لبنان يسعى لطمأنة دول الخليج وألمانيا بعد تحذيرات لرعاياهم

رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية يؤكد أن الوضع الأمني في بلاده لا يستدعي القلق والهلع، وأن الاتصالات السياسية والأمنية لمعالجة أحداث مخيم عين الحلوة قطعت أشواطا متقدمة.
السبت 2023/08/05
تحذيرات بعد انتهاء الاشتباكات المسلحة في مخيم عين الحلوة

بيروت – أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي اليوم السبت إن "الوضع الأمني بالإجمال لا يستدعي القلق والهلع"، بعد أن أصدرت ألمانيا ودول في الخليج تحذيرات جديدة من السفر في أعقاب اندلاع أعمال عنف.

وكانت سفارات السعودية والكويت وألمانيا قد حذرت في وقت سابق من ليل الجمعة/السبت رعاياهم من الوضع الأمني في لبنان، دون ذكر الأماكن التي تشهد نزاعات مسلحة، لكن اشتباكات عنيفة وقعت في الفترة السابقة بين حركة فتح ومجموعة إسلامية متطرفة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين (جنوب).   

وقال بيان صادر عن رئاسة الحكومة رئاسة الحكومة اللبنانية إن "ميقاتي تابع مع وزيري الخارجية عبدالله بوحبيب والداخلية بسام مولوي، التطورات المتصلة بالبيانات التحذيرية الصادرة عن سفارات السعودية والكويت وألمانيا لرعاياها في لبنان".

وأضاف أنه "بنتيجة البحث مع القيادات العسكرية والأمنية، أفادت المعطيات المتوافرة أن الوضع الأمني بالإجمال لا يستدعي القلق والهلع، وأن الاتصالات السياسية والأمنية لمعالجة أحداث مخيم عين الحلوة قطعت أشواطا متقدمة".

ولفت إلى أن "الأمور قيد المتابعة الحثيثة لضمان الاستقرار العام ومنع تعكير الأمن او استهداف المواطنين والمقيمين والسياح العرب والأجانب".

وقد كلّف ميقاتي وزير الخارجية بالتواصل مع الدول العربية لطمأنتهم إلى سلامة مواطنيهم في لبنان، حسب البيان ذاته.

كما طلب ميقاتي من وزير الداخلية دعوة مجلس الأمن المركزي للانعقاد للبحث في التحديات التي قد تواجهها البلاد في هذه الظروف الإقليمية المتشنجة، واتخاذ القرارات المناسبة لحفظ الأمن في كل المناطق اللبنانية.

ومنذ منتصف ليل الجمعة، انشغل اللبنانيون بالأسباب التي دفعت السفارة السعودية إلى الطلب من رعاياها مغادرة الأراضي اللبناني بسرعة، رغم أن البيان تضمّن حصرا الإشارة إلى تجنّب مناطق النزاعات، دون تحديدها.

وحذرت سفارة المملكة لدى الجمهورية اللبنانية- في بيان لها – "المواطنين السعوديين من التواجد والاقتراب من المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة، وطالبتهم بسرعة مغادرة الأراضي اللبنانية، وأهمية التقيد بقرار منع سفر السعوديين إلى لبنان، متمنية الأمن والسلامة للجميع".

ودعت السفارة المواطنين للتواصل في الحالات الطارئة على الأرقام الخاصة بالسفارة.

ومن المعروف أن ثمّة توصية سابقة بمنع سفر الرعايا السعوديين إلى لبنان، ويحصل تحديث دوري إعلامي لها، لاسيما في محطات سياسية وأمنية محتدمة.

ولم تتأخّر الكويت عن تحذير مواطنيها بدورها من دون أن يحمل البيان الذي نشرته وزارة الخارجية معطى "السرعة".

وقالت السفارة الكويتية لدى بيروت في بيان، إنها "تهيب بالمواطنين المتواجدين في الجمهورية اللبنانية التزام الحيطة والحذر والابتعاد عن مواقع الاضطرابات الأمنية في بعض المناطق".

كما دعت رعاياها إلى "التقيد بالتعليمات الصادرة عن السلطات المحلية المختصة".

وصباح السبت طلبت السفارة الألمانية من رعاياها في ‫لبنان الاتصال وتحديث بياناتهم وأماكن وجودهم والابتعاد عن أي منطقة اشتباكات.

