لبنان في وضع معقد مع تصاعد الضغوط الأميركية لحل مؤسسة القرض الحسن

بيروت - يجد العهد الجديد في لبنان نفسه في موقف معقد مع تصاعد الضغوط الأميركية المطالبة بحل مؤسسة القرض الحسن، التي تعرف بأنها الذراع المالي لحزب الله.
وتأتي الضغوط في وقت فرضت الولايات المتحدة، الخميس، عقوبات جديدة على مسؤولين بارزين في حزب الله، لدورهم في نقل أموال للحزب من مانحين خارجيين.
وكشفت أوساط إعلامية قريبة من حزب الله أن المفاوضات الجارية خلف الكواليس بين الدولة اللبنانية والحزب المدعوم من إيران، لم تعد محصورة فقط في الجانب المتعلق بنزع السلاح، بل طالت جوانب أخرى ومن بينها مؤسسة القرض الحسن.
وذكرت صحيفة “الأخبار” المحلية أن المعنيين بالحوار نقلوا أخيراً إلى الحزب “أجواء الضغط الأميركي في هذا الإطار، وبأنها ضغوط متزايدة، رغم أن مسؤولين في الدولة تحدّثوا إلى شخصيات في الإدارة الأميركية وشرحوا حساسية الأمر.”
وبحسب الصحيفة، فقد رد حزب الله على هذه الضغوط بأن “مؤسسة القرض الحسن جمعية لا تبغي الرّبح، وإن توسّعها جاء نتيجة للعقوبات والضغوط التي تعرّضت لها بيئة الحزب واهتزاز الثقة بالمصارف اللبنانية.” وشدد الحزب على أن “القرض الحسن له دور في تخفيف الأعباء عن الناس، حتى في موضوع الإيواء والترميم، واتّخاذ أي خطوة ضده قد يؤدي إلى انفجار في وجه الحكومة وزعزعة الاستقرار وهذا ما يجب أن يعرفه الأميركيون جيداً.”
ويرى متابعون أن موقف حزب الله كان منتظرا فهو لن يقبل بسهولة حل المؤسسة التي تشكل مصدرا مهما لتمويله، لاسيما مع تراجع أشكال الدعم الأخرى، فضلا عن كون المؤسسة تساهم بشكل كبير في ضمان ولاء الحاضنة الشعبية له، بالنظر لما تقدمه من خدمات اجتماعية واقتصادية.
وتأسست جمعية “القرض الحسن” في ثمانينيات القرن الماضي بموجب ترخيص صادر عن وزارة الداخلية اللبنانية، يمنحها صلاحية تقديم قروض ذات طابع اجتماعي.
الأشخاص المستهدفون بالعقوبات يقيمون في لبنان وإيران، وعملوا على إيصال أموال إلى حزب الله من مانحين خارجيين
وافتتحت الجمعية في البداية مكاتبها في عدد من المصارف اللبنانية في مناطق نفوذ حزب الله، حيث بدأت بمنح قروض صغيرة، لتوسع مع مرور الوقت نشاطها وتقدم خدمات مالية مشابهة للخدمات المصرفية، مثل استقبال الودائع ومنح القروض وإصدار بطاقات الدفع، وتوفير صرافات آلية، وهو ما يتعارض مع الترخيص الممنوحة لها.
ويقول الصحافي الخبير في الشأن الاقتصادي، خالد أبوشقرا، في تصريحات أن الجمعية تحولت تدريجيا إلى ما يشبه المصرف غير المرخص، لاسيما بعد تركيب أجهزة الصراف الآلي وتقديم قروض بمبالغ كبيرة سنوياً، بالإضافة إلى استقبال الودائع النقدية والذهبية ودفع أرباح عليها.
وقد فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على مؤسسة “القرض الحسن” عام 2007، وأعقبتها بعقوبات إضافية في 2021 طالت ستة من موظفيه بتهمة استخدام حسابات شخصية في مصارف لبنانية لتحويل أكثر من 500 مليون دولار إلى الجمعية، مما أتاح لها الوصول إلى النظام المالي الدولي.
ويرى المتابعون أن الإدارة الأميركية، تولي أهمية كبيرة لتجفيف المنابع المالية للحزب بقدر الاهتمام بنزع سلاحه، وبالتالي فإن الدولة اللبنانية أمام تحد كبير، حيث أن المماطلة أو التراخي في حسم ملف “القرض الحسن” سيعني رسالة سلبية عن عجز الدولة عن فرض سيادتها، وبالتالي غلق الأبواب أم أي دعم دولي للبنان هو في أمس الحاجة إليه، في المقابل فإن فرض قرار حل المؤسسة، قد يقود إلى مواجهة مع الحزب وحاضنته الشعبية لا يريدها العهد.
واستهدفت العقوبات الجديدة على حزب الله، الخميس اثنين من كبار مسؤوليه واثنين من القائمين بأعمال التسهيلات المالية لدورهم في تنسيق التحويلات المالية إلى الجماعة المدعومة من إيران.
وذكرت الوزارة أن الأشخاص المستهدفين يقيمون في لبنان وإيران، وعملوا على إيصال أموال إلى حزب الله من مانحين خارجيين. وقالت إن التبرعات الخارجية تشكل جزءا كبيرا من ميزانية الحزب.
وأوضح نائب وزير الخزانة الأميركي مايكل فولكندر إن الإجراء يُسلط الضوء على “الامتداد العالمي الواسع لجماعة حزب الله من خلال شبكتها من المتبرعين والداعمين للإرهاب، وخاصة في طهران.”
وأضاف “في إطار جهودنا المستمرة للتصدي لدعم إيران للإرهاب، ستواصل وزارة الخزانة الأميركية تكثيف الضغوط الاقتصادية على الشخصيات الرئيسية في النظام الإيراني ووكلائه الذين ينفذون هذه الأنشطة المميتة.”