لجنة إعداد قوانين الانتخابات في ليبيا تعمل في أجواء تطغى عليها الشكوك

لجنة 6+6 تعتبر الفرصة الأخيرة لمجلسي النواب والأعلى للدولة لإثبات جديتهما لليبيين وللمجتمع الدولي في السير قدما في العملية الانتخابية.
الثلاثاء 2023/05/09
هل تؤول الكرة مجددا إلى باتيلي

طرابلس - تواجه لجنة 6+6 حملة تشكيك واسعة في إمكانية توصلها إلى توافق بشأن القوانين التي ستجرى بموجبها الانتخابات العامة في ليبيا، لاسيما مع أنباء تتحدث عن ضغوط يتعرض لها أعضاء اللجنة من قبل بعض الأطراف.

وبدأت اللجنة التي انبثقت عن التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري أشغالها في السادس من أبريل الماضي، وعقد أعضاؤها الاثنين اجتماعا مع رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وذلك في إطار المهام المنوطة بها.

وتعتبر هذه اللجنة الفرصة الأخيرة لمجلسي النواب والأعلى للدولة لإثبات جديتهما لليبيين وللمجتمع الدولي في السير قدما في العملية الانتخابية، قبل أن تؤول الأمور إلى المبعوث الأممي عبدالله باتيلي.

وحذّر عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة من أن أطرافا تضغط على اللجنة من أجل عدم إعداد قوانين الانتخابات، مضيفا أن تلك الأطراف تشمل “أعضاء بالمجلس الأعلى للدولة وسلطة الأمر الواقع في طرابلس (حكومة الوحدة الوطنية) وأذرعا مسلحة” لا يريدون إجراء انتخابات رئاسية.

جبريل أوحيدة: أطراف تضغط على اللجنة لعدم إقرار قوانين الانتخابات
جبريل أوحيدة: أطراف تضغط على اللجنة لعدم إقرار قوانين الانتخابات

وقال أوحيدة “لكن رغم ذلك لدينا أمل كبير في أن تتمكن لجنة 6+6 من إعداد قوانين الانتخابات، ولديها المرجعيات التي يمكن أن تعود إليها لإنجاز هذه القوانين، وحتى إن لم تعدّها، فيمكن أن تنجز اللجنة رفيعة المستوى المهمة أو بأيّ طريقة أخرى، والعملية الإجرائية لم تكن مشكلة أبدا المشكلة في تنفيذ الانتخابات وقبول نتائجها”.

وأكد أوحيدة أن هناك مرجعيات تستطيع اللجنة البناء عليها من قوانين سابقة صادرة عن مجلسي النواب والدولة، مع مراعاة التعامل بحكمة في عدم إقصاء أحد.

وشدد “نحن لا نستطيع تفصيل قوانين تقبل البعض وترفض آخرين… الأمر يتطلب حكمة وعدلا لكي تقبل الانتخابات والفيصل هو الشعب الليبي”، في إشارة إلى رفض مجلس الدولة ترشح مزدوجي الجنسية وهو موقف يستهدف أساسا قائد الجيش المشير خليفة حفتر، الذي يحمل الجنسية الأميركية.

وحول إمكانية سحب إعداد الانتخابات من لجنة 6+6 إلى لجنة رفيعة المستوى يشكلها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة باتيلي، أوضح أوحيدة أنه لن يكون سحبا بالمعنى المألوف، ولكن خطوة نحو تحقيق هدف الجميع وهو إجراء الانتخابات قبل نهاية العام، مضيفا “يفترض ألا تعجز لجنة (6+6) عن أداء مهمتها”.

وقال “الليبيون والمجلسان ينتظرون منها ذلك، ونأمل أن ينجزوا القوانين الانتخابية بالحد الأدنى من العدالة على الأقل، ودون تعطيل الانتخابات، وإن عجزوا عن ذلك سينعكس الفشل عليهم فقط، وستستكمل العملية بتكليف لجنة أخرى ربما فنية تختارها البعثة، وأنا عن نفسي أوافق على ذلك والليبيون يوافقون على ذلك وسيوافقون على الانتخابات إذا ما أنجزت بحكمة وعقلانية”.

