لا حكومة لبنانية جديدة في الأفق

الفراغ المرشح الأوفر حظا لخلافة الرئيس ميشال عون.
الجمعة 2022/07/29
قطيعة غير معلنة

لا تزال مشاورات تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة تراوح مكانها بعد أكثر من شهر من تكليف نجيب ميقاتي. ويعزو مراقبون ذلك إلى الحسابات السياسية لفريق الرئيس اللبناني ميشال عون الذي يسعى إلى تأمين مصالح فريقه مستبقا بذلك فراغا رئاسيا محتملا.

بيروت - تضاءل منسوب التفاؤل لدى اللبنانيين من قرب تشكيل حكومة جديدة تنتظرها مهمة إصلاحية معقدة وتحديات اجتماعية كبيرة، إذ منذ تكليف نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة قبل أكثر من شهر عقب استشارات أجراها الرئيس ميشال عون لم يعقد الرجلان سوى جلستين وسط خلافات غير معلنة بشأن الكابينة الوزارية وحصص الأحزاب المشكّلة لها.

ويرى محللون أن هناك توجها لعدم الحسم في ولادة الحكومة اللبنانية الجديدة قبل انتخابات رئاسة الجمهورية التي يشوبها أيضا سيناريو التأجيل والفراغ، ما يعمق الأزمة السياسية المستفحلة التي تمر بها البلاد.

ويشير هؤلاء إلى أن الحسابات الحزبية والمكاسب السياسية للأفرقاء تقف حائلا أمام التعجيل بتشكيل حكومة يطالب المجتمع الدولي والمانحون الغربيون بالإسراع في ولادتها.

وبالرغم من تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة اللبنانية، تساهم عوامل داخلية وخارجية في رسم صورة المرحلة المقبلة للبلاد. وسواء تمكن ميقاتي من تشكيل الحكومة أم لا، سيبقى الرجل على رأس السلطة التنفيذية في البلاد، كونه رئيس حكومة تصريف الأعمال.

لكن هذا الاستحقاق السياسي الجديد في لبنان يأتي قبيل 3 أشهر على انتهاء ولاية عون في رئاسة الجمهورية (2016 – 2022) ما قد يزيد من تعقيدات المشهد السياسي وسط توقعات بتأخر انتخاب رئيس جديد للبلاد.

محللون يستبعدون إفراج ميشال عون عن الحكومة اللبنانية الجديدة من دون حصة وازنة للتيار الوطني الحر

وتنتهي ولاية عون في الحادي والثلاثين من أكتوبر 2022، بعدما انتخبه أعضاء البرلمان بالاقتراع السري في 2016 لينهي آنذاك فراغا رئاسيا استمر 29 شهراً بسبب خلافات داخلية حالت دون التوافق على شخصية الرئيس.

وفي حال وقوع البلاد في الفراغ الرئاسي حال عدم انتخاب رئيس جديد للبلاد، فإن حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها ميقاتي أو تلك التي سيشكلها ستقوم بدور رئاسة الجمهورية.

وهكذا، فإن حكومة ميقاتي ستحكم البلاد في الفترة المقبلة، وذلك من خلال القرارات التي تتخذ بالإجماع داخل مجلس الوزراء.

ويرى مراقبون أن استمرار حكومة تصريف الأعمال وفق التوازنات الحزبية الحالية، والتي يحظى فيها التيار الوطني الحر بثقل سياسي، يضمن للعونيين حصة وازنة من شأنها عرقلة إدارة رئاسة الحكومة لمهام رئاسة الجمهورية حال الفراغ الرئاسي.

وقدّم ميقاتي تشكيلة وزارية في يونيو الماضي إلى الرئيس عون تحافظ على التوزيع الطائفي للحقائب لكنها قلصت من ثقل التيار الوطني الحر الذي تراجعت نتائجه في الانتخابات التشريعية التي عقدت في الخامس عشر من مايو الماضي لصالح خصمه المسيحي حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع.

وسحب ميقاتي، وفق تسريبات التشكيلة الحكومية، من التيار الوطني الحر وزارة الطاقة، بناء على تراجع نتائجه في الانتخابات التشريعية.

وليست وزارة الطاقة فقط محل الخلاف بين ميقاتي وباسيل وإنما مطالبة باسيل بضمانات وتعهدات قبل الإفراج عن الحكومة الجديدة وهو ما يرفضه ميقاتي المتمسك بحكومة إصلاحات.

ويطالب باسيل مسبقا بمعرفة موقف رئيس الحكومة من رفع الغطاء والحماية منه ومن وزير المالية عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لإقالته.

الغموض ما زال يرافق المرشح التوافقي المحتمل لخلافة عون، في ظل وجود عديد الأسماء المطروحة

كما يطلب باسيل التزام رئيس الحكومة ووزير العدل ووزير المال بتسهيل إنهاء التحقيق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، المجمد حالياً بسبب الدعاوى المرفوعة من بعض الشخصيات الملاحقة من قاضي التحقيق، ضد الأخير، والعالقة في الهيئة الاتهامية في محكمة التمييز.

ويطمح باسيل أيضا إلى أن يجاريه رئيس الحكومة بإجراء تعيينات في المناصب الإدارية العليا، وفي السلك الدبلوماسي، قال عنها مصدر وزاري، إنها “ستكون أداته ليحكم البلد في ظل الرئاسة المقبلة بعد انتهاء ولاية عون”.

ويصر باسيل على وجود السياسيين في الحكومة وهو ما يعكس أنه يريد أن يكون وزيراً فيها من أجل مشاركة رئيس الحكومة في القبض على صلاحيات الرئاسة عند حصول فراغ رئاسي، وبالتالي يكون له دور في اختيار الرئيس المقبل عن طريق تأثيره في قرارات الحكومة ونفوذه فيها، إذا طال هذا الفراغ، طالما يتعذر انتخابه هو بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليه منذ نوفمبر 2020.

ورغم إصرار ميقاتي على تشكيل حكومة جديدة في أقرب الأجال إلا أن الحديث عن حكومة تصريف أعمال سيطول عمرها إلى ما بعد الاستحقاق الرئاسي بات علنيًا.

ويتحدث الكثيرون عن صعوبات إتمام مهمة ميقاتي هذه والخشية من أن يتم تعطيل انتخاب رئيس للبلاد كما يجري في ملف الحكومة.

وما زال الغموض يرافق المرشح التوافقي المحتمل لخلافة عون، في ظل وجود عديد الأسماء المطروحة كرئيس تيار المردة سليمان فرنجية وباسيل وقائد الجيش اللبناني جوزيف عون.

ولا يوجد توافق بين القوى المسيحية التي يعهد لها ترشيح ممثل عنها لرئاسة الجمهورية على مرشح موحد لمنصب وسط انقسامات سياسية حادة.

ومن المعلوم أنّ رئيس الجمهورية اللبنانية غالباً ما يُنتخَب بناءً على توافق داخلي وخارجي معاً. غير أنّ هذا الأمر ينتظر تفاهمات إقليمية ودولية لم تحصل بعد.

2