لبنان يحبط في ضربة استباقية مخطط إطلاق صواريخ نحو إسرائيل

بيروت - أعلن الجيش اللبناني اليوم الأحد عن إحباطه عملية إطلاق صواريخ من جنوب البلاد نحو شمال إسرائيل، وذلك بعد مداهمة استخباراتية مدعومة بوحدة عسكرية لشقة في منطقة صيدا-الزهراني جنوب البلاد.
ونتج عن العملية الأمنية الاستباقية ضبط صواريخ ومنصات إطلاق معدة للاستخدام، بالإضافة إلى توقيف عدد من المتورطين في التخطيط والتنفيذ، فيما كشفت مصادر لبنانية عن انتماء الخلية لحركة حماس.
وقال الجيش في بيان مقتضب عبر حسابه على إكس "توافرت لدى مديرية المخابرات معلومات عن التحضير لعملية جديدة لإطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة".
وتابع "على إثر ذلك، دهمت دورية من المديرية تؤازرها وحدة من الجيش شقة في منطقة صيدا - الزهراني (جنوب)، وضبطت عددا من الصواريخ بالإضافة إلى منصات الإطلاق المخصصة لها، وأوقفت عدة أشخاص متورطين في العملية".
وأكد البيان أنه تم تسليم المضبوطات إلى الجهات القضائية المختصة، وباشرت التحقيقات مع الموقوفين بإشرافها، للكشف عن ملابسات العملية وهوية الجهات التي تقف خلفها.
ولم يكشف بيان الجيش عن هوية عناصر الخلية ولا انتماءاتهم، إلا أن مصدر لبناني أكد لقناة العربية، أن "خلية الصواريخ التي ضبطها الجيش في الزهراني تتبع لحماس"، وهو ما يضيف بعدا جديدا للتوترات القائمة على الحدود الجنوبية.
ويمثل هذا التحرك الأمني الناجح من قبل الجيش اللبناني رسالة واضحة وقوية مفادها أن الدولة عازمة على بسط سيادتها الكاملة على أراضيها ومنع أي جهة غير مخولة، سواء كانت خلايا محلية أو فصائل إقليمية، من استخدام الأراضي اللبنانية كمنصة لتنفيذ عمليات تهدد الأمن الإقليمي.
ونوه رئيس الوزراء نواف سلام بالعمل "الاحترافي" للجيش، مؤكداً على أهمية "الأمن الاستباقي" لمنع توريط لبنان في حروب جديدة، وشدد على أن الدولة وحدها صاحبة الحق في امتلاك السلاح واتخاذ قرارات الحرب والسلم، معتبراً العمل المشترك بين الجيش والأجهزة الأمنية دليلاً على التزام الحكومة ببسط سيادتها الكاملة بقواتها الذاتية.
ويأتي الإعلان بعد أيام قليلة من كشف الجيش اللبناني، الأربعاء الماضي، عن توقيف مجموعة أخرى من اللبنانيين والفلسطينيين الذين تبين تورطهم في تنفيذ عمليتَي إطلاق صواريخ سابقتين باتجاه إسرائيل، وذلك بتاريخَي 22 و28 مارس الماضي.
وقد جرى توقيف المجموعة الأولى بين بلدتَي كفرتبنيت وأرنون - النبطية، والثانية في منطقة قعقعية الجسر – النبطية جنوب البلاد. مما يشير إلى تحرك جاد من قبل المؤسسة العسكرية لتقويض أي محاولات لاستخدام الأراضي اللبنانية كمنصة لتنفيذ هجمات إقليمية من قبل جهات غير رسمية.
وفي حينه، نفى "حزب الله" أي علاقة له باستهداف المستوطنات الإسرائيلية، بينما لم تعلن أي جهة أخرى مسؤوليتها عن تلك العمليات.
وكانت إسرائيل قد حمّلت الحكومة اللبنانية مسؤولية إطلاق الصواريخ، وردت بسلسلة غارات وقصف مدفعي استهدف بلدات في الجنوب ومنطقة في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وتأتي هذه الأحداث في سياق تأكيد متكرر من الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ووزراء على أهمية حصر السلاح بيد الدولة، وهو ما يمثل بندا رئيسيا في اتفاق وقف إطلاق النار الذي أرسى الهدوء بين إسرائيل وحزب الله بعد مواجهات دامت أشهراً وأدت إلى إضعاف الحزب بشكل كبير، خاصة بعد خسارته عدداً من كبار قادته الميدانيين والسياسيين.
ورغم ذلك، يرفض حزب الله الخوض في أي نقاش حول قضية سلاحه، مكتفيا بالإشارة إلى استعداده للحديث عن "الاستراتيجية الدفاعية" مع السلطات الرسمية، وذلك قبل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من كافة الأراضي اللبنانية.
على صعيد آخر، وعلى الرغم من سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله بوساطة أميركية، تواصل إسرائيل شن غارات على مناطق في جنوب لبنان وشرقه، بذريعة استهداف عناصر في الحزب ومنع ترميم قدراته العسكرية.
وقد أسفرت إحدى الغارات الإسرائيلية اليوم الأحد على سيارة في بلدة كوثرية السياد جنوب لبنان عن مقتل شخص وإصابة آخر بجروح، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.
ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على هذه الضربة حتى الآن، لكنه كان قد أعلن في الأيام الماضية عن تنفيذه غارات قال إنها استهدفت عناصر في حزب الله.
وكانت وزارة الصحة قد أفادت الجمعة بمقتل شخصين في غارتين إسرائيليتين جنوب لبنان، وأكد الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عنهما، مشيراً إلى أنه تم خلالهما "القضاء" على عنصرين.
وينص اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب مقاتلي حزب الله من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، وتفكيك بنيته العسكرية هناك، مقابل تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) قرب الحدود مع إسرائيل.
وفي المقابل، يطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لوقف هجماتها والانسحاب من خمسة مرتفعات أبقت قواتها فيها بعد انقضاء مهلة انسحابها في 18 فبراير بموجب الاتفاق.
ويمثل إحباط الجيش اللبناني لمحاولة إطلاق الصواريخ وتوقيف المتورطين خطوة مهمة في سبيل حفظ الأمن وسيادة الدولة، ويؤكد على جدية المؤسسة العسكرية في مواجهة أي محاولات لزعزعة الاستقرار واستخدام الأراضي اللبنانية كمنصة لتنفيذ هجمات إقليمية. إلا أن استمرار الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار وتجاهل قضية سلاح حزب الله يبقى تحديا كبيرا يواجه الدولة اللبنانية في سعيها لفرض سيادتها الكاملة على أراضيها.