لا حديث أميركيا إلا عن علاقة قادة اليهود بقطر

حملة "اتّبع المال" تتساءل: لماذا تخفي الجامعات الأميركية تمويلات الدوحة؟
الاثنين 2020/02/24
متى تُعاقب الدوحة على هداياها المسمومة؟

لا تنتهي في الولايات المتحدة فضائح تمويل قطر لجامعات أميركية يشرف على إدارتها أميركيون يهود، كما لا ينتهي الجدل الدائر حول العلاقة المتينة التي تجمع قادة قطر بشخصيات من اللوبي اليهودي قصد تحسين صورتها مع الإدارة الأميركية. ويأتي كل هذا الحديث الذي تتداوله العشرات من التقارير الأميركية وحتى الإسرائيلية بعد كل ما وجّه من اتهامات للمسؤولين في المؤسسات التعليمية في جميع أنحاء الولايات المتحدة بحصولهم على أموال قطرية، ما دفع إلى التحقيق مع كبرى الجامعات مثل هارفارد وييل بشأن هذه التمويلات.

واشنطن - تحوّلت قضية اختراق قطر للجامعات الأميركية خاصة منها المملوكة لشخصيات يهودية إلى محور حديث يومي على أعمدة الصحف الأميركية التي لا تعيد طرح هذا الجدل للتأكيد على صدقية ما ورد في تقارير سابقة بقدر ما تطرح أسئلة حول ما تسمّيه العلاقة المسمومة بين قادة قطر والزعماء اليهود في الولايات المتحدة.

ويتفق الكثير من المتابعين في الدوائر الأميركية على أن مسألة تمويل قطر للجامعات الأميركية أصبحت أمرا ثابتا، لكنهم يثيرون باستمرار أسئلة بشأن صمت اليهود الأميركيين على ذلك.

وبحسب آخر التقارير الأميركية أو حتى الإسرائيلية ومنها صحيفة “تايمز” الإسرائيلية، فإن قطر تنفق مليارات الدولارات على الجامعات الأميركية. وعلى الرغم من أن نوايا قطر قد لا تكون حسنة، إلا أن القادة اليهود الأميركيين يلتزمون الصمت حيال الأمر.

وتفيد آخر المعطيات الصادرة عن تقارير صحافية دولية أو عن معهد دراسة السامية والسياسة العالمية بأنه في الوقت الذي يعتقد فيه أنه لا يوجد جديد بشأن الجدل الدائر حول علاقة الزعماء اليهود الأميركيين بقطر، فإن اكتشافًا جديدًا يجبر الجميع على توجيه الانتباه إلى تلك العلاقة “القبيحة” بين قادة قطر والزعماء اليهود في الولايات المتحدة مرة أخرى. وتتعلق الفضيحة الجديدة بقبول الجامعات الأميركية الكبرى تبرعات كبيرة من حكومة قطر دون الإبلاغ عنها، وهذا أمر سيء بما فيه الكفاية.

لكن على الرغم من لعب العديد من اليهود الأميركيين أدوارا كبرى في خدمة السياسة الدعائية القطرية، فإن الجديد يتعلق بوجود تطور مثير للقلق لأنه اتضح وجود صلة مباشرة بين الأموال القطرية والجماعات الموالية للفلسطينيين في الجامعات الأميركية وهم تابعون لحركة حماس وكذلك جماعة الإخوان وحزب الله اللبناني.

وفي هذا الصدد سبق لموقع “إسرائيل ناشيونال نيوز” أن نشر بالتفاصيل العلاقة الغريبة مع قطر تحت عنوان “قطر ذات الوجهين”، حيث كشف التقرير أن قيادات يهودية في أميركا عملت في خدمة أجندة قطر لكن بعد افتضاح أمرها انسحبت وأعلنت رسميا أنها لم تعد لها علاقة بالدوحة، خاصة أن العديد من الفضائح انكشفت وأجبرتها على الانسحاب.

والغريب في ما كشفته التقارير الجدية أن الجماعات الموالية للفلسطينيين ذات الصلة بالتمويل القطري للجامعات الأميركية هي نفسها التي يتم استنكارها دائمًا من قبل القادة اليهود الأميركيين بمن في ذلك بعض القادة الذين زاروا قطر وأشادوا بها قبل عامين.

Thumbnail

ويبدو أنه بينما كان بعض اليهود الأميركيين يعززون صورة العلاقات العامة لقطر، كانت قطر تروّج لمجموعات الدعاية الفلسطينية التي تنقض على طلاب الجامعات الأميركية في النهاية وذلك بحسب معلومات جاءت على لسان الباحث الشهير تشارلز سمول رئيس معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية.

وأفادت الكثير من التقارير في أكثر من مرة أن هذه المفارقات تأتي في خضم تبادل النار بين إسرائيل وحماس، حيث بدا أن غزوا برّياً إسرائيلياً كان وشيكا إلا أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية تفاوضت قطر على جزءٍ منه، ويبدو أنه ما زال قائمًا ولو بشكلٍ مؤقت على الأقل.

