لباس نائبة في البرلمان قضية رأي عام في تونس

تتعرض نائبة تونسية، تعد من أشرس المدافعات عن مدنية الدولة، إلى حملة موجهة ضدها بسبب لباس ظهرت به في مناسبة رسمية ما فتح النقاش في تونس بشأن حرية اللباس، وهو ما يعكس صراعات سياسية واجتماعية.
تونس - لا حديث في تونس هذه الأيام سوى عن فستان نائبة بالبرلمان، حتى أن الأمر أصبح “قضية رأي عام” شغلت الأوساط السياسية، ومواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت النائبة عن حركة “مشروع تونس” نادية زنقر، قد رافقت وزير التربية في مستهل السنة الدراسية في 15 سبتمبر 2018 إلى إحدى المدارس بمحافظة نابل، شمال شرق العاصمة، مرتدية فستانا رأى فيه كثيرون اعتداء على الذوق العام.
وتضاعف الجدل بعد أن بررت النائبة ارتداءها لهذا الفستان، كونها أرادت من خلاله استفزاز حركة النهضة، إثر اتهامها لبعض النواب المنتمين إلى الحركة بتوجيه انتقادات للباسها داخل مجلس النواب، وذلك في تصريح لها عبر راديو “ماد” المحلي.
كانت النائبة قد كتبت قبل الحادثة تدوينة عبر حسابها على فيسبوك، في 13 سبتمبر 2018، اتهمت خلالها بعض نواب النهضة بالتعدي على حريتها الفردية، وحثها على ارتداء لباس محتشم. وأكدت:
Nadia Zangar @
قلتلكم ما يصفاوش وعمرهم ما يتبدلو.. بلغني أن نوابا من حزب النهضة منزعجون من لباسي ويرون أنه غير محتشم رغم أنهم على بينة من أن الدستور الذي شاركوا في وضعه يكفل الحريات الفردية وحرية الضمير. ولكن تفكيرهم لم ولن يتغير على ما يبدو مهما وضعنا من قوانين. بعضهم لم يتوقف عند حدود الانزعاج، بل أرسل لي من الزملاء من يدعوني إلى أن “أستر روحي”. البعض الآخر يذكر أنه من شدة ورعه غادر قاعة الجلسات..!
وأضافت:
Nadia Zangar @
لم يهتموا بمداخلاتي ولا بالعمل الذي أقوم به داخل المجلس وخارجه، لم يهتموا بأدبي واحترامي للجميع أيا كان لباسهم، فالمرء لا يقاس عندي باللباس بل بمعاملاته مع الآخرين، فهل من حقي أن أقول إن ملابسهم لا تعجبني؟ لا أرى ذلك من حقي، تلك حريتهم الفردية!
وانقسم مستخدمو فيسبوك، الموقع الأكثر شعبية في تونس، بين مدافع عن النائبة ومنتقد لها.
وكان ملاحظا أن النائبة تعرضت لحملة موجهة شعارها التشويه والسخرية من بعض الصفحات المحسوبة على الحركات الإسلامية.
واعتبر معلق:
Malek Souissi@
نائبة خدامة (تعمل بجد) تدافع عن قناعاتها وعن مصالح من انتخبها أقلقت الخوانجية.
وقال آخر:
Lotfi Rhayem@
حملة تتعرض لها النائبة المحترمة كانت “ضحية” عفويتها وبساطتها وتلقائيتها… موضوع اللباس أخذ أكثر من حجمه… لا ننكر أنه “بروتوكوليا” موش لبسة زيارة رسمية… أما تولي المسألة “قضية الساعة” وتنسينا في كل المشاكل التي نعانيها… ويتم “اختزال” معرفتنا بالسيدة نادية في لباسها… ما لا تعرفونه أن هذه النائبة من أشرس المدافعات على مدنية الدولة وقضايا التنمية في تونس… كل الدعم سيدتي الكريمة…
وكتب صحافي:
Moez Elbey Journaliste@
النائبة نادية زنقر أعرفها معرفة شخصية وادعي أن النقاش معها مثر ومميز، هل كلفتم أنفسكم مشقة النظر إلى أفكارها بدل أعضائها؟
وقالت الباحثة رجاء بن سلامة:
Raja Ben Slama@
ارحموا من أخطأ.. ولم يضرّ غيره امرأة لم يكن لباسها لائقا بمسؤولة حسب تقدير الكثيرين.
طيّب. لنفترض أنّها أخطأت، لماذا تنهالون عليها وتنشرون صورتها وتعيدون النّشر من باب التشفي؟ هل أجرمت في حق البلاد؟ هل سرقت أموال الدّولة؟ هل تهرّبت من دفع الضّرائب أو هرّبت أموالها؟ اهتمّوا بالمجرمين المفلتين من العقاب فذلك أولى. اهتمّوا بالقوانين التي تنتظر المصادقة وبالمحكمة الدستورية التي لم تنشأ بعد، ويا للعار، وبالبرلمانيين الذين ثبت فسادهم ويتمتّعون بالحصانة، ويا للعار…
يذكر أنه بعد ثورة 14 يناير حدث تغيّر واضح في المنظومة المجتمعية للبلاد، مع بروز “اللباس الديني”. ولم يعد اللباس شكلا من أشكال الحرية، على اعتبار أنه لم يعُد قماشا للستر فحسب، بل أصبح أيضا خطابا له دلالاته السياسية والأيديولوجية والدينية.
ويعتبر مهتمون بالشأن التونسي أنّ الحجاب تحوّل إلى علامة بارزة في شوارع تونس. وبعد أن تحجّبت العاملات في الحقول والمصانع والموظفات بالقطاع الخاص، زحف الحجاب على مصالح القطاع العام (المدارس والجامعات ومختلف الإدارات والمصالح العمومية…).
وتلقى ظاهرة التحجب من جانب آخر انتقادا واسعا يتردد صداها على فيسبوك الموقع الأكثر شعبية في تونس بأكثر من 5 ملايين مستخدم.
ويقول ناشط إن “ظاهرة الحجاب في تونس لا ينبغي تناولها بصفة معزولة وكأنها ذات طابع لباسي بحت أو حتى اجتماعي بحت”، معتبرا أن “الحجاب ظاهرة دينية بامتياز حولت شوارع تونس إلى فضاءات يسجل التوجه الديني حضوره فيها بقوّة”.
وكانت الباحثة التونسية رجاء بن سلامة سبق أن أكدت أن انتشار الحجاب “قد يهدّد الحقّ في عدم التّحجّب” وتخشى أن يتحوّل هذا اللباس مع مرور الوقت إلى “فريضة لا تفرضها الدّولة كما في بعض البلدان بل يفرضها المجتمع”.
وتعتبر الباحثة أن الحجاب “تصحبه ثقافة تكرّس أنماطا علائقية منافية لحقوق المرأة، منها الدعوة إلى تعدد الزوجات وطاعة المرأة لزوجها، وغير ذلك من الأمور المنافية للمساواة والكرامة البشريّة”.
وكتبت متفاعلة:
Hajer Lassoued@
زادت مجتمعاتنا تأخرا بعد أن أصبحت المرأة هاجسهم، فمن يرى غير ذلك هات لنا دليلا على أننا أصبحنا أكثر رقيا من الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات؟
يذكر أنه كنوع من “المقاومة” أدت فائزات في الانتخابات البلدية الماضية القسم دون حجاب، وهو ما أثار انتقادات كبيرة ضدهم.
وقالت معلقة عن ذلك:
Samira Debbabi@
التونسية ليست عورة، وارتداء “الحجاب” من عدمه ليس هو المحدد، كفى نفاقا ومسرحيات.