لقاء اختبار النوايا في مسقط ينتهي بتفاؤل لا يبدد مخاوف الإيرانيين

الأميركيون يطالبون باتفاق في أقرب وقت ويرفضون المفاوضات العقيمة.
الأحد 2025/04/13
سلطنة عمان تنجح في جمع الأميركيين والإيرانيين

مسقط- لم يخرج الوفد الإيراني، الذي تحول لملاقاة الأميركيين في سلطنة عمان، بنتيجة مطمئنة بشكل واضح من لقاء بدا أن هدف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من ورائه هو اختبار نوايا إيران.

ولئن اتفق الجانبان على أن اللقاء “بنّاء”، فإنهما تركا الأمر مطلقا دون تفاصيل حول تقدم المفاوضات والتنازلات التي تحققت.

وتم عقد اللقاء بشكل منفصل كل وفد على حدة وتولى وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي عملية التنسيق ونقل الأفكار التي تقدم من الجانبين.

وفيما أظهر الإيرانيون تحمسهم للقاء ورغبتهم في بدء التفاوض، وهو ما عكسته تصريحات وزير الخارجية عباس عراقجي، اكتفى الأميركيون بتفاؤل مشروط، ملمحين إلى أنه إذا لم يتحقق ما يطلبونه فقد يمرّون إلى التصعيد، مشيرين إلى أنهم يرغبون في التوصل إلى اتفاق “في أقرب وقت ممكن،” ولا يريدون “مفاوضات عقيمة، ومناقشات من أجل المناقشات، وإضاعة للوقت ومفاوضات تستمر إلى ما لانهاية،” كما جاء على لسان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في نقله لموقف الوفد الأميركي.

ويتكوف: خيار الضربات يبقى قائما

وقال البيت الأبيض في بيان “أكد المبعوث الخاص (ستيف) ويتكوف لعراقجي أنه تلقى تعليمات من الرئيس ترامب لحل الخلافات بين البلدين عبر الحوار والدبلوماسية إن أمكن،” ما يظهر وجود مرونة في ترك فسحة من الوقت للتفاوض لكن يظل سيف المواجهة مسلّطا على الإيرانيين.

وتتعامل طهران مع المحادثات بحذر وتشك في إمكانية أن تؤدي إلى اتفاق، كما أنها متشككة تجاه ترامب الذي هدد مرارا بقصف إيران إذا لم توقف برنامج التخصيب المتزايد لليورانيوم.

وبعثت إيران برسائل التهدئة عبر تصريحات الكثير من المسؤولين.

ما بادرت طهران بإظهار حسن النوايا عبر دعوة أذرعها في المنطقة إلى التحرك في هذا السياق بشكل متزامن وإعلان الاستعداد للتخلي عن السلاح. وكان قادة في الحشد الشعبي في العراق قد أعلنوا استعدادهم لنزع السلاح وحل الميليشيات التي ينتمون إليها والاكتفاء بالانخراط في العملية السياسية، وهي الخطوة نفسها التي أعلن عنها حزب الله ولو بشكل غامض حتى لا يبدو كأنه تحت الضغط عبر حصر الحوار بشأن السلاح مع المؤسسات الرسمية اللبنانية، لكن النتيجة واحدة.

ويقول مراقبون إن اللقاء، بالرغم من الغموض حول نتائجه، هو خطوة مهمة لامتصاص حالة التوتر، وخاصة من جانب الأميركيين. لكن أكبر الرابحين هي سلطنة عمان التي نجحت في عقد لقاء تاريخي من شأنه أن يحول دون نشوب حرب جديدة في المنطقة، ويؤكد من جديد أن مصداقيتها كبيرة كجهة محايدة.

وأكد وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي أن “اللقاء جرى في أجواء ودِّية ساعدت على تقريب وجهات النظر، مما يعزِّز فرص تحقيق السلام والأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي،” مضيفا أن “سلطنة عُمان ستواصل جهودها في دعم مسارات الحوار والتفاهم، والمساهمة في تهيئة الظروف المواتية لتحقيق نتائج بنّاءة ومستدامة“.

وقال مصدر عماني إن المحادثات بين إيران والولايات المتحدة تركز على تهدئة التوتر في المنطقة وتبادل السجناء والتوصل إلى اتفاقات محدودة لتخفيف العقوبات على إيران مقابل كبح البرنامج النووي الإيراني.

