لا صحة لانسحاب كبير لقوات الحشد الشعبي من جرف الصخر جنوب بغداد

بغداد – قال مصدر عراقي مطلع إن ما تم الترويج له من أنباء عن إخلاء منطقة جرف الصخر جنوب بغداد من الحشد الشعبي هو سلسلة من مغالطات محسوبة تم تسريبها بهدف الإيهام بأن الميليشيات الولائية التابعة لإيران قد أخلت عددا من المعسكرات التابعة للفصائل على أطراف المنطقة لصالح قطعات من الجيش العراقي، وأن هدف اللعبة البصرية هو مراوغة يتم فيها خلط الحشود العسكرية للجيش مع حشود الفصائل في مواقع مشتركة.
وقال المصدر لـ”العرب”، بشرط عدم الإفصاح عن هويته، إن “الخليط في حالة استهدافه من قبل قوات أميركية أو إسرائيلية يكون قد تعرض لقصف مواقع ومقار للجيش العراقي ويكون ذلك ذريعة لرفع الأصوات المطالبة برد رسمي عراقي، بما يتماشى مع خطة إيرانية للخلط بين القوتين الخاضعتين إسميا لقيادة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، القائد العام للقوات المسلحة العراقية.”
وأضاف “ما يجري من تحركات بدعوى خروج الحشد الشعبي من مناطق في جرف الصخر هو بعبارة أخرى أن تلك الفصائل ستختبئ تحت خيمة الجيش العراقي.”
مصدر لـ"العرب" يؤكد مغالطة إيرانية محسوبة عن تداخل بين معسكرات الحشد والجيش في حال نية استهدافها
وتابع المصدر لـ”العرب” أن هذه مناورة إيرانية – ميليشياوية “فلم نسمع من أي من السياسيين أو الأمنيين أنه استطاع الدخول إلى جرف الصخر،” قائلا عما يتم ترديده عن وضعية السجناء الذين تحتجزهم الميليشيات “أين هم السجناء الذين أُطلق سراحهم، أعتقد وحسب ما توفر لدينا من معطيات أنها محاولات لخلط الأوراق والمراوغة ليس أكثر.”
وتحاول بعض فصائل الحشد الشعبي ألا تكون تحت مطرقة أيّ ضربة أميركية أو أميركية – إسرائيلية، وبدأت تستنجد بنفوذ السوداني لدى دوائر غربية؛ حيث قام بإجراء اتصالات مع سياسيين عراقيين مخضرمين من المحسوبين على الولايات المتحدة أو ممن لديهم علاقات متينة مع دول عربية قريبة من واشنطن، وخصوصا الأردن.
وأشار المصدر إلى أن أبرز هذه الشخصيات هو رئيس الحكومة السابق إياد علاوي الذي وضع جانبا نزاعه الشخصي مع رئيس كتلة الإطار التنسيقي نوري المالكي، وقرر دعم التقارب بين السوداني والمالكي في محاولة لمنع انجرار العراق إلى أزمة سياسية وعسكرية جديدة لا يمكن الخروج منها بسهولة “وستكون مشكلة تنضاف إلى مشاكل العراق، بدلا من فرصة للخروج من أزماته.”
وقال المصدر “صار أي مراقب يمكن له أن يخرج بانطباع أن علاوي يدعم السوداني. أما الإشارات عن جرف الصخر فإن مصير المنطقة لا يزال غير محسوم، بل هو ضبابي دون الكشف عن أسراره.”
وأفادت مصادر مطلعة لـ”العرب” بأن ثمة تحولا ملموسا لدى عدد من قيادات الإطار التنسيقي وأن هناك “علامات تقرّب إلى الجانب الأميركي وزيارات من الباب الخلفي للسفارة من أجل كسب الرضا.”
ولوحت الولايات المتحدة في أكثر من مناسبة باستعدادها لتوسيع رقعة عمليات القصف على الميليشيات التي تستهدف القوات الأميركية، لكن هدوءا حذرا يسود الأسابيع الماضية، خصوصا بعد سقوط حكم الرئيس السوري بشار الأسد مطلع ديسمبر الماضي، وقرار حكومة السوداني تعمد عزل نفسها عن الأزمة السورية، وهو الأمر الذي اعتبرته إيران فرصة تريث والتقاط للأنفاس بعد أن صار واضحا مدى هشاشة التحالف الذي تقوده طهران تحت مسميات مختلفة.
وتعتبر طهران أن الحشد الشعبي في العراق والحوثيين في اليمن هما القوتان الرئيسيتان اللتان نجتا من عملية تدمير منهجية لقوى محسوبة على إيران، وأن أيا من القوتين لم تصب بأي ضرر كبير نتيجة ضربات جوية فتاكة كتلك التي دمرت تقريبا كل قوة حماس، وأزالت الجانب القتالي الفعال من حزب الله، بعد أن قتلت كل القيادات الأساسية لحماس وحزب الله.
وعلى الرغم من أن القوات الأميركية والإسرائيلية لم تستهدف القوات الإيرانية إلا في نطاق ضيق، أبرزت الولايات المتحدة وإسرائيل رغبة شديدة في المضي قدما في ضرب إيران مباشرة إذا دعت الضرورة.
وقتلت الولايات المتحدة في هجوم قبل خمسة أعوام قرب مطار بغداد أهم قائد عسكري إيراني في الحرس الثوري وهو الجنرال قاسم سليماني، إلى جانب مساعده العراقي أبومهدي المهندس، في حين استمرت إسرائيل في توجيه ضربات دقيقة لقادة حماس وحزب الله والحرس الثوري، وهو ما تسبب في تدهور معنوي كبير في بنية القوات التي تعتمدها إيران في فرض نفوذها في المنطقة وتوجيه آليات الترويع لديها.
اقرأ أيضا:
• رئيس الوزراء العراقي في مهمة إقناع طهران بتفهم الوضع الحساس لبغداد
• الإعلام العراقي يرد الاعتبار للجيش في عيده السنوي بعد سنوات من الإهمال
• المتغيّرات الإقليمية تعيد جدل بناء إقليم سني شبه مستقل في العراق