لبنان يغرق في الظلام التام بعد توقف أكبر محطتي كهرباء بسبب الوقود

القاهرة - دخل لبنان في ظلام تام السبت بعد خروج أكبر محطتي كهرباء (معملي الزهراني ودير عمار) من الخدمة نتيجة نقص الوقود، وتدني إنتاج الطاقة إلى ما دون الـ270 ميغاواط.
وقال مصدر لبناني مسؤول السبت إن "شبكة كهرباء لبنان توقفت تماما عن العمل عند ظهر السبت، ومن المستبعد أن تعمل حتى نهار الاثنين القادم أو لأيام عدة".
وأضاف المصدر أن شركة كهرباء لبنان تحاول أن تستعين بمخزون الجيش من زيت الوقود لتشغيل إحدى المحطتين بشكل مؤقت، لكن ذلك لن يحدث قريبا.
ويرزح لبنان تحت وطأة واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث، ويعاني من تفاقم في نقص الوقود في الأشهر القليلة الماضية، ويعتمد أغلب اللبنانيين على مولدات خاصة تعمل بالديزل بالرغم من نقص المعروض للحصول على الكهرباء.
وفي غضون ذلك، أفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" بأن اتصالات جرت لتأمين إعادة التيار الكهربائي جزئيا إلى مختلف المناطق اللبنانية، عبر تزويد محطات الإنتاج بالفيول من الاحتياط المتوافر للضرورات القصوى، مشيرة إلى أن التيار الكهربائي سيعود تدريجيا خلال الساعات المُقبلة.
ومن جانبها، أشارت قناة "ال.بي.سي.آي" إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان تحاول إجراء المناورات لإعادة بناء الشبكة العامة يدويا، في ظل غياب مركز التحكم الوطني الذي تضرر كليا بسبب انفجار مرفأ بيروت.
إلى ذلك، أفادت مؤسسة كهرباء لبنان السبت بأنه "بعد توقف معمل دير عمار صباح الجمعة قسريا عن إنتاج الطاقة جرّاء نفاد مادة 'الغاز أويل'، توقّف أيضا معمل الزهراني قسريا ظهر اليوم للسبب عينه، الأمر الذي أدّى إلى انخفاض التغذية الإجمالية إلى ما دون 270 ميغاواط، ما انعكس مباشرة على ثبات واستقرار الشبكة وأدّى إلى هبوطها بشكل كامل من دون إمكانية إعادة بنائها مجددا في الوقت الراهن".
وأضافت المؤسسة في بيان أنّه "من المرتقب أن تصل مساء اليوم (السبت) شحنة مادة الفيول أويل، التي من المتوقع أن يتمّ تفريغ حمولتها في كلّ من خزانات مصبات الذوق والجية مطلع الأسبوع المقبل، وذلك بعد أن تقوم المديرية العامة للنفط بالتأكد من مطابقة مواصفاتها".
وأشارت إلى أنه فور ورود نتائج تحاليل العينات في مختبرات بدبي، سيتم استخدامها في معملي المحركات العكسية في الذوق والجية في محاولة رفع القدرة الإنتاجية لنحو 500 ميغاواط ريثما ترد الشحنة الثالثة من اتفاقية التبادل العراقية، والمحملة بمادة الغاز أويل والمرتقب وصولها في أواخر أكتوبر الحالي، حتى تتمكن عندئذ المؤسسة من تثبيت الشبكة الكهربائية.
وأكدت المؤسسة أنها تتواصل مع منشآت النفط في طرابلس والزهراني بهدف شراء جزء من كميات الغاز أويل المحدودة لدى تلك الأخيرة، إذا ما توفّرت لديها، من أجل إعادة تشغيل معملي الزهراني ودير عمار لأيّام محدودة فقط لرفع القدرة الإنتاجية مؤقتا إلى حدود 500 ميغاواط، وتثبيت الشبكة الكهربائية.
ولفتت إلى أن تسديد ثمن تلك الكميات سيكون بموجب قرض بقيمة مئة مليون دولار ما بين الحكومة اللبنانية ومصرف لبنان، الذي تبلغت المؤسسة من قبل جانب مصرف لبنان صباح الجمعة عن موافقة المجلس المركزي لمصرف لبنان عليه.
وفي الثالث والعشرين من سبتمبر الماضي حذرت مؤسسة كهرباء لبنان (حكومية) من انقطاع التيار عن جميع أنحاء البلاد إثر نفاد كامل المخزون المتبقي من الوقود.
ومنذ أكثر من شهر يشهد لبنان انقطاعا للكهرباء بشكل كامل عن أراضيه، حيث يتم تأمين التيار الكهربائي بمعدل ساعة واحدة يوميا في معظم المناطق.
وبات اللبنانيون يعتمدون بشكل أساسي على الخدمات المقدمة من المولدات الخاصة، التي ارتفعت أسعارها بشكل غير مسبوق. وباتت فاتورة المولدات الشهرية تساوي أضعاف الحدّ الأدنى للأجور في البلاد.
ويقول خبراء إن الحكومة الجديدة لا تملك خطة واضحة حول حل مسألة الكهرباء، ويجري البحث في الحصول على سلفة جديدة من الخزينة اللبنانية بقيمة 100 مليون دولار لتأمين الحدّ الأدنى المطلوب لتأمين ساعات قليلة من التغذية الكهربائية.
وكان وزراء الطاقة في كل من الأردن ومصر ولبنان وسوريا، أعلنوا في سبتمبر الماضي، الاتفاق على خارطة طريق من أجل تزويد لبنان، الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية، بالكهرباء مرورا عبر الأراضي السورية.
ومنذ مؤتمر المانحين الذي انعقد في باريس في 2018 أبدى البنك الدولي ودول غربية وعربية استعدادا لضخ المليارات من الدولارات لمساعدة لبنان على ترتيب أوضاعه المالية والبنية التحتية بدءا بالكهرباء، وذلك بشرط واحد أن تطبق بيروت إصلاحات من بينها إقامة هيئة تنظيمية للقطاع وتحديث الشبكة وزيادة الأسعار في نهاية المطاف إذ أنها لم تتغير منذ التسعينات من القرن الماضي.
وعلى مدار السنوات الأخيرة ظل المانحون يراقبون الوضع محبطين بينما انهار الاقتصاد اللبناني ولم تطبق أي إصلاحات وتجادل الساسة حول موقع بناء محطة كهرباء جديدة.
وكان السبب الرئيسي وراء كل ذلك هو الخلفية الطائفية والفئوية للنظام السياسي في البلاد التي يبلغ عدد سكانها ستة ملايين نسمة موزعين على مذاهب عديدة إسلامية ومسيحية.