لبنان يكشف للمرة الأولى عن حيازاته من الأصول السائلة

بيروت - كشف مصرف لبنان المركزي الخميس عن حيازاته من الأصول الأجنبية السائلة، في خطوة نادرة تأتي بعد أكثر من أسبوعين من تعيين وسيم منصوري في منصب القائم بأعمال محافظ البنك خلفا لرياض سلامة الذي انتهت ولايته الشهر الماضي.
وذكر البنك أن أصول البلاد السائلة بالعملة الأجنبية بلغت أكثر من 8.57 مليار دولار، بينما بلغت الالتزامات الخارجية 1.27 مليار دولار، وهو الكشف الأول للبنك عن هذه الأرقام.
وبحسب البيان تضاف إلى “السيولة النقدية قيمة محفظة سندات اليورو بوندز البالغة 387 مليون دولار من دون قيمة موجودات”.
ووفقا لحسابات رويترز التي استندت إلى أرقام البنك المركزي، فقد بلغ صافي الموجودات بالعملات الأجنبية في البلاد حوالي 7.3 مليار دولار.
ويعاني لبنان من أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ أواخر 2019 أثرت بشكل كبير على معظم القطاعات الاقتصادية والوضع المالي للدولة وفاقمت المعاناة المعيشية لسكان البلد الذين يبلغ تعدادهم حوالي 6 ملايين نسمة.
وقال منصوري في بيان أوردته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إن “هناك التزامات خارجية على المصرف يقتضي سدادها عند الاستحقاق من السيولة الخارجية”.
وشدد على التزام البنك والمجلس المركزي له بعدم الصرف من رصيد الاحتياطي إلا لسداد الالتزامات الخارجية.
وتتضمن الالتزامات الخارجية نحو 275 مليون دولار نقدي لحسابات القطاع العام بالدولار وثمانية ملايين دولار لحسابات القطاع المصرفي بالدولار ونحو 125 مليون دولار لرصيد حقوق السحب الخاصة المتوفر للاستعمال.
كما تشمل الالتزامات 96 مليون دولار اعتمادات مستندية مفتوحة من قبل البنك المركزي وحوالي 660 مليون دولار قروض لجهات عربية ونحو 106 ملايين دولار عبارة عن ودائع من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ورغم الانهيار المالي، يواصل المركزي، الذي كانت احتياطاته النقدية عند 36 مليار دولار قبل الأزمة، ولديه مخزون من الذهب حجمه 286.8 طنا بقيمة 15 مليار دولار، فتح اعتمادات للحكومة لتدفع مصاريفها من رواتب وشراء مواد أساسية.
وتسببت الهندسة المالية للبنك المركزي تحت قيادة سلامة منذ ثلاثة عقود في استنزاف الأرصدة الدولارية من البنوك المحلية بأسعار فائدة مرتفعة اعتبارا من عام 2015، للمساعدة في تمويل الدولة المثقلة بالديون.
الهندسة المالية للبنك المركزي تحت قيادة سلامة تسببت منذ ثلاثة عقود في استنزاف الأرصدة الدولارية من البنوك المحلية بأسعار فائدة مرتفعة
وخلص تدقيق أجري على مدار أشهر إلى أن البنك المركزي أخفى خسائر تقدر قيمتها بحوالي 76 مليار دولار جراء تلك الهندسة.
ويصف معارضو هذه السياسة بأنها “مخطط بونزي”، لأنها تعتمد على الاقتراض من جديد لتسديد الديون القائمة، لكن المركزي لطالما دافع عنها وأكد مرارا أن هذه “العمليات قانونية”.
وبفعل تراكم المشاكل انهار سعر صرف الليرة مقابل الدولار إلى مستويات متدنية، مما دمر القدرة الشرائية للبنانيين، الذين باتوا في دائرة الفقر المدقع مع اتجاه البلد إلى الاقتصاد المدولر.
وفقدت الليرة أكثر من 98 في المئة من قيمتها في السوق الموازية. وفي فبراير الماضي، خفض المركزي سعر الصرف الرسمي من 1500 ليرة الذي استمر عقودا إلى 15 ألف ليرة مقابل الدولار.
وحذر صندوق النقد الدولي في وقت سابق هذا العام من أن حالة عدم اليقين السائدة تشكل “الخطر الأكبر” على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في لبنان الذي أنهكته أزمات متعددة، في غياب تنفيذ إصلاحات ضرورية ومع استمرار الشلل السياسي.