لقاء قيس سعيد مع ماجول: رسالة لطمأنة رجال الأعمال

الرئيس التونسي يرسل إشارة واضحة مفادها أن رجال الأعمال ومنظمتهم شريك رئيسي في الحوار.
الأحد 2022/04/03
استرجاع الأموال المنهوبة لا يعني شيطنة الجميع

تونس - وصفت أوساط تونسية مطلعة لقاء الرئيس قيس سعيد الجمعة برئيس منظمة أرباب العمل سمير ماجول بأن هدفها طمأنة رجال الأعمال والتأكيد على أنهم شركاء في الحوار الذي سيضع ملامح المرحلة القادمة، وهي خطوة مهمة في ظل زيادة محاولات شيطنة رجال الأعمال خاصة بعد حملة مقاومة الاحتكار التي أزعجتهم ودفعت المنظمة إلى إصدار بيان تحذيري من استهداف المنتسبين لها.

وقالت الأوساط السياسية التونسية إن لقاء قيس سعيد بماجول وقبله بالأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي وعميد المحامين إبراهيم بودربالة فيه إشارة واضحة إلى أن رجال الأعمال ومنظمتهم شريك رئيسي في الحوار وفي الإصلاحات الاقتصادية التي سيتم خوضها للخروج من الوضع الصعب الذي تعيشه البلاد.

وأثار مرسوم رئاسي بشأن استرجاع الأموال المنهوبة مخاوف لدى رجال الأعمال خاصة إثر ما رافقه من حملات شعبوية تتهم أصحاب الأموال بالفساد والتحايل على الدولة وتطالب بالقصاص منهم. ومن الواضح أن لقاء الجمعة كان من ضمن أهدافه التأكيد على أن الرئيس سعيد يعتبر رجال الأعمال في قلب عملية التغيير، وأن استرجاع أموال تعود إلى الدولة من بعض رجال الأعمال لا يعني شيطنة الجميع واستهدافهم.

وقال قيس سعيد في العشرين من مارس الماضي تاريخ صدور المرسوم السابق، إن "الصلح الجزائي إجراء معروف في القانون فعوض الزج بالمتهم الذي تمت إدانته في السجن، يدفع هذا المتهم المدان الأموال التي انتفع بها بصفة غير مشروعة".

الحديث المستمر عن النهب، الحقيقي منه والمفترض، ليس هو الطريق لتنشيط القطاع الخاص

وأردف "هذه الأموال التي سنسترجعها كما تم الإعلان عن ذلك سابقا، سنقدمها للفقراء والمعتمديات (مناطق) الفقيرة بعد ترتيبها ترتيبا تنازليا من الأكثر فقرا إلى الأقل فقرا".

ويقول مراقبون إن تجربة السنوات العشر الماضية التي سيطرت عليها الإضرابات والاعتصامات دفعت الكثير من رجال الأعمال التونسيين والأجانب إما إلى مغادرة البلاد أو إلى تقليص أنشطتهم، وأن الدولة التي استعادت بعضا من قوتها مطالبة بطمأنتهم.

ويضيف المراقبون أنه من دون ثقة في رجال الأعمال وقلب صفحة الحكايات المرتبطة بالتسويات والعفو، لا يمكن لأيّ رجل أعمال أن يفكر في تنشيط أعماله بما يكفي لتحريك اقتصاد البلاد بوجه صحيح، وأن الحديث المستمر عن النهب، الحقيقي منه والمفترض، ليس هو الطريق لتنشيط القطاع الخاص والخروج من أسر مؤسّسات الدولة التي تغص ببطالة مقنعة تستنزف أيّ دعم مالي تتلقاه تونس من الخارج.

ويعتبر هؤلاء مثلما أنه ليس مطلوبا من الدولة المتينة أن تسمح بتغول رأس المال، فإنه من واجبها ألا تترك الحبل على الغارب مع النقابات التي باتت تلعب دور القوة المعرقلة وليس القوة البناءة.

وشدد قيس سعيد في لقائه مع ماجول على أن "التعاطي مع القضايا الراهنة يجب أن يكون في إطار مقاربة وطنية وعلى أن الحوار لا يكون مع كل من نهب مقدّرات الشعب ونكّل به، أو حاول الانقلاب على الدولة والمسّ من استمراريتها ووحدتها".

وأكّد ماجول إثر اللقاء أنّه تمّ التأكيد على دور منظمة الأعراف الذي يسكون دائما مرافقا للحكومة ورئيس الجمهورية للخروج من الوضعية الصعبة، مشيرا إلى أنّ الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية مؤيّد لقرارات الخامس والعشرين من يوليو.

كما شدّد ماجول على ضرورة تغيير المناخ الاقتصادي والاجتماعي لإرجاع الأمل إلى الشعب التونسي وللمؤسسات.

وجاء اللقاء ضمن لقاءات أوسع هدفها إظهار أن الدولة متماسكة وأنها مدعومة من القوى ذات الوزن في البلاد، وذلك بعد حل البرلمان لوأد مساعي حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي الهادفة إلى إعادة تونس إلى مرحلة الصراع على الشرعية وما يجلبه من مخاطر على استقرارها.

وسبق للرئيس سعيد أن أظهر حرصه على طمأنة المستثمرين ورجال الأعمال بأنه يعمل على تطبيق القانون واحترامه حتى لا يقع ظلم أو مصادرة أموال دون وجه حق، داعيا البنوك والمؤسسات المالية إلى خفض نسب الفائدة لدعم الجهد الوطني من أجل الإنقاذ وتخفيف الأعباء المالية على المواطنين.

وأضاف في كلمة له في يونيو الماضي "أطمئن الجميع أنني أعمل دون هوادة حتى لا يظلم أحد، فلا مجال للتخوّف أو لتهريب الأموال فحقوقكم محفوظة في إطار القانون".

كما قال في تفسيره لأهداف مرسومه الخاص باستعادة الأموال المنهوبة إنه ليست هناك أيّ نية على الإطلاق للتنكيل بأحد أو المساس برجال الأعمال وخاصة الذين يدفعون الضرائب، مطالبا “المتورطين في نهب المال العام بالجنوح إلى الصلح بدلا من مواجهة السجن”.

1