لا علاقة للسعودية بالخلافات داخل العائلة المالكة في الأردن

الرياض - نفت السعودية بشدة أي علاقة لها بالخلافات غير المسبوقة داخل العائلة المالكة في الأردن التي برزت أخيرا، لكن اعتقال مستشار مقرب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أثار القلق في الرياض في خضم تناقل أحاديث عن مصادر تقول إن السلطات السعودية تضغط لإطلاق سراحه.
واتهمت الحكومة الأردنية في الرابع من أبريل ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين وأشخاصا آخرين بالضلوع في "مخططات آثمة" هدفها "زعزعة أمن الأردن واستقراره"، واعتقل نحو 20 شخصا بينهم رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله.
وباسم عوض الله كان أيضا وزير تخطيط أسبق، ولعب دورا رئيسا في إدارة الوضع الاقتصادي في المملكة. في 2008 انتقل إلى دبي وأسس شركة "طموح" التي خاضت مجال الأعمال من الباب الواسع، وتحدثت تقارير عن صلات له مع العديد من السياسيين في الإمارات والسعودية.
وعبّرت الرياض علنا عن دعمها للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، بعد التطورات الأخيرة.
ويرفض مسؤولون سعوديون التكهنات التي أثيرت في بعض وسائل الإعلام الغربية حول وقوف المملكة وراء الخلاف العلني بين الملك وأخيه غير الشقيق الأمير حمزة، مؤكدين أن مثل هذه الخلافات الداخلية قد تكون لها آثار خطيرة على الأنظمة الملكية الأخرى في المنطقة.
والأحد شوهد الملك الأردني عبدالله الثاني والأمير حمزة معا في احتفالات الذكرى المئوية لتأسيس الأردن، في أول ظهور علني لهما منذ الأزمة.
ويؤكد مصدر مقرب من قيادة السعودية أن الرياض "ليست لديها أي مصلحة في زعزعة استقرار الأردن"، حليفها الإقليمي منذ فترة طويلة.
وتوجه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على رأس وفد سعودي إلى عمان الأسبوع الماضي، للتأكيد على وقوف بلاده إلى جانب الأردن في "مواجهة جميع التحديات".
وبحسب المصدر، فإن الزيارة جاءت مع شعور المسؤولين السعوديين بأن "الملك الأردني كان يستمع لشائعات من أطراف أخرى، وكان عليهم دحضها شخصيا وليس عبر الهاتف".
لكن مصادر أخرى مطلعة على المحادثات ذكرت أن الوفد السعودي في عمان سعى للضغط باتجاه إطلاق سراح باسم عوض الله الذي يحمل الجنسيتين الأردنية والسعودية، وذكرت تقارير أنه قريب من ولي العهد السعودي.
وظهر عوض الله في الماضي بجانب الأمير محمد بن سلمان في منتدى مستقبل الاستثمار في السعودية، وتم تصويره وهو يقوم بأداء الصلاة إلى جانب الأمير، وهو أمر يقوم به الأمير السعودي فقط برفقة مقربين.
ويعد عوض الله شخصية مثيرة للجدل في الأردن، وشغل في السابق منصب مبعوث أردني خاص إلى السعودية.
ويقول الضابط السابق في جهاز الاستخبارات المركزي الأميركي "سي.أي.أي" بروس ريدل الذي يعمل حاليا مع معهد "بروكينغز" للدراسات، "لم يذهب وزير الخارجية السعودي فقط لإحضار باسم، ذهب معه أيضا مدير المخابرات السعودية ومدير مكتب محمد بن سلمان إلى عمان".
ونفى المصدر السعودي أن يكون سبب تواجد الوفد السعودي في عمان هو عوض الله، ولم يذكر من هم المسؤولون المشاركون في الوفد.
ويؤكد مسؤول غربي في الخليج أن "عوض الله لديه علاقة شخصية مع ولي العهد".
ويضيف "وجوده في السجن يضر بصورة السعودية في الأردن وفي الخارج، لأن الشكوك حول تورط السعودية لا تمحى بالكامل نتيجة ذلك".
وترى الأستاذة في جامعة "واترلو" الكندية بسمة الموني أن عوض الله مهم بالنسبة للسعوديين لأن لديه "معرفة عملية بالعديد من الخطط الاقتصادية السعودية والسياسات والاستراتيجيات التي يرغبون في ضمان عدم مشاركتها" خارج المملكة.
ولم يوضح المسؤولون الأردنيون الاتهامات الموجهة إلى عوض الله وإن كان سيحال إلى المحاكمة. في المقابل، أعلن رئيس وزراء الأردن بشر الخصاونة الاثنين أن الأمير حمزة لن يحاكم، وأن موضوعه "يحل وعولج داخل العائلة المالكة".
وتشير الوقائع إلى أن الأزمة في الأردن مرتبطة خصوصا بأن العاهل الأردني أزاح في العام 2004 الأمير حمزة من ولاية العهد، ليعين نجله الأمير حسين مكانه في 2009.
وبحسب المسؤول الغربي في الخليج، فإن "اعتقال عوض الله يصرف الانتباه عن التنافس داخل العائلة المالكة الأردنية ويلمح إلى تورط أجنبي محتمل".
وكتب الكاتب والمحلل السعودي علي الشهابي المقرب من دوائر الحكم في المملكة على تويتر، "يبقى أن نرى إن كان الملك عبدالله لديه الإرادة أو القوة والسلطة لإسكات شقيقه، ولكن الفشل في القيام بذلك سيضعف النظام الملكي وربما يقوضه".
وبحسب الشهابي، فإن هذا "يوضح لماذا كان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز حازما جدا مع أسرته" لدى تعيين محمد بن سلمان. فإن أي فشل في هذا الموضوع كان سيعرّض السعودية لحلقات عدة شبيهة بـ"مسلسل حمزة".