لبنانيون غاضبون ينددون بمحاولات الانقلاب على تحقيق انفجار بيروت

بيروت – تجمع أكثر من 200 متظاهر أمام قصر العدل اللبناني الخميس احتجاجا على قرارات النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، التي يضعونها في خانة "الانقلاب على التحقيقات" في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع عام 2020، فيما يستعد مجلس القضاء الأعلى للانعقاد لمناقشة مصير التحقيق.
وأعلن طارق بيطار، قاضي التحقيق في الانفجار، الاثنين استئناف تحقيقه في الانفجار الذي أودى بحياة أكثر من 220 شخصا ودمر مساحات شاسعة من العاصمة، بعد تجميد استمر 13 شهرا بسبب شكاوى قانونية وضغط سياسي من مسؤولين كبار.
لكن النائب العام التمييزي غسان عويدات عارض هذه الخطوة قائلا إن بيطار ليست لديه الصلاحية لتجاوز الشكاوى القانونية. ووجه اتهامات لقاضي التحقيق، بينما أمر بالإفراج عن جميع المحتجزين السبعة عشر على ذمة التحقيق.
وأصدر عويدات الخميس قرارا إضافيا يطلب فيه من رئيس وموظفي قلم النيابة العامة التمييزية وأمانة سر النائب العام لدى محكمة التمييز، "عدم استلام أي قرار أو تكليف أو تبليغ أو استنابة أو كتاب أو إحالة أو مذكرة أو مراسلة أو أي مستند من أي نوع صادر عن المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ".
وعلّل عويدات الطلب "بكونه مكفوف اليد في هذه القضية وغير ذي صفة"، مما يشل قدرة بيطار على اتخاذ أي إجراء.
والانفجار هو أحد أكبر الانفجارات غير النووية المسجلة، ونجم عن تخزين مئات الأطنان من نترات الأمونيوم داخل المرفأ منذ عام 2013.
وتوافد أهالي ضحايا الانفجار ونواب في البرلمان ومواطنون على قصر العدل للمطالبة بالسماح لبيطار بمواصلة تحقيقه.
وحاول بعض المتظاهرين اقتحام القصر، لكن الأبواب كانت مغلقة وخاضعة لحراسة مشددة. وفي الداخل أغلقت مجموعة من قوات الأمن، كان أفرادها يرتدون الدروع والخوذات، مكتب عويدات.
وقال علي عباس، وهو محام شارك في الاحتجاج، "هذه فضيحة قضائية. أهالي الضحايا هم المظلومون، في ذلك استخفاف بهذه الجريمة".
وتعهد جورج بزدجيان، الذي قُتلت ابنته جيسيكا عندما دمر الانفجار المستشفى الذي كانت تعمل به ممرضة، بأن تستمر العائلات في الاحتجاج لدعم بيطار، وقال "ليس لدينا ما نخسره، خسرنا الغالي عندنا".
ومن المقرر أن يجتمع مجلس القضاء الأعلى في لبنان بعد ظهر الخميس لبحث تطورات التحقيق في انفجار المرفأ.
ونقل تلفزيون النهار اللبناني عن مصدر قضائي وصفه بالرفيع قوله إن بند تعيين قاض رديف للمحقق العدلي طارق بيطار في ملف انفجار المرفأ غير مطروح على جدول أعمال مجلس القضاء الأعلى.
وأضاف المسؤول القضائي أن "بعض أعضاء مجلس القضاء يرفضون الاجتماع تحت وطأة ضغط الشارع وتدخل نواب".
وقالت عائلات الضحايا إنها تخشى أن يقرر كبار القضاة في البلاد عزل بيطار من القضية أو تعيين قاض آخر معه من شأنه أن يضعف سلطة بيطار.
وقال بيطار لرويترز الأربعاء إن عويدات "ليس له الحق" في توجيه اتهامات أو الإفراج عن المحتجزين لأن عويدات نفسه ضمن المتهمين بخصوص الانفجار.
وأصدر عويدات أيضا أمرا بمنع سفر بيطار، بالإضافة إلى قرار يقول إن القاضي لا يملك صلاحية استئناف التحقيق. واطلعت رويترز على الوثيقتين.
وتسببت أحدث التطورات في حالة من الشد والجذب في القضاء اللبناني الذي يخضع للنفوذ السياسي، إذ يحدد الساسة الكثير من التعيينات القضائية، كما تهدد الأحداث أيضا بإثارة توترات أوسع بين الجهات السياسية الفاعلة وفي الشوارع.
وقال رئيس الوزراء بحكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي في وقت متأخر من مساء الأربعاء، إن الانقسامات في الهيئة القضائية تنذر "بتداعيات خطيرة" إذا لم يعمل المعنيون على حل تلك المعضلة بحكمة.
وتزامنا مع التحرك الاحتجاجي، اجتمع وفد كبير من نواب التغيير والمعارضة مع وزير العدل هنري خوري داخل مكتبه في الوزارة، لمطالبته باتخاذ قرار إداري كوزير للعدل حيال الانشقاق العمودي الذي حصل في العدليّة، كما دعوه إلى التحرك فورا من أجل وضع العمل القضائي على السكة الصحيحة.
وخلال الاجتماع وقع إشكال بين عدد من مرافقي خوري وبعض النواب، تطور سريعا إلى عراك واشتباك بالأيدي، ليخرج عدد من النواب من الاجتماع مؤكدين تعرضهم للضرب والاعتداء من مرافقي وزير العدل.
وقال النائب وضاح الصادق عبر حسابه على تويتر "تعرّضت للاعتداء من قبل مرافق وزير العدل الآن في مكتبه".
وأكد النائب أديب عبدالمسيح عملية الاعتداء قائلا "مرافقو وزير العدل اعتدوا عليّ بالضرب أنا والنائب وضاح صادق، ونطالب وزير العدل فورا بالاستقالة".
وأضاف "المضحك المبكي أن اجتماعنا حصل في قاعة اسمها 4 آب (أغسطس) وحين رُفع صوتنا على خلفيّة طلبنا من وزير العدل أخذ قرار إداري حيال الانشقاق العمودي الذي حصل في العدلية، رفع الوزير صوته وفجأة هجم علينا حرّاسه وضربونا".
وأفاد تلفزيون "الجديد" المحلي، نقلا عن مصادر قضائية، بأن ما حدث في وزارة العدل هو أن النائب وضاح الصادق بدأ يصرخ على وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري، الذي كان يستقبله مع بقية نواب المعارضة والقوات والتغيير في قاعة 4 آب (أغسطس) في الطابق الرابع في وزارة العدل، فطلب منه مستشار الخوري القاضي إيلي الحلو الهدوء، ليرد الصادق بدفعه، وعندها تدخل مرافقو الوزير.