لا مدن آمنة للصحافيين في العراق

بغداد- لم يختلف عام 2021 كثيرا عن الأعوام السابقة في تسجيله أعدادا مرتفعة من الانتهاكات المسجلة ضد حرية العمل الصحافي في العراق، على الرغم من الوعود التي قطعها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بشأن حرية الصحافة.
وسجلت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق (PFAA) خلال هذا العام 233 حالة اعتداء طالت الصحافيين والصحافيات على حد السواء، وفي أغلب المدن العراقية تضمنت حالات اغتيال واختطاف، وهجمات مسلحة طالت صحافيين ومؤسسات إعلامية، وتهديد بالقتل والتصفية الجسدية، وإصابات، ورفع دعاوى قضائية وأحكام صادرة وأوامر مذكرات القبض، واعتقال واحتجاز، واعتداء بالضرب ومنع وعرقلة التغطية، فضلا عن إغلاق وسائل إعلام وتسريح عاملين.
وسجلت أغلب الانتهاكات خلال شهر نوفمبر والذي تزامن مع الاحتجاجات الطلابية في مدن إقليم كردستان، التي شهدت تسجيل 40 حالة انتهاك من مجموع الانتهاكات البالغ عددها 233 حالة.
كما سجلت الجمعية محاولة اغتيال واحدة، وحالة خطف واحدة، و139 حالة اعتداء بالضرب ومنع وعرقلة تغطية، و34 حالة اعتقال واحتجاز، و15 حالة إغلاق قنوات وتسريح عاملين تعسفيا، وتسجيل 13 إصابة لصحافيين أثناء أداء مهامهم.
وشهدت العاصمة بغداد أعلى عدد من الانتهاكات خلال العام، بتسجيلها 66 حالة انتهاك، وجاء إقليم كردستان العراق بالمرتبة الثانية بتسجيل 53 حالة انتهاك، وكركوك بالمرتبة الثالثة حيث سجلت 35 حالة.
والملفت أن منطقة إقليم كردستان التي عدت منطقة آمنة يلجأ لها الصحافيون الفارون من مناطقهم على وقع تهديد الجماعات المسلحة بعد احتجاجات أكتوبر 2019 لم تعد كذلك وهو ما يدعو وفق الجمعية إلى إعادة النظر بشأن حرية الصحافة في البلاد بصورة عامة.
وقالت المنظمة إن هناك محافظات لم تسجل حالات انتهاك، ويعود ذلك إلى تهجير الصحافيين منها على وقع التهديدات والملاحقات، وتركهم محافظاتهم بعد احتجاجات أكتوبر 2019.
ويحتل العراق المرتبة 163 عالميا وفقا لمؤشر حرية الصحافة الذي أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود في عام 2021، وهو في المركز الخامس عشر عربيا، بعد الصومال والسودان، وقبل الجزائر.

هجمات مسلحة طالت صحافيين ومؤسسات إعلامية
ولاحظ التقرير صمتا مطبقا، يشي بمزاج سياسي ساع لتضييق مساحات حرية التعبير والصحافة، وذلك من خلال ارتفاع حالات المنع من التصوير والتغطيات الصحافية لمختلف الأحداث في البلاد، من قبل مختلف أصناف القوات الأمنية والجهات الرسمية الحكومية.
وأكد التقرير أن عدم وجود إجراءات حقيقية من قبل القائد العام للقوات المسلحة أو وزير الداخلية أو العمليات المشتركة لتحسين أداء وتعاطي العناصر الأمنية مع الصحافيين، يؤشر هو الآخر إلى مستوى قبول لدى السلطات باستمرار القمع والاحتجاز والمنع، لعدم تنامي الأثر الصحافي، وإنشاء سلطة رابعة حقيقية، تشكل أداة من أدوات النظام الديمقراطي الحقيقي.
وتوقع التقرير أن يواصل العراق احتلاله مراكز متأخرة في ترتيب الدول الحامية لحرية الصحافة، واستمرار تسجيله كأسوأ بيئة للعمل الصحافي في العالم.
ويذكر أنه في نوفمبر الماضي قال مركز “ميترو” للدفاع عن حقوق الصحافيين إن العراق صنف ثالث أسوأ بلد بالعالم بعد الصومال وجنوب السودان، من حيث إفلات قتلة الصحافيين من العقاب.
وفي ذات الشهر طالبت مفوضية حقوق الإنسان العراقية “الجهات المعنية باتخاذ إجراءات حاسمة وخطوات مهمة في موضوع متابعة الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين العراقيين. وإجراء تحقيقات فورية لإيجاد آليات عملية وفعالة، تنهي بشكل حاسم حالات الإفلات من العقاب ومحاسبة الذين ارتكبوا الجرائم”. وحثت الجميع على “توفير الحماية المناسبة للصحافيين حتى يتمكنوا من القيام بأعمالهم الإعلامية، فضلا عن جبر الضرر للضحايا من الوسط الصحافي والإعلامي”.