لبنان يراهن على الزخم الإيجابي في العلاقة مع الإمارات لتجاوز مطبات المرحلة الانتقالية

حالة من السيولة الإيجابية تشهدها العلاقة بين لبنان والإمارات، لاسيما بعد الزيارة التي قام بها الرئيس جوزيف عون إلى أبوظبي قبل نحو شهر والتي أثمرت جملة من التفاهمات.
أبوظبي - تشهد العلاقة بين لبنان والإمارات زخما لافتا هذه الأيام، وسط تطلع اللبنانيين لعودة قوية للدولة الخليجية إلى بلدهم، بعد سنوات من الانكفاء.
ويمر لبنان بمرحلة انتقالية صعبة تطلب دعما عربيا ولاسيما خليجيا لتجاوز مطباتها، وترسيخ سلطة قراره، بعد فترة طويلة من الوصاية الإيرانية عبر ذراعها حزب الله.
واستقبل الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الثلاثاء، رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، الذي يقوم بزيارة عمل إلى الإمارات يشارك خلالها في أعمال “قمة الإعلام العربي 2025” التي تعقد في دبي.
وتزامن اللقاء، الذي جرى في قصر البحر بأبوظبي، مع زيارة يؤديها وفد إماراتي إلى بيروت، وتأتي ترجمة للقمة اللبنانية-الإماراتية التي عقدت في وقت سابق من الشهر الجاري، وللاطلاع على حاجات الدولة اللبنانية وأولوياتها.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية (وام) أنه تم خلال لقاء الرئيس الإماراتي برئيس الحكومة اللبنانية “بحث العلاقات الأخوية ومختلف جوانب التعاون والعمل المشترك وإمكانيات تعزيزهما لمصلحة البلدين وبما يحقق تطلعات شعبيهما الشقيقين نحو التنمية والازدهار.”
وبحسب الوكالة، فقد استعرض الجانبان عددا من القضايا والملفات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، مؤكدين أهمية العمل على تعزيز أسباب الاستقرار والأمن والسلام في المنطقة لمصلحة جميع شعوبها وتنمية دولها.
وجدد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان التأكيد على موقف الإمارات الثابت تجاه وحدة لبنان وسيادته وسلامة أراضيه ودعمها كل ما يحقق الاستقرار والتنمية والازدهار لشعبه الشقيق.
من جانبه عبر رئيس الوزراء اللبناني عن شكره للرئيس الإماراتي وتقديره لموقفه الداعم للشعب اللبناني، مؤكداً الحرص على تعزيز علاقات لبنان مع دولة الإمارات في مختلف المجالات لما فيه الخير لشعبيهما.
ويولي العهد الجديد في لبنان أهمية خاصة للعلاقة مع دولة الإمارات بالنظر للثقل الإقليمي وحتى الدولي الذي تتمتع به الدولة الخليجية، والذي من شأنه أن يؤثر في مواقف عواصم كبرى لا تزال تتعاطى بحذر مع لبنان، وتتحفظ على دعمه بانتظار إيفائه بجملة من التعهدات، لعل في مقدمتها حصر السلاح بيد الدولة، وإجراء إصلاحات اقتصادية يطالب بها صندوق النقد الدولي.
ويواصل لبنان العمل على تنفيذ التزاماته لكنه ما زال في حاجة إلى المزيد من الوقت، فيما الوضع الاقتصادي للبلاد لا يتحمل، والبلد في حاجة لجرعات من الدعم الدولي والإقليمي.
وقال رئيس الحكومة اللبنانية في كلمة له في قمة الإعلام العربي في دبي، إن مشروع لبنان “يقوم على تلازم الإصلاح والسيادة التي تستوجب حصرية السلاح، أي أن نتحرّر من ثنائية السلاح التي كانت تؤدي إلى ثنائية القرار وضياع مشروع الدولة الوطنية.”
