لبنان يسدل الستار على الانتخابات البرلمانية في الخارج وسط آمال في التغيير

وزارة الخارجية اللبنانية تعتبر مشاركة 60 في المئة من المغتربين في الاقتراع جيدة، مشيرة إلى أن أعلى نسبة كانت في سوريا والأدنى في العراق.
الاثنين 2022/05/09
فرصة للتغيير

بيروت - بلغت نسبة اقتراع المغتربين في الانتخابات البرلمانية اللبنانية المزمع إجراؤها داخل البلاد في منتصف الشهر الحالي نحو ستين في المئة، وفق أرقام أولية أعلنتها وزارة الخارجية الاثنين، وسط آمال في تغيير المشهد السياسي، بعد أن رسمت الأزمات المتلاحقة مسارا صعبا يمضي فيه لبنان وسط تخوفات من مصير مجهول.

وصوت حوالي 130 ألف مغترب لبناني من أصل 225 ألفا مسجلين في عملية الاقتراع في الخارج التي جرت الجمعة والأحد في 58 دولة، وفق التقديرات الأولية لوزارة الخارجية.

وكانت هذه المرة الثانية التي يُتاح فيها للمغتربين المخولين الاقتراع المشاركة في انتخاب النواب الـ128.

وخلال مؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية، أعلن السفير هادي هاشم من لجنة مراقبة انتخابات المغتربين "لدينا نسبة عامة بحوالي 60 في المئة في العالم كله، ما يعني أن 128 ألفا إلى 130 ألفا" شاركوا في عملية الاقتراع.

وقال هاشم إن "أعلى نسبة اقتراع كانت في سوريا، حيث وصلت إلى 84 في المئة والأدنى في العراق".

وأضاف "هذه نسبة جيدة جدا"، مشيرا إلى أن "الأرقام أولية، على أن تنشر الأرقام النهائية" في يوم الانتخابات في الخامس عشر من مايو.

وفي انتخابات العام 2018، الأولى التي شارك فيها المغتربون، بلغت نسبة مشاركتهم 56 في المئة، إذ صوّت نحو خمسين ألفا من إجمالي قرابة تسعين ألفا سجلوا أسماءهم.

وبكلتا الحالتين، يعتبر عدد المسجلين والناخبين ضئيلا، بالنظر إلى وجود الملايين من اللبنانيين في أنحاء العالم.

وفي سياق تقييم المرحلة الثانية من الانتخابات النيابية التي جرت الأحد، وثق مراقبو "الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات"، "لادي"، بعض المخالفات الانتخابية، وقد تفاوتت بين دعاية انتخابية في محيط العديد من مراكز الاقتراع، ما يشكّل خرقا للصمت الانتخابي، وتوجيه الناخبين من قبل بعض المندوبين والضغط عليهم.

وانطلقت المرحلة الأولى من انتخابات المغتربين الجمعة في 9 دول عربية إلى جانب إيران. ورغم تراجع نسبة الاقتراع في السعودية إلى 49.3 في المئة مقارنة بـ56.2 في المئة عام 2018، إلا أن عدد المقترعين ارتفع من 1792 إلى 6456.

واستكملت المرحلة الثانية من تصويت المغتربين في 48 دولة بينها الإمارات، التي باتت تعتمد الأحد عطلة نهاية الأسبوع، والتي خطفت الأضواء الانتخابية الأحد نظرا إلى الإقبال الكثيف على الاقتراع الذي تخطى الـ14 ألفا من أصل 25 ألفا.

ورغم الأجواء الساخنة ووجود مركزي اقتراع فقط، اصطف الناخبون بالمئات في طابور طويل حتى ساعات المساء للإدلاء بأصواتهم، في ظل أجواء احتفالية تنشد التغيير ورغبتها في إسقاط القوى السياسية التقليدية التي ساهمت في تهجيرها.

ونالت العاصمة الألمانية برلين، التي اقترع فيها أكثر من 7 آلاف ناخب، حصتها من الضجة "السياسية الإعلامية"، في ظلّ تحويلها من قبل ناخبي "حركة أمل" (بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري) إلى "الشياح البيروتية" أحد معاقلها وحليفها "حزب الله".

ووفق أرقام غير نهائية، تخطت نسبة الاقتراع في أوروبا حوالي 56.15 في المئة، ووصلت في أفريقيا إلى 50.89 في المئة، فيما لم تتجاوز 10.02 في المئة بأميركا الشمالية، و9.67 في المئة بأميركا اللاتينية.

وبعد انتهاء عمليات التصويت، بدأت عملية نقل صناديق الاقتراع بعد إقفالها بالشمع الأحمر عبر شركة شحن خاصة إلى لبنان لإيداعها المصرف المركزي، على أن يتم احتساب الأصوات في ختام الانتخابات.

والانتخابات البرلمانية هي الأولى بعد انتفاضة شعبية عارمة شهدها لبنان خريف 2019، طالبت بتنحي الطبقة السياسية وحمّلتها مسؤولية التدهور المالي والاقتصادي والفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة.

وينظر كثر إلى الانتخابات كفرصة لتحدي السلطة، رغم إدراكهم أن حظوظ المرشحين المعارضين والمستقلين لإحداث تغيير سياسي ضئيلة، في بلد يقوم على المحاصصة الطائفية وأنهكته أزمات متراكمة.

وعلى وقع الانهيار الاقتصادي ومع تدهور نوعية الحياة خلال العامين الماضيين، اختارت عائلات كثيرة وخريجون جامعيون جدد وأطباء وممرضون وغيرهم الهجرة بحثا عن بدايات جديدة، بعدما فقدوا الأمل بالتغيير والمحاسبة. ويعلّق المرشحون المستقلون والمعارضون آمالهم على أصوات هؤلاء.

وبحسب تقرير نشرته مبادرة الإصلاح العربي، وهي منظمة بحثية تتخذ من باريس مقرا لها، الشهر الحالي، فقد اختار ستة في المئة من الناخبين في الخارج العام 2018 مرشحين على قوائم المعارضة، في حين اختار 94 في المئة مرشحين من الأحزاب السياسية التقليدية.

وبعدما كانت الآمال معلقة على أن تترجم نقمة اللبنانيين في صناديق الاقتراع لصالح لوائح المعارضة ومجموعات جديدة أفرزتها الانتفاضة الشعبية، يرى خبراء أن قلّة خبرة خصوم السلطة وضعف قدراتهم المالية وتعذر توافقهم على خوض الانتخابات موحدين، تصب في صالح الأحزاب التقليدية.

وتجرى الانتخابات في غياب أبرز مكون سياسي سني بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الذي أعلن عزوفه عن خوض الاستحقاق.