لقاءات سينمائية تونسية تبحث مفهوم السينما والمقاومة

اللقاءات تمثل فرصة سنوية للاحتفاء بالفن السابع ولتسليط الضوء على دور السينما في مقاومة الظلم ودعم القضايا العادلة، وتعزيز الوعي الثقافي والفني في المجتمع.
الجمعة 2024/07/12
لقطة من فيلم "اليد الخضراء" لجمانة مناع

بنزرت (تونس)- ركزت الدورة العاشرة من “اللقاءات السينمائية” التي استضافتها مدينة بنزرت في الفترة من 8 إلى 12 يوليو الجاري، بتنظيم من جمعية بنزرت للسينما على موضوع “السينما والمقاومة”، حيث خصصت الدورة التي تختتم فعالياتها اليوم الجمعة للفنان هاني جوهرية، مدير التصوير الفلسطيني الذي استشهد أثناء قصف إسرائيلي في لبنان خلال تصويره لفيلم عن المقاومة.

هاني جوهرية (1939 – 1976) هو مؤسس مؤسسة السينما الفلسطينية في عام 1968، التي كانت تهدف إلى توظيف السينما بأكملها في خدمة الثورة الفلسطينية.

ناصر الصردي: ما تغير اليوم ليس بناء الصورة بل كيفية ترويجها
ناصر الصردي: ما تغير اليوم ليس بناء الصورة بل كيفية ترويجها

ولد الفنان الراحل في القدس وكان شغوفا بالتصوير حيث اقتنى أول كاميرا عام 1956، ثم غادر القدس عام 1966 لدراسة التصوير السينمائي في المعهد العالي بالقاهرة، وحصل على منحة من وزارة الإعلام الأردني لاستكمال دراسته في معهد صناعة تقنيات السينما في لندن، وعاد بعدها إلى الأردن ليعمل في وزارة الإعلام في قسم تصوير الجريدة السينمائية في الفترة من 1967 – 1969.

ويعد جوهرية أول سينمائي عربي فلسطيني يسقط شهيدا في معركة مباشرة ضد القوات الإسرائيلية في لبنان. ومنحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس وسام الثقافة والعلوم والفنون “مستوى الإبداع” عام 2015 واستلمته زوجته وابنته.

قام جوهرية بتصوير العديد من الأفلام منها فيلم “الخروج 67” الذي يتناول نزوح الفلسطينيين عن أراضيهم بعد حرب يونيو 1967، وفيلم “الأرض المحروقة” ويعرض الفيلم الغارات الجوية التي قام بها جيش الاحتلال ضد الفلاحين وأراضيهم في منطقة الأغوار في الأردن عام 1968، وفيلم “لا للحل السلمي”، وفيلم “الحق الفلسطيني” عام 1969، وفيلم “على طريق النصر” والذي يعرض فيه مشروع المدينة التعليمية لأبناء الشهداء في فلسطين عام 1975، وفيلم “زهرة المدائن” وفيلم “جسر العودة” خلال فترة عمله في وزارة الإعلام الأردنية. كما قام بالمشاركة في تصوير وإخراج الجريدة السينمائية الناطقة العدد الثاني بالتعاون مع عبدالحافظ محمد الأسمر عام 1974.

وتمثل هذه اللقاءات فرصة سنوية للاحتفاء بالفن السابع ولتسليط الضوء على دور السينما في مقاومة الظلم ودعم القضايا العادلة، وتعزيز الوعي الثقافي والفني في المجتمع.

وتميز برنامج الدورة العاشرة بعروض للأفلام وورش عمل وندوات ونقاشات تسلط الضوء على الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها مدينة بنزرت والتي تجعل منها مكانا نموذجيا لتصوير الأفلام بمدنها وقراها.

بوكس

وأكد المنظمون أن “هذه الدورة تعتبر استثنائية، لأننا نؤمن بدورنا الثقافي والفني في خدمة القضايا العادلة والإنسانية، خاصة نضال الشعب الفلسطيني. كما أن هذه الدورة تمثل 12 عاما من العمل السينمائي الملتزم للجمعية وشركائها، بهدف الترويج للسينما والصورة، وتطوير الوعي، وتقديم فرص ثقافية وفنية لشباب منطقة بنزرت”.

