لجان حكومية مصرية لتطوير الإعلام والدراما بعد انتقادات السيسي

القاهرة - أعلن مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري عن تشكيل مجموعة عمل متخصصة لوضع رؤية مستقبلية للدراما والإعلام، دون تقييد لحرية الفكر والتعبير، عقب توجيهات رئاسية بأن تقوم الدراما بدور مع مؤسسات الدولة الأخرى في إعلاء القيم الأصيلة في المجتمع المصري، وعدم الاكتفاء بنشر “الغث والهزل”، وفق تصريحات للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في إفطار رمضاني قبل أيام.
وتعرضت الأعمال الدرامية المعروضة خلال شهر رمضان الحالي لانتقادات من الشارع المصري بسبب مشاهد عنف وبلطجة وعري وخروج عن قيم وعادات المصريين.
وأكد مدبولي خلال المؤتمر الصحفي الحكومي الأسبوعي أن بعض الأعمال الدرامية في شهر رمضان لا تعبر عن المعدن الحقيقي للمواطن المصري.
وتضم مجموعة العمل المتخصصة كل الجهات المعنية بملف الإعلام والدراما في مصر، وهي وزارة الثقافة والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للإعلام، وكذلك الشركات المعنية بعملية الإنتاج ومنها الشركة المتحدة، بالإضافة إلى نخبة من المتخصصين في هذا المجال، وكذلك أساتذة الجامعات والكتاب والمؤلفين والمخرجين والمتخصصين في علم الاجتماع وعلم النفس؛ حتى يتسنى وضع تصور علمي وموضوعي لمستقبل الدراما المصرية.
وأكد رئيس الحكومة في الوقت نفسه أن الأمر لن يقيد بأي حال من الأحوال حرية الإبداع والفكر، مضيفا “كل ما ننشده دراما تعبر عن الواقع المصري وتعالج قضايا المجتمع بحرفية، وتعزز القيم وتكرس الانتماء للدولة المصرية، وتعكس الهوية الحقيقية للشعب المصري.”
وذكر أن الدراما المصرية قدمت على مدار تاريخها أعمالًا شديدة التميز، مختتمًا “نرغب في تقديم أعمال على أعلى مستوى من التميز تعبر بصورة حقيقية عن المجتمع المصري، دون تقييد لحرية الإبداع والفكر، مع الحفاظ على ثوابت أخلاقية وحضارية.”
ونوه “بشأن الموضوع الذي لمسناه من كل ردود أفعال الأسر المصرية، تعليقا على المسلسلات والأعمال الدرامية، التي تعرض في شهر رمضان الكريم، حيث لفت نظرنا جميعا أن هناك تعليقات عن أن الأعمال التي عرضت خلال الشهر لا تعبر بأي حال من الأحوال عن المعدن الحقيقي للمجتمع المصري ولا الواقع المصري الحقيقي، حيث يتم تصدير المشهد كما لو كان المجتمع المصري هو ما يظهر بتلك الأعمال، ولذا فهناك توجيه من الرئيس سنعمل على تنفيذه فورا، يتمثل في تشكيل مجموعة عمل متخصصة لوضع صياغة ورؤية مستقبلية واضحة للإعلام والدراما المصرية، بما يسهم في تعزيز رسائلها الإيجابية تجاه الفرد والمجتمع.”
وترى الناقدة الفنية ماجدة موريس أن الحل يتمثل في عودة المؤسسات الوطنية، وعلى رأسها قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة وماسبيرو، إلى ممارسة دورها القديم في الإنتاج الدرامي.
وأكدت موريس في أول تصريح بعد توليها رئاسة لجنة الدراما بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، بهدف تقييم الأعمال الدرامية المعروضة، أن إعادة تشكيل اللجنة جاءت في التوقيت المناسب لإنقاذ الدراما المصرية، مشيرة إلى أن المجتمع لا يمكن اختزاله في مشاهد العنف والبلطجة التي تُعرض على الشاشة في الوقت الحالي.
الأعمال الدرامية المعروضة خلال شهر رمضان تعرضت لانتقادات من الشارع المصري بسبب مشاهد عنف وبلطجة وعري وخروج عن قيم وعادات المصريين
وشددت في تصريح لوسائل الإعلام المحلية على أهمية عودة الهيئة الوطنية للإعلام إلى الإنتاج الدرامي، مؤكدة أن أفضل الأعمال الدرامية المصرية خرجت من عباءة مؤسسات الدولة مثل شركتي “صوت القاهرة” و”مدينة الإنتاج الإعلامي” التابعتين لماسبيرو.
وأضافت أن مصر لديها التاريخ الحافل من الإبداعات الدرامية على يد الرواد من المخرجين والمؤلفين مثل نور الدمرداش ومحمد فاضل وأسامة أنور عكاشة، والتي خرجت جميعا من عباءة ماسبيرو.
وتعليقا على اعتزال المخرج محمد سامي قالت إن قراره جاء كرد فعل على الهجوم والنقد من الجمهور، مؤكدة أن أعماله ليست الأفضل من وجهة نظرها.
وعلى إثر توجيهات الرئيس السيسي تحرَّكت عدة مؤسسات في مصر لوضع معايير وإستراتيجيات للتعامل مع الدراما، وأعلنت الهيئة الوطنية للإعلام، برئاسة أحمد المسلماني، عن عقد مؤتمر بعنوان “مستقبل الدراما في مصر” المقرر خلال أبريل القادم بهدف مناقشة سُبل تطوير المحتوى الفني، بما يواكب التحديات المجتمعية، ويتماشى مع رؤية الدولة في تعزيز القيم الوطنية، كما أُعلن عن عودة الإنتاج الدرامي بماسبيرو بالشراكة مع مدينة الإنتاج الإعلامي.
من جهتها أعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وهي أكبر المؤسسات المنتجة للدراما في مصر وتقدم في الموسم الرمضاني الحالي 22 مسلسلاً، عن إنشاء لجنة تشكيلٍ للمحتوى تضمُّ نخبة من الشخصيات البارزة وأصحاب الخبرات في مختلف المجالات، بما يضمن التمثيل المتوازن لمختلف القطاعات والفئات، وتحقيق رؤية شاملة للارتقاء بالمحتوى الإعلامي.
وفي السياق ذاته قرر حزب الجبهة الوطنية، المحسوب على رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، تكليف الكاتب مدحت العدل ونقيب الممثلين أشرف زكي والممثل سامح الصريطي بدراسة “أزمة الدراما” وما آلت إليه، خاصة بعد تنبيه السيسي لخطورة ما يقدم على الشاشات وتأثيره على الأجيال.
وكشف رئيس الحزب الوزير السابق عاصم الجزار عن أن الدراما “لم تعكس التطورات التي جرت في الدولة المصرية من القضاء على العشوائيات والمناطق الخطرة، وتوفير حياة كريمة لسكانها كأحد مكتسبات الجمهورية الجديدة،” مستنكرا أن تختصر الدراما الجديدة المواطن المصري في الجريمة أو البلطجة.