لبنان يطلق قاعدة إلكترونية للمعلومات القانونية حول حقوق المرأة

وعي المرأة ومعرفتها بحقوقها وبالقوانين المنظمة لهذه الحقوق يسهل عليها التمتع بها وبممارستها، وهذا المبدأ دفع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية إلى إطلاق قاعدة للمعلومات القانونية الإلكترونية لحقوق المرأة، وتتضمن هذه القاعدة جمعا للبيانات والدراسات الخاصة بالنساء في لبنان، وكذلك نشر القوانين التي تهم المرأة من الناحية الأسرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، ما يسهل على المرأة الوصول إليها ومعرفتها وينشر الوعي بها في الأسرة والمجتمع. كما تسهل القاعدة الجديدة عمل القضاة والمحامين حيث تطلعهم على قضايا النساء والأحكام الصادرة فيها.
بيروت - أطلقت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية مؤخرا قاعدة للمعلومات القانونية الإلكترونية لحقوق المرأة، وتهدف قاعدة المعلومات التي نشرت على الموقع الإلكتروني التابع للهيئة، إلى نشر المعرفة القانونية في القضايا الخاصة بالنساء، ووضع التشريعات والدراسات والتقارير المتعلقة بالنساء في متناول الجميع، لتشكل المرجع القانوني الأول في ما يخص حقوق المرأة في لبنان.
ويعد إطلاق الهيئة لهذه البوابة الإلكترونية خطوة نحو تعريف اللبنانيات بحقوقهن وإطلاعهن على القوانين التي تنظم حياتهن وعلاقاتهن بدءا من قوانين الأحوال الشخصية وقوانين الأسرة والزواج والطلاق وغيرها مرورا بالجوانب الاقتصادية وقوانين العمل والجوانب السياسية، وتسهل قاعدة المعلومات القانونية الإلكترونية على المرأة الوصول إلى المعلومة التي تهمها ومعرفة القوانين التي تضمن لها حقوقها وتحدد واجباتها وهو ما يجعلها قادرة على الاستفادة من القانون للتمتع بحقوقها عبر معرفتها بها.
وتتضمن قاعدة المعلومات القانونية الإلكترونية لحقوق المرأة توثيق القوانين وربطها بالجريدة الرسمية، وربط القوانين بالاجتهادات القانونية، ونشر بعض الدراسات والآراء الفقهية، ونشر الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة، وأيضا توثيق بعض الأحكام القضائية، وتخصيص باب متعلق بالجمعيات المعنية بقضايا المرأة.
وتجهل غالبية النساء، ليس فقط في لبنان بل في جل المجتمعات العربية، التشريعات الضامنة لحقوقهن في شتى المجالات وإن عرفنها فإن البعض منهن لا يعرفن كيفية ضمان تنفيذ وتطبيق هذه القوانين وكيفية حماية أنفسهن ومصالحهن من خلالها، لذلك فإن هيئة شؤون المرأة اللبنانية ارتأت أن هذه القاعدة الإلكترونية من شأنها الرفع من الثقافة القانونية لدى النساء وكذلك لدى أفراد محيطهن الأسري والاجتماعي.
المرأة يجب أن تعرف القوانين المنظمة لحياتها في مواضيع الأحوال الشخصية، والاطلاع على هذه القوانين يزيد الوعي داخل الأسرة والمجتمع
واعتبرت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز، أن قاعدة المعلومات هذه متاحة للجميع لأن المعرفة بالقانون وتفسيراته تعد من أسس الحياة الديمقراطية والاطلاع على الحقوق ضرورة لا تستقيم من دونها العلاقات الاجتماعية السليمة. وأضافت “لطالما كانت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية مدركة لأهمية إطلاع النساء في بلدنا على حقوقهن القانونية”.
إن وصول النساء إلى تحقيق أهدافهن وطموحاتهن في جميع مناحي الحياة معرفتهن بالقواعد القانونية المنظمة للتعامل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، كما تفرض حمايتهن من العنف الذي قد يتعرضن له من أي طرف كان، يتطلب معرفتهن بقواعد تفعيل وتطبيق هذه الحماية للاستفادة من القوانين والتشريعات التي من شأنها محاسبة المعتدين ووضع حد لممارسات العنف.
