لا حكومة عراقية مستقرة تستثني التيار الصدري

الكتلة الصدرية تؤكد أنها غير معنية بحوارات تشكيل الحكومة الجديدة.
السبت 2022/06/25
الكرة في ملعب الإطار التنسيقي

بعد ثمانية أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية، لا تزال حالة عدم اليقين السياسي متواصلة في العراق بعد انتقال مهام تشكيل الحكومة العراقية من التيار الصدري إلى الإطار التنسيقي الذي بات أكبر الكتل النيابية.

بغداد - يرجح مراقبون تواصل الفوضى السياسية في العراق حتى وإن تمكن الإطار التنسيقي الذي بات الكتلة البرلمانية الأكبر من تشكيل حكومة جديدة، في ظل عدم مشاركة التيار الصدري النافذ في السلطة التنفيذية.

ويذهب هؤلاء إلى التكهن بعدم استمرار الحكومة العراقية الجديدة، إن تم تشكيلها، لأكثر من عام واحد، مشيرين إلى احتكام أنصار الصدر (الفائز بالانتخابات النيابية) إلى الشارع لإسقاطها.

وأعلن التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الجمعة أنه غير معني بالحوارات والمفاوضات التي تجري حاليا لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

وقال محمد صالح العراقي المقرب من الصدر في بيان صحافي “هناك فكرة خبيثة قد تطبقها بعض الكتل السياسية وهي زج وزير صدري من التيار أو منشق أو مطرود أو متعاطف في الحكومة التي يريدون تشكيلها لإسكات الشارع الصدري من جهة واتهامه بالمشاركة في حكومة الفساد من جهة أخرى”.

محمد صالح العراقي: ردّنا سيكون غير متوقَّع إذا ما حاولتم تشويه سمعتنا

وأضاف “إننا نُحذّر من عواقب هذا الفعل الوقح ونطلب من الشعب عدم مُسايرتهم بذلك، فنحن لم ولن نشترك معهم لا في برلمان ولا حكومة ولا غيرها مُطلَقَاً، فنحن أهل إصلاح لا شِقاق ونفاق”.

وحذر من أن “ردّنا سيكون غير متوقَّع إذا ما حاولتم تشويه سمعتنا بإشراكنا معكم من حيث نعلم أو لا نعلم أو إيهام الناس بذلك”.

وقال “ليس من أحد يُمثّلنا في مفاوضات أو حوارات أو أيّ شيء من هذا القبيل، فلقد ملأتم قلوبنا قيحاً، وقد فاحت رائحة الفساد فأزكمت أنوفنا”.

وكان الصدر حذّر في خطاب تلفزيوني من النجف منتصف يونيو الجاري من غضب المظلوم والحليم في حال انتهاء مهلته بذهابه إلى المعارضة وعدم استطاعة القوى الأخرى تشكيل حكومة جديدة.

وعقد البرلمان العراقي الخميس جلسة استثنائية لأداء اليمين القانونية للنواب الجدد الذين حلوا محل نواب الكتلة الصدرية الذين انسحبوا من البرلمان بشكل جماعي.

وهيمنت قوى الإطار التنسيقي الموالية لإيران التي خسرت الانتخابات البرلمانية في أكتوبر 2021 إضافة إلى المستقلين على أصوات الكتلة الصدرية، وأصبحت الكتلة الأكثر عددا في البرلمان العراقي بعد أن وصل عدد نوابها إلى نحو 130 نائبا.

وقبل استقالة نوابها، كانت الكتلة الصدرية في نزاع مع الإطار التنسيقي حول من يملك غالبية في البرلمان الذي يضمّ 329 نائباً.

وبسبب الخلاف السياسي وعدم قدرة أي طرف على حسم الأمور، أخفق البرلمان ثلاث مرات في انتخاب رئيس للجمهورية، متخطّياً المهل التي ينص عليها الدستور.

ولتخطي الانسداد السياسي، طرحت خيارات منها حلّ البرلمان وتنظيم انتخابات جديدة، لكن لا يمكن حل البرلمان إلا بقرار من مجلس النواب نفسه.
ويضم الإطار كتلاً شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران.

