحلة الحالية تتطلب حوارا عميقا وخصوصيا بين الدولة ورجال الأعمال، ولا بدّ من مراجعة كل الخطوات الخاطئة لأن رجال الأعمال لهم دور مهم في السوق”.

وحث الجنادي في تصريح لـ”العرب” على أن “يكون الحوار دوريا بين الطرفين (كل شهر أو كل ثلاثة أشهر) وليس مناسباتيا مع أخذ قرارات تعكس تناغما بين الطرفين لتحقيق العدالة الاقتصادية”.

وأشار الجنادي إلى أن ” الأسعار لا يمكن تخفيضها بدعوة، بل بقرار ومبادرة فعلية، وهذه المرحلة تستوجب فتح صفحة عمل جديدة بين السلطة ورجال الأعمال وكل الأطراف عليها أن تجلس إلى طاولة الحوار لحلحلة الأزمة”.

ويشكو التونسيون ارتفاعا مبالغا فيه لأسعار المواد الغذائية بالرغم من التحركات التي تقوم بها وزارة التجارة لمواجهة الظاهرة وتأمين توزيع سلس لمختلف المواد ومواجهة المحتكرين تنفيذا لأوامر الرئيس سعيد الذي جعل هذه القضية على رأس أولوياته.

باسل الترجمان: الرئيس ليس له موقف سلبي من رجال الأعمال كما يسوّق البعض
باسل الترجمان: الرئيس ليس له موقف سلبي من رجال الأعمال كما يسوّق البعض

ويمكن أن يوفر لقاء قيس سعيد وماجول فرصة حقيقية لتجاوز ما جرى في مراحل سابقة من خطاب يعتبره رجال الأعمال استهدافا لهم.

واعتبر المحلل السياسي التونسي باسل الترجمان أن “استقبال الرئيس سعيد لسمير ماجول، يحمل عدة رسائل إيجابية من سعيّد لكافة رجال الأعمال، أهمها أنه لا توجد أيّ مشكلة مع السلطة وأن الرئيس ليس له موقف سلبي من رجال الأعمال كما يسوّق البعض لذلك”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الرئيس سعيّد يقدّر عاليا جهود رجال الأعمال من أجل دعم الاقتصاد، ورسائله تلقّاها رجال الأعمال بشكل إيجابي”، لافتا إلى أن “الحوار بين الطرفين لم ينقطع والحكومة على اتصال وتواصل مع رجال الأعمال”.

ودعا الترجمان رجال الأعمال إلى “المساهمة في تحسين جودة الإنتاج والتصدي للاحتكار والمضاربة ودعم الدولة وأن يكونوا مع السلطة وليس خصما لها”.

ولا شك أن الشراكة بين الدولة ورجال الأعمال لا تقف عند تنفيذ برامج أو مشاريع أو المساهمة في الضغط على الأسعار كما تسعى إليه الدولة، وهي تحتاج إلى شراكة في مناقشة الوضع الاقتصادي.

ومن المهم أن تستمع الدولة بمختلف مؤسساتها إلى رأي الشريك الاجتماعي الأول في الإصلاحات التي تنوي تنفيذها، وكذلك الخيارات الاقتصادية من مثل العلاقة مع صندوق النقد، أو اللجوء إلى السوق الداخلية للحصول على القروض، أو القرارات بشأن الجباية، أو التعديلات على نظام العمل مثل إلغاء نظام المناولة، وهي ملفات تمسهم بشكل مباشر ولديهم مقاربة في التعاطي معها.

وسبق لرئيس منظمة أرباب العمل أن دعا عقب لقاء سابق مع الرئيس سعيد إلى ضرورة تغيير المناخ الاقتصادي والاجتماعي لإرجاع الأمل إلى الشعب التونسي وإلى المؤسسات، في رد على الاتهامات الموجهة في المطلق لقطاع رجال الأعمال وأصحاب المشاريع على خلفية ما يعرف بقضية المصالحة أو “الصلح الجزائي” وحث بعض رجال الأعمال على القيام بتسويات مع الدولة.

1