وتعتبر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية أن إطلاع النساء على حقوقهن القانونية يجعلهن أكثر قدرة على القيام بالأدوار المتعددة التي يجب عليهن أن يقمن بها في المجتمع على الصعيد الشخصي كما على الصعيد الأسري والاقتصادي والثقافي والسياسي، وفق ما ورد على لسان رئيستها. فالمعرفة بالقوانين الناظمة للعمل مثلا تتيح للمرأة ممارسة عملها والتمتع بالحقوق التي يكفلها لها القانون ما يرفع لديها درجات الوعي بضرورة عدم قبول الممارسات التمييزية أو العنيفة ضدها، وخصوصا منها التي تمارس على أساس نوع الجنس.
وحين يعلم رؤساء المرأة العاملة وزملاؤها وكل المتعاملين معها أنها مطلعة على القوانين التي تمكنها من حماية نفسها أو أنه يمكنها بسهولة ومن خلال بوابة إلكترونية الاطلاع على تلك القوانين أو الاتصال بالمختصين القانونيين كالمحامين ومحاورتهم فإنه من الطبيعي أن تكون هناك مراعاة لهذه المعرفة والتزام بالحدود وهو ما من شأنه أن يخفض من وطأة التمييز واستغلال واضطهاد النساء في مواقع العمل.
وتوضح رئيسة الهيئة أنه على المرأة أن تكون على اطلاع على القوانين المعمول بها في الوظيفة العامة وفي إدارة الأعمال، وفي مجالات العمل والضمان، حسب حاجاتها، وهو ما تتيحه لها قاعدة المعلومات القانونية الإلكترونية لحقوق المرأة، وتشير روكز “كثيرا ما نرى أن النساء يعزفن عن الترشح لمناصب قيادية في المجال العام، أو في النيابة أو عضوية البلديات وحتى في عضوية المجالس النقابية بسبب عدم تحليهن بالجرأة لخوض معتركات ظلت لحقب طويلة حكرا على الرجال وبسبب عدم تملكهن من معرفة القوانين في هذه المجالات، أي لعدم معرفتهن بقواعد اللعبة”.
أما من الناحية الأسرية فتوضح روكز أنه لكي تنجح المرأة يجب أن تكون عارفة بالقوانين الناظمة لحياتها في مواضيع الأحوال الشخصية وقواعد الزواج والطلاق والإرث، والاطلاع على هذه القوانين لا يرفع فقط درجات الوعي لدى النساء بحقوقهن بل إنه يسهم في زيادة الوعي داخل الأسرة والمجتمع عموما حول حقوق النساء. كما يتيح للمرأة التعرف على حقوقها وواجباتها خصوصا بعد الزواج وعند تأسيس أسرتها الخاصة وهو ما يسهل عليها رسم الحدود بينها وبين الزوج في ما يخص واجبات وحقوق كل منهما تجاه الشريك والأبناء وهو ما من شأنه أن يقلص من حجم الخلافات والنزاعات الناجمة عن جهل أي طرف منهما بحقوقه وواجباته في الحياة الزوجية والأسرية.
من جانب آخر يسهّل جمع المراجع القانونية لحقوق المرأة في قاعدة واحدة، عمل رجال ونساء القضاء والمحاماة في تناولهم قضايا تتعلق بجوانب متشعبة من الحياة وترتبط بأحكام متفرقة من القوانين والاجتهادات القضائية والاتفاقيات الدولية الملزمة، وبالإضافة إلى النصوص القانونية، تتضمن قاعدة المعلومات نشر الأحكام القضائية الخاصة بحقوق المرأة في لبنان، وكذلك الدراسات الصادرة عن هذا الموضوع، الأمر الذي يسهل عمل المحامين والقضاة في هذا المجال.
ويرى المحامي راني صادر أن مشروع قاعدة المعلومات القانونية الإلكترونية لحقوق المرأة تدعم دور المرأة في الأسرة والمجتمع وترفع مستوى الثقافة القانونية لدى النساء والرجال وهي مجانية ومتاحة للجميع دون استثناء، كما أنها خطوة نحو تحقيق المساواة بين الجنسين ويضيف صادر “نفتخر بأنها قاعدة المعلومات القانونية الإلكترونية الأولى لحقوق المرأة في العالم العربي”.