التجربة الأيسلندية

أذهلتني التجربة الأيسلندية، والتي تقول للمواطنين "احضنوا الشجر بدل البشر" لتعويض غياب التفاعل الجسدي بين الناس خلال التباعد الاجتماعي المتبع للحد من انتشار فايروس كورونا.
السبت 2020/04/25
احتضان شجرة منعًا لنقل العدوى

 "إذا أردت أن يذهب عنك ألمُ الأسنان فقبِّل حمارًا في خدّيه".. هكذا قالت بعض الأوهام الشعبية السائدة في عالمنا العربي، والتي أضافت أنه "إذا أُصِبْتَ بحكَّة في الأنف فإن أحد البلهاء سوف يقبِّلك"!

القبلة إذاً نظرية تاريخية، لها من يفلسفها، ويحاول أن يعقد معها معاهدة “تطبيع” لتبرير أي شيء، ولو كان على غرار ما انتشر في مصر مؤخراً من مسيرات ساذجة تردد “مش ح نحضن.. مش ح نبوس.. مش ح ننشر الفايروس” والنتيجة مزيد من الإصابات.. والحمقى معاً!

ولأن المصافحات هذه الأيام باتت قنبلة موقوتة لا يكفي “قفاز” لتفكيكها.. اكتفت منظمة الصحة العالمية بالدعوة الحثيثة إلى التباعد الاجتماعي، دون أن تحدد كيف يمكن تحقيق هذا التباعد بين الزوجين اللذين يشتركان في سرير واحد، وكلاهما قد ينقل عدوى الجائحة لرفيقه.. فمن يضمن إذاً أبسط شروط الوقاية الضرورية؟ هل يمكن استعارة نظرية “الجدار العازل” التي يتبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع المكسيك، وتطبقها إسرائيل في فلسطين المحتلة، ووضع حاجز خشبي مثلاً أو “مخدات” لضمان الفصل بين الزوجين تجنباً للعواقب؟

أفهم أن يتحقق التباعد الاجتماعي بنسبة ما، في الشارع أو في العمل – إذا وجد – من قبيل الاستعداد بـ”كمامة”، لكني أؤكد أن الفكرة فاشلة تماماً في المنزل، وربما يكون شرط نجاحها الوحيد هو استمرار حالة الخناق والنكد. وهو ما ينعكس على تأثيراتها العاطفية والمعنوية، والتي ربما لا تستثني أحداً.

ولأن “العلم لا يكيّل بالبتنجان”، فقد أذهلتني التجربة الأيسلندية، والتي تقول للمواطنين "احضنوا الشجر بدل البشر" لتعويض غياب التفاعل الجسدي بين الناس خلال التباعد الاجتماعي المتبع للحد من انتشار فايروس كورونا.

 ووفقا لما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية فإن الحملة تقترح أن يقوم كل شخص باحتضان شجرة لمدة 5 دقائق يوميًا بشكل منفصل، بحيث يخصص كل شخص شجرة له مختلفة عن الآخر منعًا لنقل العدوى، حيث يؤمن الأيسلنديون بأن الطبيعة والشجر تحديدًا يمدان الإنسان بالسعادة والشعور بالراحة والاطمئنان من رأسه حتى أخمص قدميه. وينقل مواطن هناك – حسب “يورونيوز” – بالوصف، إنه يميل بخدّه نحو الشجرة، فيشعر بانتقال الدفء إلى داخله.

تخيل يا مؤمن، تكون سائراً في أي شارع عربي، وتجد من يحضن شجرة! أقسم بالله ستطلب مستشفى المجانين فوراً، أما عن نفسي، الحمد لله.. استبقت الفكرة.. أحضن "المخدة"!

24