لبنان يتراجع عن قرار حول سعر صرف الليرة أشعل احتجاجات

رياض سلامة: مصرف لبنان ليس مفلسا
الخميس 2021/06/03
لبنان ليس بخير

بيروت - أعلن حاكم مصرف لبنان الخميس أن لبنان سيستمر في السماح للمودعين بالسحب من حساباتهم الدولارية بسعر صرف ثابت عند 3900 ليرة للدولار.

وقال سلامة عقب اجتماع مع الرئيس اللبناني ميشال عون بقصر بعبدا لمعالجة موضوع سعر صرف الدولار، "تقرّر اعتبار التعميم 151 الصادر عن مصرف لبنان ما زال ساري المفعول، بما أن مصرف لبنان لم يتبلغ صورة صالحة للتنفيذ عن القرار الإعدادي لمجلس شورى الدولة بوقف تنفيذه، وتقدم بمراجعة لدى المجلس المذكور تضمنت عناصر إضافية جديدة لم تكن واردة في الملف".

وأضاف سلامة "التعميم رقم 151 لا يزال ساري المفعول ومصرف لبنان ليس مفلسا والمصارف ستعمل بموجب التعميم السابق بشأن سعر صرف الدولار، وقريبا سيصدر تعميم وسنبدأ بإعادة أموال المودعين".

وكان المصرف طلب من مجلس شورى الدولة مراجعة قراره منع المودعين من السحب بسعر الصرف الثابت، بعد أن أثارت هذه الخطوة احتجاجات مساء الأربعاء.

وأقدم عدد من الشبان عند تقاطع "الرينغ" وسط بيروت، على قطع الطريق الرئيسي لبعض الوقت، كما أشعل آخرون النار في وسط طريق "ساحة الشهداء" داخل العاصمة.

وعلى نفس الشاكلة قطع محتجون الطرقات الرئيسية في منطقتي "انطلياس" و"الذوق"، شمالي بيروت، وتربط تلك الطرق العاصمة بالمناطق الشمالية للبلاد، للسبب ذاته.

وفي طرابلس (شمال) قطع متظاهرون الطريق أمام مبنى المصرف المركزي في المدينة، وأشعلوا النيران احتجاجا على القرار، كما استنكر المحتجون المعاناة المعيشية التي يعانون منها جراء الأزمة الاقتصادية.

وأصدر المصرف المركزي الأربعاء قرارا طلب فيه من المصارف العاملة في لبنان تعليق سحوبات المودعين من أموال حساباتهم بالدولار على سعر 3900 ليرة لبنانية للدولار.

واستند المصرف في طلبه على قرار "إعدادي" (أولي) صدر عن مجلس شورى الدولة، وينص على وجوب التسديد لأصحاب حسابات الدولار بعملة الإيداع أي بالدولار، وليس بالليرة اللبنانية على سعر صرف 3900 ليرة للدولار.

وتضع المصارف اللبنانية قيودا على السحوبات بالدولار، وتسمح بسحبها بالليرة اللبنانية فقط، ووفق سعر صرف يبلغ 3900 ليرة، بناء على قرار سابق لمصرف لبنان، في وقت يبلغ سعر صرف الدولار في السوق الموازية نحو 13 ألف ليرة حاليا، ما يعني خسارة المودعين نحو 70 في المئة من قيمة أموالهم.

صورة

ولم يحدد المصرف المركزي بأي عملة سيتم تسديد الودائع إلى أصحابها، ووفق أي سعر صرف في حال كانت ستتم بالليرة اللبنانية، بعدما طلب وقف السحوبات وفق سعر الصرف 3900 ليرة للدولار.

وأيدت جمعية المودعين اللبنانيين قرار مجلس شورى الدولة، معلنة رفضها تسديد السحوبات من ودائع الدولار بالليرة اللبنانية، سواء وفق سعر صرف 1515 ليرة، أو 3900 ليرة.

وقالت في بيان عبر حسابها على تويتر إن "الوديعة تُدفع بنفس عملة الإيداع فقط، وليس بالليرة اللبنانية".

ويرى مراقبون أن ما يجري سياسي بامتياز، هدفه تشتيت الأنظار عن الأزمة السياسية والاقتصادية التي اقتربت من الانهيار الكبير عبر رفع الدعم وانقطاع الكهرباء والمس بالاحتياطي الإلزامي والفشل السياسي في تشكيل حكومة.

ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، اشتدت حدتها بعد انفجار مرفأ بيروت في شهر أغسطس الماضي، إذ كانت الليرة اللبنانية يجري تداولها بحرية في البنوك والمتاجر وأماكن أخرى عند 1500 مقابل الدولار، قبل أن تضرب الاقتصاد أزمة ديون في أواخر 2019.

ومنذ ذلك الحين، انخفض سعر الصرف في الشارع، إذ بلغ نحو 12800 اليوم. وتواجه البنوك حدودا على الأسعار التي تستخدمها، مع السماح ببعض العمليات عند 3900، ما يؤثر على سعر البنزين والأدوية والمنتجات والسلع المستوردة من الخارج.

وحذر البنك الدولي الثلاثاء من غرق لبنان في انهيار اقتصادي قد يضعه ضمن أسوأ عشر أزمات عالمية منذ منتصف القرن 19، وربما أشد 3 أزمات.

وتأتي توقعات البنك الدولي في غياب لأي أفق حل قد يخرج لبنان المتأزم اقتصاديا من واقع مترد يفاقمه شلل سياسي.

وتوقع البنك الدولي في تقرير جديد أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في لبنان، الذي يعاني من "كساد اقتصادي حاد ومزمن"، بنسبة 9.5 في المئة خلال عام 2021.

ومنذ عام ونصف العام تعصف أزمة اقتصادية حادة بلبنان، أدت إلى انهيار مالي غير مسبوق، وشح في المواد الأساسية كالأدوية والمحروقات، فضلا عن غلاء قياسي في أسعار السلع الغذائية.

وشهد لبنان في الأشهر الماضية سلسلة احتجاجات تندد بالانهيار المالي والواقع المعيشي، تخللتها أحيانا أعمال عنف وتحطيم واجهات بعض المصارف.