وتتشكل اللجنة 6+6 مناصفة بين مجلس النواب والأعلى للدولة، وجاء تشكيل هذه اللجنة بعد أن لوّح المبعوث الأممي بسحب البساط من المجلسين، لفشلهما على مدار الأشهر الماضية في التوصل لاتفاق بشأن عدد من البنود الخلافية التي تتركز في ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية.

وكان باتيلي عرض مبادرة خلال جلسة إحاطة في مجلس الأمن الدولي في فبراير الماضي، تتضمن تشكيل لجنة رفيعة المستوى من مختلف القوى والمكونات الليبية، للاتفاق على القوانين الانتخابية.

وتراجع باتيلي عن المبادرة أمام ضغط مجلسي النواب والدولة، مانحا إياهما فرصة أخيرة تنتهي في يونيو المقبل للتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن القوانين الانتخابية، لكن الكثير من الليبيين لا يبدون متفائلين.

Thumbnail

وقالت الأكاديمية فيروز النعاس إنها لم تتوقع أبدا أن تتوصل لجنة 6+6 إلى اتفاق، بل إنها متيقنة من فشلها، واعتبرت في تصريحات صحافية أن “الهدف منها كسب الوقت لرئيسي مجلسي النواب عقيلة صالح وخالد المشري للبحث عن أسباب أخرى تبعد الانتخابات”.

وأضافت النعاس “هذان المجلسان لا يريدان انتخابات فعلا وما دامت البعثة الأممية والمجتمع الدولي يصران على أن الحل للأزمة الليبية يجب أن يمر من خلال هذين المجلسين فلن يقوما إلا بما يخدم غايتهما وهي الاستمرار في المشهد بكل الوسائل”.

من جهته قال أستاذ العلاقات الدولية مسعود السلامي إن اللجنة ولدت ميتة، فهي ولدت من رحم التعديل الدستوري الـ13 الذي شابه الكثير من المثالب، ولذلك فإن مهمتها أكبر من حجمها وقدراتها ولن تستطيع حتى إن خلصت نواياها أن تصل إلى هدفها في ظل المناخ الحالي.

وأضاف السلامي في تصريحات لوسائل إعلام محلية “لن يأتوا لنا بمعجزات لأن المعضلة كبيرة وطالما هناك طرف يصر على انتخابات رئاسية وفق قاعدة دستورية معينة، وطرف يفكر في اتجاه آخر، فهما يختلفان في كل شيء ويتفقان في مسألة المداورة وعملية بيع الوهم لليبيين، فلا مجلس النواب أو المجلس الأعلى للدولة أو حكومة عبدالحميد الدبيبة يريدون الانتخابات”.

واعتبر أن السيناريو الأقرب هو تشكيل لجنة رفيعة المستوى تتكون من فاعلين وأصحاب خبرات، وسيجرى تحييد مجلسي النواب والدولة أو اختيار أعضاء منهما بصفتهم الشخصية، وهذه اللجنة ستنال المشروعية على اعتبار أن باتيلي مسؤول عن اختيار أفرادها، وهو مفوض من الأمم المتحدة، وربما سيكون هناك دعم دولي وكل المعطيات الدولية ستدعم هذا التوجه.

وأضاف “وحتى لا نظلم لجنة (6+6)، فهي مرتبطة بخيوط مجلسي النواب والدولة وهما اللذان يديران اللجنة ولا يمكن أن نتصور أنها ستنشئ لنا قاعدة دستورية لن يوافق عليها رئيسا المجلسين عقيلة صالح وخالد المشري، وإذا قلنا إنه لا يوجد تدخل إقليمي أو دولي من وراء الستار فسنظلم تلك اللجنة”.

وشدد السلامي على أن “اللجنة رفيعة المستوى آخر خطوة ممكن أن نتكئ عليها ونحن ذاهبون إليها بالفعل، ولكن على باتيلي أن يختار أعضاءها بحكمة ويبتعد عن مجلسي النواب والدولة وعليه أن يمتلك الشجاعة لمخاطبة الليبيين فسيكونون جميعا معه”.

4