لا تضربوا القطة

كنت وأنا طفل صغير أحاول التسلل في الأفراح لأرى كيف يضرب "العرسان" القطط؟ ومتى؟ ولماذا القطط وحدها دون بقية الحيوانات.
الأربعاء 2018/06/06
أطلقت النار على زوجها وقتلته لأنه ضرب قطتها

اضرب قطتك.. ليلة دخلتك. هكذا كنت أسمع عجائز القرية، وهن يوجهن هذه العبارة -التي هي مثل شعبي- لأبنائهن المقبلين على الزواج، ولأن براءة الطفولة وقتها، لم تدرك المغزى -غير البريء- كنت وأنا طفل صغير أحاول التسلل في الأفراح لأرى كيف يضرب “العرسان” القطط؟ ومتى؟ ولماذا القطط وحدها دون بقية الحيوانات؟

عقلي الصغير لم يستوعب وقتها أن القطة هي “العروس” المسكينة، لإثبات هيبة “العريس” أمامها، فتسمع كلامه، وتعرف أنه هو رجل البيت “اللي كلمته ما تنزلش الأرض أبدا” على رأي فناننا الراحل، عبدالفتاح القصري.

وذات يوم، وبشقاوة الأطفال، دخلت في رهان مع عصابة أطفال مثلي، لمعرفة كيف يضرب العريس القطة؟ وفي الأفراح الشعبية في القرية، وباعتباري أطول “العيال” كنت أحاول الاقتراب من شباك غرفة النوم، لأسترق السمع لما يحدث في الداخل، أو أحاول رؤية أي شيء يمكن أن أنقله إلى بقية “العصابة” التي تنتظر سماع أي شيء يمكن أن نهلل به بعد منتصف الليل، وغالبا ما يكون الفشل نصيبي سوى من همهمات لا تشبع نهم معرفة الحقيقة.

ومثلما كان نصيبي في ليالي رمضان التي نشكل فيها فريقا يلف حول البيوت ونغني “وحوي يا وحوي” بحثا عن قطعة حلوى، ساقني الحظ لأن أذهب حيث يقيم عم محمود عطية، سقَّاء القرية الوحيد، ولأنه كان وحيدا لا زوجة له ولا ولد، وكما قالت جدتي -يرحمهما الله- مقطوع من شجرة، فقد رحب بنا على غير المعتاد، ثم خرج علينا بقرطاس كبير، ولما رآني استبعدني لسبب عرفته بعد ثوانٍ، ونادى طفلا آخر أعطاه القرطاس -وكان ساخنا بعض الشيء- فأفرغ بعضا منه في جوفه، ليتقيأ بعدها ملاحقا بشتائم ناقمة من عم محمود الذي كان يعاني من إسهال حاد صرَّف بعضه في القرطاس.

ذات ليلة، ساقني حب الاستطلاع، للتسلل إلى غرفة عريس ليلة الدخلة، ولمعرفة ما سيجري، فقد غافلت النسوة اللواتي كنَّ يضعن لمساتهن الأخيرة، ودخلت تحت السرير، وقبل ثوانٍ من دخول العروسين، ضبطتني امرأة رأت قدمي الصغيرة، فسحبتني مع “علقة” ساخنة، وبدلا من رؤية كيف يضرب العريس القطة، وجدت نفسي أنا القطة التي تصرخ من وطأة الضرب بـ”شباشب” و”قباقيب” شجرة الدر.

ولهذا، فجعت وأنا أقرأ كيف أن امرأة بمدينة دالاس الأميركية، أطلقت النار على زوجها وقتلته السبت الماضي، لأنه ضرب قطتها.. بيني وبينكم، حمدت الله أني مازلت على قيد الحياة.

24