لبنان يسارع لاحتواء الأزمة مع اللاجئين الفلسطينيين قبل أن تنفجر

لاجئون ينتفضون ردا على ملاحقة السلطات اللبنانية للعمالة الفلسطينية وسط مخاوف متزايدة من أن يؤدي الوضع إلى توترات اجتماعية تهدد السلم الأهلي في هذا البلد.
الخميس 2019/07/18
احتقان ينذر بانفجار

بيروت- أكّد وزير العمل اللبناني كميل أبوسليمان تقديم كل التسهيلات لحصول الفلسطينيين على إجازات عمل دون دفع أي رسوم عملا بالتسهيلات الممنوحة لهم في القانون.

وتأتي الخطوة في أعقاب موجة احتجاجات شهدتها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ردا على ملاحقة السلطات اللبنانية للعمالة الفلسطينية وإغلاق مصانع تعود لفلسطينيين ضمن الحملة التي أطلقتها وزارة العمل لمكافحة العمالة الأجنبية غير المرخصة.

وتلقى الوزير أبوسليمان اتصالا هاتفيا الأربعاء من نظيره الفلسطيني نصري أبوجيش تناول “أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان”، بحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لوزير العمل.

وأعرب أبوسليمان خلال الاتصال “عن تفهمه لمعاناة الشعب الفلسطيني وأكد تقديم كل التسهيلات اللازمة بما يتعلق بالمستندات المطلوبة لحصول الفلسطينيين على إجازات العمل كما ينص القانون اللبناني، وهي لا تكبدهم أي رسوم عملا بالتسهيلات الممنوحة لهم في القانون”.

يعيش 174 ألفا و422 لاجئا فلسطينيا في 12 مخيما و156 تجمعا فلسطينيا بمحافظات لبنان الخمس، ويمثل هؤلاء قرابة 11 بالمئة من العدد الجملي للسكان في لبنان

وكانت وزارة العمل اللبنانية قد أطلقت في 6 يونيو خطة لمكافحة العمالة غير الشرعية، وأعطت مهلة بشهر للمخالفين لتسوية أوضاعهم. ومن بين التدابير التي أقرتها الخطة إقفال المؤسسات المملوكة أو المستأجرة من أجانب لا يحملون إجازة عمل، وإلزام المؤسسات التجارية المملوكة لأجانب بأن يكون 75 بالمئة من موظفيها لبنانيين.

ومع انتهاء المهلة المعلنة انطلقت في 10 يوليو الجاري حملات تفتيش من قبل وزارة العمل بالتعاون مع مفتشي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبمساندة من قوى الأمن الداخلي.

ويمنع القانون اللبناني اللاجئين الفلسطينيين من ممارسة أكثر من 70 حرفة ومهنة، بالإضافة إلى فرض شروط مجحفة للحصول على إجازة عمل، وبالقرارات الأخيرة فإن هؤلاء سيكونون في وضع مأساوي.

وانتفض المئات من العمال الفلسطينيين طيلة الأيام الماضية ردا على تلك الإجراءات وسط مخاوف متزايدة من أن يؤدي الوضع إلى توترات اجتماعية تهدد السلم الأهلي في هذا البلد، خاصة مع وجود انفلات في السلاح في المخيمات.

وفي خطوة مقابلة لتخفيف حدة الاحتقان أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأربعاء، رفضه كل أشكال التصعيد مع لبنان. وقال عباس، لدى افتتاحه اجتماعا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في رام الله، إن “هناك عددا من القضايا التي تستدعي الحوار العاجل مع الإخوة اللبنانيين، لأننا نريد حل هذه القضايا بالحوار والمفاوضات، ونرفض التصعيد من أي جهة كانت”.

كميل أبوسليمان: سنقدم كل التسهيلات لحصول الفلسطينيين على إجازات عمل
كميل أبوسليمان: سنقدم كل التسهيلات لحصول الفلسطينيين على إجازات عمل

وأضاف “لذلك سيتم إيفاد عضو اللجنة التنفيذية عزام الأحمد لمتابعة هذه القضايا مع الإخوة اللبنانيين، ونؤكد رفضنا لكل أشكال التصعيد، لأن الأهم حل المشاكل وليس تعقيدها“. وأكد “العلاقات الأخوية مع الأشقاء في لبنان“.

ويوم الثلاثاء طالب عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبوهولي الدولة اللبنانية باستثناء اللاجئين الفلسطينيين من الحملة المذكورة.

وقال أبوهولي، في بيان، إن “القرار المتعلق بخطة مكافحة اليد العاملة غير الشرعية في لبنان له انعكاسات سلبية ومباشرة على حياة ومعيشة اللاجئين الفلسطينيين“. وأضاف “يجب مراعاة الدولة اللبنانية لخصوصية أوضاع اللاجئين الفلسطينيين باعتبارهم ضيوفا مؤقتين على الأراضي اللبنانية إلى حين عودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها عام 1948، والتعاطي مع العامل الفلسطيني اللاجئ من منظور خاص له وضعية قانونية بحكم الضيافة“.

ويعيش 174 ألفا و422 لاجئا فلسطينيا في 12 مخيما و156 تجمعا فلسطينيا بمحافظات لبنان الخمس، ويمثل هؤلاء قرابة 11 بالمئة من العدد الجملي للسكان في لبنان. ويعاني اللاجئ الفلسطيني في لبنان من وضع جد صعب نتيجة القوانين اللبنانية التي تحرمه من أبسط مقومات الحياة الطبيعية من شغل وصحة وتعليم، ولكن السلطة اللبنانية صعدت من ضغوطها في الأشهر الأخيرة عليه.

ويربط محللون هذه الضغوط بالمخاوف التي أحيتها الإدارة الأميركية من خلال خطتها لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني المعروفة بصفقة القرن والتي يشاع أنها تتضمن إسقاط حق العودة وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان المستضيفة.

ويقول المحللون إن التعاطي اللبناني من خلال التصعيد ضد الفلسطينيين الذين لا يملكون غير البقاء في هذا البلد، في ظل انسداد أفق الهجرة واستحالة العودة إلى الديار، من شأنه أن يخلق مفاعيل سلبية تهدد الأمن القومي اللبناني، في حضرة السلاح المنتشر بالمخيمات ووجود قوى متطرفة تتربص بأي اهتزاز في العلاقات الفلسطينية اللبنانية لاستقطاب الشباب الفلسطيني اليائس.

2