لقاء بجنيف يسلط الضوء على تجنيد الأطفال في تندوف

جنيف- تطرق المشاركون في لقاء نظم على هامش أشغال الدورة الـ56 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، إلى مصير الأطفال المجندين في مخيمات تندوف، في محاولة لفضح الانتهاكات والتحديات التي تعصف بهم.
وشارك في اللقاء، الذي نظمته مجموعة الدبلوماسية المدنية الدولية، وأداره بيدرو إغناسيو ألتاميرانو، أستاذ العلوم السياسية ورئيس مؤسسة ألتاميرانو، العديد من الخبراء الذين سلطوا الضوء على الانشغالات بشأن حقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين، لاسيما مصير الأطفال المجندين في مخيمات تندوف.
وقاربت جوديت سيغارا، فاعلة جمعوية إسبانية، الآثار الأخلاقية والنفسية على أطفال الحرب، حيث سجلت أن “أطفال النزاعات، خاصة في مخيمات تندوف، هم الضحايا الأكثر هشاشة، حيث يتم انتهاك حقوقهم الأساسية، مثل الأمن والتعليم، بشكل منتظم”.
وسلطت سيغارا الضوء على الانعكاسات العميقة للعنف على التطور السلوكي لهؤلاء الأطفال، مشيرة إلى أن “المعضلات الأخلاقية التي يواجهونها يمكن أن تعيق تطورهم السلوكي، مما يخلق تنافرا بين قيمهم الجوهرية والواقع الوحشي الذي يعيشونه”.
من جانبه، شدد دانييل هاينر، الدبلوماسي السويسري السابق، على ضرورة أن تتعبأ أوروبا في مواجهة تجنيد الأطفال.
◄ الخبراء دعوا بالإجماع إلى اتخاذ إجراءات حاسمة وفورية لإنهاء الممارسات المدمرة وتعزيز السلام والأمن للأجيال القادمة
وقال إن “أوروبا، التي عانت من الحروب الماضية، يجب أن تدرك الخطر الذي يمثله الجنود الأطفال على الأمن. ومن الضروري اتخاذ تدابير لمنع هذه الآفة”.
ووصف ماتيو دومينيتشي، الخبير السياسي ومستشار العلاقات الدولية، في حديث عبر الفيديو، ظاهرة أطفال الحرب بأنها “سرطان عالمي”، محذرا من تزايد أعداد الأطفال المجندين في منطقة الساحل وتندوف.
وأضاف “في مواجهة اللامبالاة الدولية، يتطلب هذا الوضع استجابة عاجلة ومنسقة لحماية الأجيال القادمة وإحلال السلام الدائم”.
بدوره، استعرض ألتاميرانو الأوضاع المزرية التي تعيشها مخيمات تندوف، والتي وصفها بـ “مراكز الاعتقال غير القانونية”. وندد بالانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحرمان من الجنسية، والاستغلال العسكري للسكان، بما في ذلك تجنيد الأطفال، وحالات الاستعباد الجنسي.
وقال “من المهم أن يعترف المجتمع الدولي بمخيمات تندوف كأماكن احتجاز غير قانوني وأن يتخذ التدابير اللازمة لضمان احترام حقوق الإنسان لسكانها”.
وسلط ألتاميرانو الضوء أيضا على الغموض الذي يحيط بتوزيع المساعدات الدولية، مشككا في حقيقة استخدامها ودعا إلى تحسين الشفافية لضمان أن هذه المساعدات تعود بالنفع حقا على السكان المحتاجين.
وأعرب مولاي لحسن ناجي، رئيس اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان في أفريقيا والكاتب العام للمركز الدولي لمنع تجنيد الأطفال بالداخلة، عن انشغالاته بشأن الوضع في مخيمات تندوف، مبرزا أن الحقوق الأساسية، مثل الحق في الحياة والسلامة الجسدية والحرية، تتعرض هناك لانتهاكات خطيرة.
كما نبه ناجي إلى القيود المفروضة على حركة اللاجئين، مما يحد من حصولهم على الفرص الاقتصادية ويساهم في عزلتهم الطويلة، داعيا إلى التطبيق الصارم للقانون الإنساني الدولي لحماية اللاجئين.
وقال “تجب معالجة الوضع في مخيمات تندوف والقضية الأوسع المتعلقة بالجنود الأطفال في أفريقيا بأقصى قدر من الإلحاح”.
وخلص إلى أن “من خلال رفع مستوى الوعي والدعوة إلى تنفيذ القانون الإنساني الدولي واتخاذ خطوات ملموسة لحماية حقوق اللاجئين والأطفال، يمكننا العمل على إنهاء هذه الانتهاكات الفظيعة وضمان مستقبل أكثر إشراقا للجميع”.
وأكدت المداخلات على المسؤولية الجماعية للمجتمع العالمي لحماية الفئات الأكثر ضعفا وضمان عدم إرغام المزيد من الأطفال على تحمل عبء النزاع المسلح.
ودعا الخبراء بالإجماع إلى اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء هذه الممارسات المدمرة وتعزيز السلام والأمن للأجيال القادمة.
وتقول تقارير دولية مختلفة إن تجنيد الأطفال يتم دون موافقة الوالدين، وإنهم مجبرون على المشاركة في جميع الاحتفالات العسكرية والسياسية، وإلا فإن مصيرهم سيكون السجن أو القتل، ما يعكس انهيار مشروع الجبهة الانفصالية التي تستمر في القتال بالرغم من افتقادها للدعم الشعبي، وخاصة بعد الخسائر التي تكبّدتها في السنوات الماضية.
والانتقادات لجبهة بوليساريو الانفصالية حول تجنيدها للقسر ليست وليدة اللحظة، حيث سبق لمنظمات دولية على غرار التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات، وهو منظمة فرنسية، أن ندد بذلك مطالبا بمحاسبة بوليساريو.
وقال التحالف في بيان في وقت سابق إن “الأمر يتعلق بجريمة تستدعي ملاحقات ومتابعات دولية في حق جميع الأشخاص المتورطين”. ورغم هذه الانتقادات والإدانات العلنية لتجاوزات بوليساريو، إلا أنها لا تجد حرجا في تحدي القوانين الدولية، في استخفاف بدور المجتمع الدولي إزاءها.
وسبق أن نددت جمعيات حقوقية إسبانية بالانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها ميليشيات بوليساريو المسلحة بمخيمات تندوف، لاسيما تجنيد الأطفال عسكريا واستغلالهم لأغراض سياسية.
وأكدت منظمتا “الحرية حق” و”بيدرو إغناسيو ألتاميرانو” غير الحكوميتين، في لقاء احتضنته إشبيلية، أن “تجنيد الأطفال الأبرياء في مخيمات تندوف من قبل الميليشيات المسلحة لبوليساريو في مواجهة تقاعس دولي غير مفهوم، تجب إدانته والتحقيق بشأنه”.