ودور قطر في التفاوض على إنهاء “الأعمال العدائية” ضد إسرائيل أكثر من مجرد مفارقة، لأن هذه الدولة كانت ولا زالت تمول في نفس الوقت حماس.

وعلى مدار الأعوام القليلة الماضية، أجرى المعهد المذكور مشروعاً بحثيًا بعنوان “اتّبع المال”، والذي ساعد في إلهام تحقيق وزارة التعليم الأميركية الحالي في مشكلة التمويل الأجنبي للجامعات الأميركية.

من الناحية القانونية في الولايات المتحدة، لا يوجد شيء يمنع قبول جامعة منحة من نظام أجنبي “حتى من دكتاتورية وحشية ذات وجهين ترعى الإرهاب مثل قطر” بحسب المعهد. لكن عندما تخفي الجامعة حقيقة أنها تتلقى مثل هذه الأموال، فهناك مشكلة. للآباء الذين يدفعون الرسوم الدراسية الحق في معرفة ما إذا كانت الجامعة التي أوكلوا إليها تعليم أبنائهم تتأثر بأطراف معادية أجنبية.

4.9 مليار دولار تبرّعت بها قطر للجامعات الأميركية، تم الإبلاغ  عن 1.9 مليار دولار فقط

ومن بين أهداف التحقيق الفيدرالي المستمر هي جامعات ييل وهارفارد وكورنيل وجورج تاون. ومن بين الأنظمة التي أخذوا منها – ولكن لا يُزعم أنهم قاموا بالإبلاغ – الهدايا الكبيرة هي روسيا والصين والعديد من الأنظمة العربية. وتعد قطر إلى حد بعيد أكبر هذه الجهات المانحة.

وجد باحثو “اتبع المال” أنه من بين 4.9 مليار دولار تبرعت بها قطر للجامعات الأميركية المختلفة في السنوات الأخيرة، تم الإبلاغ عن 1.9 مليار دولار فقط بشكل صحيح.

ويعتبر تمويل الجامعات الأميركية وسيلة مهمة لقطر لتعزيز صورتها في أميركا. ويشير معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية إلى أن هذه الأموال بمثابة “تحوّط ضد انتقاد الحكومات التي تقدم التمويل”. فالأساتذة الذين يتقاضون رواتبهم من مراكز الأبحاث المدعومة من الدوحة سيُحجمون عن انتقاد القطريين، سواء في فصولهم الدراسية أو مؤتمراتهم أو كتبهم أو مقالاتهم.

ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، تزوّد قطر الإرهابيين المعادين لأميركا مثل داعش والقاعدة وطالبان “بالملاذ الآمن والوساطة الدبلوماسية والمساعدات المالية والأسلحة في بعض الحالات”. ونظرا لكل هذه التداعيات يوجد الكثير مما يجب على الأساتذة الأميركيين أن ينتقدوه – إلا إذا كانت رغبتهم في التحدث بشكل علني قد تعرضت للمساومة – بحسب تقرير المعهد المذكور.

ويوجد سبب آخر وجيه بحسب نفس المصدر لإثارة القلق في قلوب أصدقاء إسرائيل. فقطر هي المموّل الرائد في العالم لإرهابيي حركة حماس، كما أنها الممول الرئيسي لشبكة قنوات الجزيرة الدولية المعادية للسامية.

جامعة جورج تاون في دائرة الاتهام
جامعة جورج تاون في دائرة الاتهام

وتمتد الأنشطة المعادية لليهود في قطر إلى الجامعات الأميركية. وقد ذكر معهد دراسة معاداة السامية والسياسة العالمية في تقريره “لقد وجد بحثنا علاقة بين تمويل الجامعات من قبل قطر مع وجود مجموعات مثل ’طلاب من أجل العدالة في فلسطين’ وبيئة متدهورة تعزز الأجواء العدوانية والبيئة المعادية للسامية”.

ووفقًا لرابطة مكافحة التشهير، فإن مجموعة “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” يقومون “بالتشهير بالطلاب اليهود الذين يثبت أنهم صهاينة”.

وعندما زار بعض الزعماء اليهود قطر وأشادوا بها قبل عامين، بدا البعض متشككاً للحظة في أن هذا النظام الشرير سيتوقف فجأة عن تمويل الإرهابيين لمجرد زيارة عدد قليل من المسؤولين اليهود.

وقد اتضح أن الوضع كان أسوأ مما كا ن يعتقد حيث بينما كان النظام القطري يستقبل المسؤولين اليهود الأميركيين، كان يروج بنشاط للمجموعات ذاتها التي تعمل على تخويف طلاب الجامعات من الأميركيين اليهود.

وتذهب عدة تقارير إلى اعتبار أنه حان الوقت لأولئك الذين دافعوا عن قطر للاعتراف بخطئهم علنًا وتحمل مسؤولية أخطائهم. أولئك الذين يطلبون الاحترام كقادة في المجتمع اليهودي يجب أن يكونوا مسؤولين، ويجب أن يكونوا مستعدين للاعتراف بأخطائهم “خاصةً عندما يكون خطؤهم قد ساعد نظامًا يوقع بأبنائنا وبناتنا”.

7