ومثل موضوع “المقاومة وتمثلاتها في الصورة المتحركة والثابتة” محور مائدة مستديرة التأمت ضمن فعاليات اللقاءات أثثها مختصون تونسيون في السينما هم إبراهيم بهلول الأستاذ بالمعهد العالي للموسيقى بتونس وأحمد الجلاصي الأستاذ بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس والأستاذ الجامعي والناقد السينمائي ناصر الصردي.

وتحدث الصردي في مداخلته عن استعمالات الكنيسة للصورة لتمرير رسائل معينة وعرّج على التجربة السوفياتية التي استعملت الصورة للتعليم والتوعية، كما تحدث عن التجربة النازية في ألمانيا التي كانت أهم وزارة فيها وزارة الإعلام، كما تحدث عن السينما الهوليوودية في الولايات المتحدة ليخلص إلى التأكيد على قوة الصورة وقيمتها وتأثيرها.

◄ هاني جوهرية مؤسس مؤسسة السينما الفلسطينية في عام 1968 والتي كانت تهدف إلى توظيف السينما بأكملها في خدمة الثورة الفلسطينية
هاني جوهرية مؤسس مؤسسة السينما الفلسطينية في عام 1968 والتي كانت تهدف إلى توظيف السينما بأكملها في خدمة الثورة الفلسطينية

ورأى الصردي أن ما تغير اليوم ليس بناء الصورة بل كيفية ترويجها، مشددا على أنه لا وجود لصورة حقيقية بل هناك نظرة ملتقط الصورة من زاوية معينة ووفق اختيارات معينة، لافتا إلى أن الاختيار يتعلق بما نصوره وبما نختار ألا نصوره.

أما الأستاذ أحمد الجلاصي فأكد أن ثمة نوعين من المقاومة بالسينما، مقاومة في علاقة بالمواضيع التي يقع تناولها ومقاومة تتعلق بأشكال تناول هذه المواضيع، منوها بأن الأشكال التعبيرية القديمة أصبحت سلاحا يستعمله الآخر لذلك لا بد من تغيير أشكال السرد في تقديره، حيث أن السينما المتفردة هي تلك المتفردة في طريقة الطرح والتعبير عن الرؤى، موضحا أن أكبر أشكال المقاومة هو الخروج من الصندقة التعبيرية نحو أشكال جديدة.

من جهته، خصص إبراهيم بهلول مداخلته للحديث عن مسيرته المتنوعة والعلاقة بين تخصصه الموسيقي “الإيقاع” والبحوث التي قام بها، وانتقاله من الفن التشكيلي إلى المسرح وصولا إلى التأثيرات الصوتية والموسيقية المصاحبة للصورة في الأفلام السينمائية وتأثيراتها وفقا للغايات من استعمالها.

وتناول النقاش مواضيع تتعلق بضرورة تدريس الصورة وزاوية تناولها وكيفية قراءتها فضلا عن  كيفية ترويجها.

كما تطرق المشاركون إلى الصورة التي تنقلها القنوات الإخبارية وعلاقتها بالواقع ومدى تأثيرها على المتلقي، مشيرين إلى أن المباشراتية في هذه الصور تنفي عنها الجانب الفني ولكنها تنفي كذلك الجانب الإنساني نظرا لتسابق أصحابها على كسب أكبر عدد من المشاهدين سواء في القنوات التلفزيونية أو مواقع التواصل الاجتماعي.

كذلك نظمت التظاهرة عددا من الأنشطة منها مائدة مستديرة حول الوسائط الثقافية والفنية ودورها في السجون، وورشة تحت عنوان “مدخل إلى فن التصميم الرقمي” أطرها الأستاذ معز طابية، وورشة أخرى تحت عنوان “مدخل إلى الإخراج السينمائي” من تأطير الأستاذة ريم بن فرج، وورشة بعنوان “مدخل إلى الفوتوغرافيا” من تأطير الأستاذ أحمد الجلاصي، وماستر كلاس بعنوان “النقد والتحليل الفيلمي” قدمه السينمائي الناصر الصردي، إلى جانب عروض لأفلام وثائقية وروائية من تونس وفلسطين ولبنان والأردن وسوريا ومصر. ومن هذه الأفلام “اليد الخضراء” لجمانة مناع، و”غزة بالأبيض والأسود” لعرب وطرزان ناصر، و”طبق السردين” للمخرج عمر أميرلاي و”الحوض المنجمي قضية وطن” لنضال العازم و”بين ضفتين” لمحمود أحمد.

14