هل يستمر الانقسام السياسي في العراق
هل يستمر الانقسام السياسي في العراق 

ورغم تراجع الكتلة السياسية الممثلة لفصائل الحشد الشعبي في الانتخابات الأخيرة، تبقى هذه التشكيلات التي يقدر عدد مقاتليها بـ160 ألف عنصر فاعلا مهما على المستويين الأمني والسياسي في البلاد.

ولا تعد استقالة نواب الكتلة الصدرية انسحابا كاملا للتيار من الحياة السياسية.

وحذر المحلّل حمزة حداد من “انعدام الاستقرار خصوصا إذا لم يحصل الصدريون على مناصب داخل السلطة التنفيذية”.

ويشير مراقبون إلى أن تلويح الصدريين بالتحول إلى المعارضة الشعبية بدلا من المعارضة السياسية ربما يدخل العراق في نفق اضطرابات تغذيها غضبة شعبية قد تتحول إلى أعمال عنف في الشوارع.

واعتبر المراقبون أن ترك الكتلة الصدرية لمقاعدها في البرلمان لأول مرة منذ عام 2005 مقامرة كبيرة من قبل الصدر، أكثر الساسة العراقيين نفوذا، مشيرين إلى قدرته الكبيرة على حشد أنصاره في الشارع وإفشال أي محاولة من قبل خصومه لتشكيل حكومة والمضي قدما لاستكمال أي استحقاقات.

وأصر الصدر على تشكيل حكومة أغلبية مع حلفائه مع استبعاد القوى المدعومة من إيران، لكنه لم يتمكن من تأمين أغلبية الثلثين المطلوبة لانتخاب الرئيس القادم، وهي خطوة ضرورية تسبق تسمية رئيس الحكومة الجديدة وتشكيلها.

وقال المحلل السياسي رائد العزاوي رئيس مركز الأمصار للدراسات إن العراق يمر بمرحلة مهمة ومن الصعب تشكيل حكومة في الوقت الراهن.

التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر يحسم قراره
التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر يحسم قراره

وأشار العزاوي إلى أن كل الحكومات التي شٌكلت من قبل تسببت في تراكمات مرهقة للعراقيين.

وشدد على أن التيار الصدري والإطار التنسيقي إذا شكل أيّ منهما حكومة عراقية جديدة فإنها لن تستمر سوى عام واحد، لانعدام ثقة الشارع العراقي في القادة والنخب السياسية.

وكان الإطار التنسيقي أكد على المضي في الحوارات مع القوى السياسية كافة لتشكيل الحكومة، وذلك بعد استقالة الكتلة الصدرية من مجلس النواب.

وأكد نواب في البرلمان الأحد أن الإطار التنسيقي قام بتشكيل لجنة “خاصة” لهدف التفاوض مع القوى السياسية من أجل تشكيل الحكومة المقبلة وسط غياب التيار الصدري.

وقالت النائبة عن الاتحاد الوطني الكردستاني الداعم للإطار التنسيقي سوزان منصور إنَّ “اجتماعات الإطار التنسيقي المكثفة أنضجت تشكيل لجنة للتفاوض مع الكتل السياسية”.

وأشارت إلى أنَّ “الحكومة التي ستتشكل في المرحلة المقبلة حكومة أغلبية، ما عدا الذين يختارون طريق المعارضة وهو حق شرعي لهم”.

وبعد ثمانية أشهر من الانتخابات التشريعية، لا تزال حالة عدم اليقين تميز المشهد العراقي المرجح للدخول في فوضى، خاصة إذا التجأ الأفرقاء السياسيون إلى الشارع لتصفية الحسابات السياسية.

وبات هذا الخيار مرجحا بقوة في ظل تهديدات وتحذيرات غير مباشرة.

ويرى خبراء عراقيون أن تجاوز العراق لأزماته السياسية يستوجب تعديلا للدستور وتغييرا للنظام السياسي لتفادي الانسداد عقب كل انتخابات.

3