محمد بن زايد جدّد التأكيد على موقف الإمارات الثابت تجاه وحدة لبنان وسيادته وسلامة أراضيه ودعمها كل ما يحقق الاستقرار والتنمية والازدهار لشعبه الشقيق
وأضاف أن “بلدنا الذي أنهكته الانقسامات والحروب والوصايات، قرر أن يستعيد نفسه، أن يستعيد كلمته، أن يستعيد دولته،” وأكمل أن “رؤيتنا للبنان ليست خيالا، بل مشروعا واقعيا: دولة قانون ومؤسسات لا دولة محاصصة وزبائنية. دولة سيادة لا ارتهان. دولة قرار لا ساحة صراعات. إننا نريد لبنان الذي يمتلك قراره في السلم والحرب.”
وشدد سلام في مداخلته “نريد لبنان متجذرا في هويته وانتمائه العربيين، المنفتح على العالم القادر أن يكون جسر تواصل بين الشرق والغرب. واليوم بعدما عاد لبنان إلى العرب، فهو مشتاق إلى عودة أشقائه العرب إليه، عودة فاعلة قائمة على الشراكة والتكامل.”
ويرى متابعون أن زيارة سلام إلى الإمارات وقبلها الزيارة التي أداها الرئيس جوزيف عون، تعكسان رغبة صادقة في عودة لبنان إلى محيطه العربي بعد سنوات من العزلة تسببت فيها منظومة حزب الله.
ويشير المتابعون إلى أن التفاعل العربي ولاسيما الخليجي الإيجابي مع التحول الذي يشهده لبنان، سيشكل رافعة لاستعادة هذا البلد أنفاسه بعد أزمات قاسية مر بها.
وأعلن مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي عبدالله ناصر لوتاه، الذي يترأس وفدا إماراتيا إلى لبنان، الثلاثاء، أن زيارة الوفد تستهدف تحديد أطر الشراكة وتبادل المعطيات بين البلدين، مشيرا إلى أن بلاده ستكون إلى جانب لبنان في تحقيق ما يصبو إليه.
العهد الجديد في لبنان يولي أهمية خاصة للعلاقة مع دولة الإمارات بالنظر للثقل الإقليمي وحتى الدولي الذي تتمتع به الدولة الخليجية
واستقبل الرئيس اللبناني قبل ظهر الثلاثاء في قصر بعبدا، الوفد الإماراتي، الذي ضم القائم بأعمال سفارة دولة الإمارات في بيروت فهد الكعبي، والمدير التنفيذي للأداء والتميز الحكومي بمكتب رئاسة مجلس الوزراء إبراهيم سلمان، والمديرة التنفيذية لمكتب التبادل المعرفي الحكومي منال بن سالم، والمدير التنفيذي لقطاع الإحصاء وعلوم البيانات محمد حسن اهلي، والمدير التنفيذي للمشاريع الخاصة في مؤسسة دبي للمستقبل عامر العوضي.
كما ضم مدير إدارة التنمية والتعاون الدولي في وزارة الخارجية – المدير التنفيذي للعمليات في وكالة الإمارات للمساعدات الدولية راشد الحميري، والأخصائي الأول في وزارة الخارجية ماجد المسافري، والمدير الإقليمي في صندوق أبوظبي للتنمية عبدالله المنصوري.
وقال لوتاه خلال اللقاء “سنعمل على تقديم كل ما يعزز التعاون المشترك وفق تسهيلات واسعة وتوجيهات صدرت عن سمو رئيس الدولة.”
وأكد أن زيارتهم إلى بيروت هي ترجمة للزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس اللبناني إلى أبوظبي ولتجاوب رئيس الإمارات مع الرغبة في تفعيل العلاقات اللبنانية – الإماراتية. وتطرق الوفد إلى “أبرز المواضيع التي تهم لبنان وفي استطاعة دولة الإمارات تقديم الدعم فيها.”
من جهته، اعتبر الرئيس عون أن “الاهتمام الذي أبداه رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في دعم لبنان والذي عبر عنه خلال زيارته إلى أبوظبي، يؤكد على عمق العلاقة الأخوية التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين.”
وقال إن وجود الوفد الإماراتي في بيروت اليوم هو “الترجمة العملية لهذه العلاقة التي تنمو يوما بعد يوم، وهي مصدر شكر وتقدير الشعب اللبناني بكافة أطيافه.”