والطلب الألماني تحديث دوري يجري كل عام، ولا يرتبط بأمر طارئ.

 لكن التقاطع بين تحذيرات السفارات أثار بلبلة لدى اللبنانيين، حيث تكاثرت التحليلات والتفسيرات، بين من اعتبر أنها جاءت على خلفية الاشتباكات المسلحة التي شهدها مخيم عين الحلوة، وبين من ذهب إلى أنها استباقا لسيناريو تصعيد إسرائيلي محتمل على الحدود خصوصا بعد الحرب الكلامية بين الأمين العام لحزب الله نصرالله ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الأيام القليلة الماضية.

ويرى بعض اللبنانيين أن التحذيرات قد تكون على خلفية أحداث مخيم الحلوة، خصوصا بعد راجت أخبار أن الجيش اللبناني يتحضر للتدخل العسكري لإنهاء الاشتباكات المسلحة داخل المخيم، لكنه نفى اليوم السبت هذه الأنباء.

وقالت قيادة الجيش اللبناني في تغريدة عبر حسابها على تويتر وفق ما ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية "تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي معلومات نقلا عن مصدر عسكري حول تحضير الجيش لتنفيذ عملية عسكرية في مخيم عين الحلوة".

وأضافت "يهم قيادة الجيش أن تنفي صحة هذه المعلومات"، وأكدت أنها "تتابع بدقة الوضع الأمني في المخيم"، مشددة على "ضرورة العودة إلى بياناتها الرسمية حصرا للحصول على المعلومات".

والإثنين الماضي، أغلق الجيش اللبناني، جميع مداخل مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين بعد تجدد الاشتباكات التي تدور منذ السبت الماضي، داخله بين مجموعات إسلامية وقوات الأمن الوطني الفلسطيني التابعة لحركة "فتح".

وأدت الاشتباكات التي استمر حتى مساء الأربعاء الماضي إلى مقتل 12 شخصا وإصابة أكثر من 60 آخرين، وفق مصادر طبية بمدينة صيدا جنوبي البلاد.

كما قلّل الإعلام اللبناني من سيناريو تصعيد إسرائيلي محتمل مع حزب الله، إذ أن المعطيات الأخيرة الخارجة من اجتماع رئيس الحكومة الإسرائيلية مع القادة الأمنيين بشأن التعاطي مع أنشطة "حزب الله" على الحدود لا تزكّيه.

ووفق هيئة البث الإسرائيلية "كان 11"، الخميس، فإن ميزان عدم التصعيد مع "حزب الله" بقي طايا، وسط انقسام الآراء بين الأمنيين، حتى أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال عن الخيمة، التي نصبها "حزب الله" قرب الحدود، إن "هذا حدث تكتيكي وليس استراتيجيا. الخيمة لا تشكل خطرا أمنياً".

وأضاف غالانت لن نسمح بانتهاك سيادتنا، لكننا سنفعل ذلك في الوقت الذي نختاره وبالطريقة التي نختارها. حدثت مثل هذه الاستفزازات في الماضي وسيكون هناك المزيد (من الاستفزازات) في المستقبل".

وفي يونيو الماضي، نصبت جماعة حزب الله خيمتين عند المناطق الحدودية جنوبي لبنان، أزالت إحداهما لاحقا، وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن الحزب أزال وأعاد نصب الخيمة الثانية، خلال الأيام القليلة الماضية أكثر من مرة، فيما يصفه الجانب الإسرائيلي بـ"الأنشطة الاستفزازية".

ووصف مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، الخيام التي أقامها حزب الله شمال الخط الأزرق بين الحدود الإسرائيلية اللبنانية بأنها "لعبة أطفال". وقال لإذاعة "كان - ريشت بيت"، إن الخيمة تتجاوز الحدود مسافة 27 مترا فقط.

ومع ذلك، أشار إلى أن الخيمة وكذلك سلسلة من أنشطة حزب الله الأخرى في الأشهر الأخيرة، بما فيها تفجير مجيدو وإطلاق وابل من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه مواقع إسرائيلية، هي علامة على "ضعف في سياسة ضبط النفس"، التي تبناها حزب الله منذ حرب يوليو 2006.