ووفرت سلطنة عمان للإيرانيين قشة النجاة بعرض رعاية حوار أميركي – إيراني، ما أتاح لهم فرصة كسر حالة التوتر القصوى بينهم وبين واشنطن، مستفيدين من مصداقية مسقط لدى الإدارات الأميركية المتعاقبة.

◄ إيران ترفض التفاوض حول قدراتها الدفاعية مثل برنامجها الصاروخي

وكانت المحادثات غير مباشرة على ما يبدو كما سعت إيران، وليس وجها لوجه، كما اشترط ترامب ذلك.

وقال وزير الخارجية الإيراني على قناته على تيليغرام إن الوفد أجرى لقاء قصيرا مع الوفد الأميركي، برئاسة مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بعد خروجهما من المحادثات غير المباشرة التي جرت بوساطة سلطنة عمان.

وقال عراقجي “بعد أكثر من ساعتين ونصف الساعة من المحادثات غير المباشرة، تحدث رئيسا الوفدين الإيراني والأميركي لبضع دقائق بحضور وزير الخارجية العماني عند مغادرتهما المحادثات”.

وأضاف أن المحادثات، وهي الأولى بين إيران وإدارة ترامب، بما في ذلك فترة ولاية ترامب الأولى بين عامي 2017 و2021، جرت في “أجواء بناءة وإيجابية”.

وكتب عراقجي “اتفق الجانبان على مواصلة المحادثات الأسبوع المقبل،” دون الخوض في تفاصيل مقر وتاريخ انعقادها.

ولم يصدر بعد أيّ تعليق من الولايات المتحدة بشأن المحادثات.

وكان إسماعيل بقائي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قد قال في وقت سابق إن كل وفد سيجلس في غرفة منفصلة، وسيتبادل الطرفان الرسائل عبر الوزير العماني وذلك في إشارة إلى عمق الخلاف بين الطرفين.

عباس عراقجي: المحادثات جرت في “أجواء بناءة وإيجابية

ومن شأن ظهور مؤشرات على أيّ تقدم المساعدة في تهدئة التوتر في المنطقة المشتعلة منذ عام 2023 مع اندلاع الحرب في غزة والأعمال القتالية بين إسرائيل وجماعة حزب الله في لبنان وتبادل إطلاق الصواريخ بين إيران وإسرائيل وهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر والإطاحة بالنظام في سوريا.

وربما يؤدي عدم إحراز تقدم يذكر خلال المحادثات إلى تفاقم المخاوف من اندلاع حرب أوسع نطاقا في منطقة تُصدّر نسبة كبيرة من نفط العالم. وحذرت طهران الدول المجاورة التي تضم قواعد أميركية من أنها ستواجه “عواقب وخيمة” إذا شاركت في أيّ هجوم عسكري أميركي على إيران.

وقال عراقجي للتلفزيون الإيراني “هناك فرصة للتوصل إلى تفاهم أوّلي بشأن المزيد من المفاوضات إذا خاض الطرف الآخر (الولايات المتحدة) المحادثات على أساس التكافؤ”.

وقال مسؤول إيراني لرويترز إن المرشد الأعلى علي خامنئي، صاحب القول الفصل في القضايا الرئيسية للدولة في هيكل السلطة المعقد في إيران، منح عراقجي “الصلاحيات الكاملة” في المحادثات.

وترفض إيران التفاوض حول قدراتها الدفاعية مثل برنامجها الصاروخي.

وتقول دول غربية إن تخصيب إيران لليورانيوم، وهو مصدر للوقود النووي، تجاوز بكثير متطلبات البرنامج المدني وينتج مخزونات بمستوى من النقاء الانشطاري قريب من ذلك المطلوب في الرؤوس الحربية.

وكان ترامب، الذي أعاد فرض سياسة “أقصى الضغوط” على طهران منذ فبراير، قد انسحب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى عالمية في عام 2018 خلال فترة رئاسته الأولى للولايات المتحدة، وأعاد فرض عقوبات صارمة على الجمهورية الإسلامية.

ومنذ ذلك الحين، حقق البرنامج النووي الإيراني قفزة إلى الأمام تضمنت تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 60 في المئة، وهي خطوة فنية من المستويات اللازمة لصنع القنبلة.

وتعتبر إسرائيل، حليفة واشنطن، البرنامج النووي الإيراني تهديدا لوجودها، وتهدد منذ فترة طويلة بمهاجمة إيران إذا فشلت الدبلوماسية في الحد من طموحاتها النووية.

1