لبنان المأزوم اقتصاديا يبحث إقرار برنامج مساعدات شهري للفقراء

الحكومة اللبنانية تدرس إنشاء بطاقة تمويلية تمنح نحو 750 ألف عائلة مساعدات مالية شهريا بالدولار الأميركي ولمدة سنة كاملة.
الاثنين 2021/06/07
نسبة الفقر في لبنان بلغت 55 في المئة عام 2020

بيروت - تسعى الحكومة اللبنانية إلى إقرار برنامج مساعدات مالية شهري لعائلات، بواسطة بطاقة تمويلية ستُوزع عليها، في وقت بات معظم اللبنانيين يرزحون تحت خط الفقر.

ويبلغ عدد اللبنانيين قرابة 4.2 مليون نسمة داخل البلاد، و1.3 مليون خارجها، ولا يتيح المشروع حصول العائلات المقيمة خارج البلاد على تلك البطاقة.

وبحسب مصدر مقرب من رئاسة الحكومة، فإنها "أعدت مشروعا ينص على دفع مساعدات مالية شهريا بالدولار الأميركي ولمدة سنة كاملة، من خلال بطاقة تمويلية ستُمنح لـ750 ألف عائلة لبنانية"، في حال وافق البرلمان على ذلك.

وأضاف المصدر مفضلا عدم الكشف عن هويته، أن "المعدل الوسطي لقيمة البطاقة سيبلغ شهريا 137 دولارا".

وقال إن "المبلغ الذي سيتم تقديمه شهريا بواسطة البطاقة شرط موافقة البرلمان، سيكون 53 دولارا كحد أدنى، و185 دولارا كحد أقصى، وذلك بحسب الوضع الاقتصادي والاجتماعي لكل عائلة".

والشهر الماضي أعلن رئيس البلاد ميشال عون أنه وقّع إحالة مشروع قانون "معجّل" أعدته الحكومة إلى مجلس النواب، يرمي إلى إقرار البطاقة التمويلية، وتأمين الأموال اللازمة لها.

ومن المرتقب أن يناقش البرلمان اللبناني مشروع الحكومة خلال وقت لاحق من الشهر الجاري، ثم يصوت النواب عليه بالموافقة أم لا، إذ تبلغ قيمة المشروع 1.235 مليار دولار.

وسيتم تأمين الأموال اللازمة للمشروع من الموازنة العامة للدولة، والبنك الدولي ودول مانحة (أجنبية وعربية)، حسب ما ينص مشروع الحكومة.

وتأتي هذه الخطوة من حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها حسان دياب، كخطوة تسبق عملية التوقف عما يعرف بـ "رفع الدعم" عن بعض السلع الأساسية، كالوقود والأدوية وسلع أخرى.

وفي أبريل الماضي ربط دياب رفع الدعم عن السلع بتطبيق برنامج "البطاقة التمويلية"، محذرا من أن توقف الدعم ستكون له تداعيات خطيرة على معظم شرائح المجتمع اللبناني.

والدعم هو تغطية الفارق بين سعر صرف الدولار الرسمي (1515 ليرة) والسوق الموازية (13 ألف ليرة حاليا) من قبل مصرف لبنان المركزي، من أجل استيراد السلع الأساسية، بغية الحفاظ على سعرها منخفضا في الأسواق.

وكانت قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار مستقرة طيلة 20 عاما عند حدود 1510، إلا أنها اهتزت لأول مرة في ديسمبر 2019 وبدأت تتدهور تدريجيا حتى وصلت إلى 13 ألف ليرة.

ويقول خبراء إن الدعم تسبب في استنزاف احتياطي العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي، حيث بلغت كلفته 6.2 مليار دولار خلال عام 2020.

وسجل احتياطي المصرف المركزي من العملات الأجنبية انخفاضا غير مسبوق منذ أواخر 2019 بسبب الأزمة الاقتصادية، ويبلغ حاليا 16 مليار دولار مقارنة مع أزيد من 30 مليارا سابقا.

والشهر الماضي قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إن "الاحتياطيات الأجنبية التي تستخدم للدعم، توشك على النفاد، وإن استخدام الاحتياطي الإلزامي لتمويل واردات السلع الأساسية سيكون صعبا من الناحية القانونية".

والاحتياطي الإلزامي هو مبالغ تمثل نسبة معينة من ودائع العملاء لدى البنوك، تكون محفوظة لدى البنك المركزي، ولا يتم استخدامها إلا في الحالات الطارئة، وبعد استنفاد رزمة من الخيارات الأخرى لتوفير السيولة.

وفي الحالة اللبنانية، تبلغ نسبة الاحتياطي الإلزامي 15 في المئة تم خفضها مؤخرا إلى 14 في المئة، من إجمالي الودائع، بينما بلغت في بلدان أخرى مثل الأردن 5 في المئة، وفلسطين 9 في المئة.

ورحب النائب عن حزب "التقدمي الاشتراكي" بلال عبدالله بمشروع الحكومة، مشيرا إلى أن سياسة الدعم فشلت في مساعدة الفقراء، وبالتالي فإن البطاقة التمويلية تعتبر بديلا علميا ومنطقيا.

وأضاف أن "30 في المئة فقط من أموال الدعم يستفيد منها الفقراء، أما الباقي فيذهب هدرا ويستفيد منه التجار ومهربو السلع إلى الخارج، ولذلك يجب رفع الدعم عن السلع باستثناء الطحين والوقود والأدوية".

وحذر عبدالله من أن استمرار تعثّر تشكيل حكومة جديدة، قد يصعّب تأمين الأموال اللازمة لتلك البطاقة من قبل الدول المانحة.

ورأى الخبير الاقتصادي باتريك مارديني أنه في حال لم تؤمن الأموال اللازمة من الدول المانحة، فإن استبدال الدعم بالبطاقة التمويلية لن يوقف هدر احتياطي العملات الأجنبية لدى المصرف المركزي.

وأضاف مارديني أن الحكومة لن تستطيع رفع الدعم من دون بديل، لأن ذلك سيسبب غضبا شعبيا واسعا، ولذلك تم طرح فكرة البطاقة التمويلية.

وارتفعت نسبة الفقر في لبنان عام 2020 لتصل إلى 55 في المئة من السكان، وفق لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا "إسكوا"، إلا أن التوقعات تشير إلى أن النسبة ستكون مرتفعة أكثر في 2021.

وتمرّ البلاد بأسوأ أزمة سياسية واقتصادية مع استمرار تعثر تشكيل حكومة جديدة برئاسة سعد الحريري، يتخللها انهيار مالي، وارتفاع التضخم إلى مستويات تاريخيّة.