لجنة التحقيق تشتري الوقت لصالح الشرع لإظهار التزامه بحماية الأقليات

من غير المعروف ما إذا كان تشكيل اللجنة سينجح في تبديد مخاوف الناس، ومحاسبة من أذنبوا وعدم الاكتفاء بتقديم عدد من المقاتلين كأكباش فداء.
الأربعاء 2025/03/12
عيون الغرب عليه

دمشق – قالت لجنة التحقيق في جرائم استهداف في الساحل السوري، الثلاثاء، إنه لا أحد فوق القانون وإنها ستطلب من النيابة العامة اعتقال مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم إلى العدالة، في موقف يظهر رغبة واضحة في كشف حيثيات ما جرى. لكنّ مراقبين يقولون إن اللجنة بإطلاق هذه التعهدات تشتري الوقت لصالح الرئيس أحمد الشرع حتى يحسم موقفه؛ إن كانت إدارته جادة في حماية الأقليات أم أنها ستقوم بهجمات أخرى لتخويف السوريين ودفعهم إلى التسليم بحكمها كأمر واقع.

ويرى المراقبون أن المهم ليس إطلاق الشرع تصريحات يومية لإظهار التزامه بمعاقبة من ارتكبوا جرائم الانتقام الطائفي ولو كانوا مقربين منه. وسواء أكانوا أجانب أم سوريين، المهم هو عدم تكرار ما حدث على الأقل في المدى القريب، وهو ما يتعلق بطبيعة الموقف الذي يتخذه الشرع نفسه بقطع النظر عن الاتهامات الموجهة إلى التجاوزات التي حصلت من القوات الرديفة؛ قوات الإسناد التي تضم فسيفساء من المجموعات التي حاربت إلى جانب الشرع عل مدى سنوات، والتي يمكن أن تكون قوة عسكرية من أجانب أو من خليط من أجانب وسوريين.

ويجد الشرع نفسه أمام نقطة فاصلة خصوصا حيال “مرونة” الغرب الذي لا تزال شكوكه تصب في صالح الرئيس السوري الانتقالي وتعطيه وقتا لتبديد الغموض بشأن طبيعة الهجوم على الساحل السوري وتنفيذ عمليات انتقام ضد العلويين دون تفريق بين مدنيين ومسلحين، إن كانت عمليات التصفية مرتبطة بقرار مركزي أم بقرارات محلية من قادة ميدانيين.

المهم ليس إطلاق التصريحات لإظهار الالتزام بمعاقبة من ارتكبوا الجرائم، أجانب أم سوريين، المهم عدم تكرار ما حدث

وقال الشرع في مقابلة مع رويترز الاثنين إن بعض الجماعات المسلحة دخلت المنطقة دون تنسيق مسبق مع وزارة الدفاع. وأضاف أنه لا يستطيع حتى الآن القول ما إذا كانت قوات من وزارة الدفاع السورية، التي ضمت فصائل معارضة سابقة تحت هيكل واحد، متورطة في عمليات القتل الطائفية.

ورغم أن الرئيس السوري سعى إلى التغطية على ما جرى في الساحل السوري من خلال إبرام اتفاق مع الأكراد، وربما اتفاق آخر مع وجهاء السويداء في الساعات القليلة القادمة، إلا أن الموضوع لن يمر بسهولة وسيظل عنصر ضغط على الإدارة الجديدة في دمشق، وسيحتاج الشرع إلى الوقت لإثبات أن ما جرى ناجم عن انفلات “وتجاوزات” أو العكس بتأكيد أن المشكلة تكمن في الفكر الذي يقود هذه الإدارة التي ما زالت تحتفظ بهويتها الأولى، أي هيئة تحرير الشام كفصيل معبر عن تنظيم القاعدة.

وما يثير التساؤل أن “الانفلات” توقف في اللحظة التي قررت فيها الإدارة الجديدة وقف الهجوم في المناطق العلوية، ولم يستمر أحد في إطلاق الرصاص، على خلاف ما يعرف عادة لدى الجماعات المنفلتة التي تستمر في تنفيذ هجماتها ولا تتوقف إلا بعد وقت غير يسير.

وتزايدت الضغوط على الإدارة بعد ظهور تقارير من المرصد السوري لحقوق الإنسان تفيد بمقتل المئات من المدنيين في قرى أغلب سكانها من الطائفة العلوية، وشهادات على تنفيذ أجانب لمجازر في حق العلويين، وهو ما يزيد من مخاوف السوريين لأنه يحيلهم إلى تجارب مريرة مع هيئة تحرير الشام وحلفائها عبر التفجيرات الانتحارية والاغتيالات والاختطافات.

ونقل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تفاصيل كثيرة عن تعرضهم أو تعرض من يعرفونهم لهجمات نفذها مسلحون أجانب ينتمون إلى القوات الرديفة التي تشترك في الهجوم مع القوات الحكومية.

ولعل أبرز الشهادات تلك التي جاءت على لسان الممثلة السورية نور علي، حين روت ما حدث في منطقة جبلة بالساحل السوري، وقالت إنها تعرضت لإطلاق نار أثناء تصوير مجريات الأحداث في جوار منزلها، وإن مسلحين “اقتحموا البيوت: شيشان وأجانب وتكفيريين،” مضيفة بلهجة محلية “ناس انذبحت (أناس ذُبحوا) من كل الطوائف.”

ومن غير المعروف ما إذا كان تشكيل لجنة تحقيق سينجح في تبديد مخاوف الناس بعدم تكرار ما جرى، وخاصة بمحاسبة من أذنبوا وعدم الاكتفاء بتقديم عدد محدود من المقاتلين من درجات دنيا كأكباش فداء لتبرئة الإدارة ورئيسها وتبرئة الجماعات الرديفة وتجنيبها غضب الشارع.

وقال المتحدث باسم اللجنة ياسر الفرحان في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون “لا أحد فوق القانون. اللجنة ستقدم كل ما تصل إليه من نتائج إلى الجهة التي أصدرتها في رئاسة الجمهورية وإلى القضاء.”

وأكد الفرحان على “استقلالية اللجنة والتزامها بمعايير الحياد والموضوعية (…) بالإضافة إلى وضع برامج لمقابلة الشهود وكل من يمكنه المساعدة في التحقيق، وتحديد المواقع التي يجب زيارتها، ووضع آليات للتواصل مع اللجنة سيتم الإعلان عنها في القريب العاجل.”

وأضاف “سيتم الاستماع إلى الشهود بشكل مباشر… وسيحال كل من تقتنع اللجنة بأنه متورط… إلى القضاء.”

وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الثلاثاء إن عائلات بأكملها قُتلت بمنطقة الساحل السوري في أعمال عنف على أساس طائفي وقعت خلال عملية عسكرية شنها الجيش ضد مسلحين موالين لبشار الأسد.

 

اقرأ أيضا:

1