لا انتظارات يمنية من زيارة بايدن إلى السعودية

يعلق اليمنيون آمالا ضعيفة على إمكانية أن تسفر زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية عن أي تحول في الصراع اليمني، على الرغم من التأكيدات الأميركية بأن هذا الملف سيكون أحد أبرز الملفات التي سيناقشها بايدن في جدة.
عدن - يحضر رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي القمة العربية - الأميركية المقرر عقدها السبت في مدينة جدة السعودية، والتي ستضم قادة من دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق والرئيس جو بايدن.
ويرى محللون يمنيون أن مشاركة العليمي وإن تبدو خطوة إيجابية في سياق تثبيت السلطة الشرعية الجديدة، لكن ذلك لا يجب أن يقود إلى تصور بأن شيئا ما سيتغير على مستوى الصراع اليمني، حيث أن إدارة بايدن لا تملك أيّ رؤية واضحة بشأن سبل إنهاء الصراع وأن أقصى ما يمكن أن تقدمه تمديد جديد للهدنة المعلنة.

فارس البيل: الإدارة الأميركية لا تملك رؤية واضحة لكيفية إنهاء الصراع
وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية في وقت سابق إن العليمي سيجري مباحثات على هامش القمة تتضمن “نقاشات هامة محورها الاوضاع اليمنية، وفرص تمديد الهدنة القائمة والبناء عليها لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد بموجب المرجعيات الوطنية، والإقليمية والقرارات الدولية ذات الصلة”.
وتأتي زيارة رئيس المجلس الرئاسي اليمني، في ظل تقارير متواترة عن استحواذ الملف اليمني على جزء هام من برنامج زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية، ورغبة واشنطن في تحقيق اختراق سياسي في جدار الأزمة اليمنية عبر تثبيت دائم للهدنة الأممية.
وتسعى الإدارة الأميركية إلى إبراز الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل الماضي بين الحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية وتم التوافق على تمديدها، على أنها واحدة من إنجازات البيت الأبيض الدبلوماسية، وهو ما كشفت عنه تصريحات مسؤولين أميركيين تحدثوا عن دور واشنطن في تثبيت الهدنة الهشة وفق تعبير الأمم المتحدة.
وقاد المبعوثان الأممي والأميركي إلى اليمن خلال الأشهر الماضية جهودا دبلوماسية حثيثة لفرض الهدنة ومن ثم دفع الأطراف اليمنية إلى تمديدها، بالرغم من تبادل الاتهامات حول خرق وقف إطلاق النار بشكل مستمر، كما لعبت الدبلوماسية الأممية والأميركية دورا نشطا في ممارسة ضغوط على أطراف إقليمية عديدة لدفع الفرقاء اليمنيين إلى الموافقة على تقديم تنازلات للحيلولة دون انهيار الهدنة التي يعول عليها المجتمع الدولي في فتح مسار سياسي في جدار الأزمة اليمنية والبدء بمفاوضات لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات .
وتعليقا على زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية وانعكاساتها المحتملة على الملف اليمني في ضوء تصريحات الإدارة الاميركية وزيارة رئيس المجلس الرئاسي المفاجئة للسعودية بالتزامن مع زيارة بايدن، أكد الباحث السياسي اليمني فارس البيل في تصريحات لـ”العرب” أن ملف الحرب في اليمن يحتل مساحة واسعة في الخطاب الإعلامي لهذه الزيارة والتحركات الأميركية.
ولفت البيل إلى أن الإدارة الأميركية بالرغم من كل ذلك، “لا تملك رؤية واضحة ومحددة لكيفية إيقاف الحرب والوصول إلى سلام حقيقي، كما لا يبدو أنها بذلت الجهد الكافي لصنع تحول حقيقي في المشكلة اليمنية”.
واعتبر المحلل اليمني أن “حديث بايدن المستمر عن المشكلة اليمنية هو للاستثمار في إطار تجاذبات الملف النووي الإيراني من جهة، ومن جهة أخرى علاقة الإدارة الأميركية بالمملكة العربية السعودية وجدليتها مع ملف الطاقة والحرب الروسية - الأوكرانية”.
وشكك البيل في إمكانية أن تسفر زيارة الرئيس بايدن عن أيّ اختراق فعلي في جدار الأزمة قائلا “لا يبدو لي أن الأزمة اليمنية ستناقش بشكل موضوعي بقصد الوصول إلى سلام، إنما كورقة هامشية ضمن ملفات عديدة، ومن أجل الظهور بمظهر الحرص على الحالة الإنسانية في اليمن أمام المعنيين والمهتمين بالجانب الإنساني”.
وأشار إلى أن زيارة “العليمي المفاجئة واحتمال لقائه الرئيس الأميركي تخلق نوعا من الجدية لهذا الملف، وتعد فرصة للاستماع إلى وجهة نظر الشرعية اليمنية، وستعزز هذه الزيارة والمحادثات من موقف الأخيرة وجهودها، لكن لا يعني هذا أننا سنشهد نتائج حقيقية لهذه الزيارة، بقدر ما ستؤسس لجهود قادمة للحل، وذلك كله سيتأثر بطبيعة الصراع في المنطقة وصراع النفوذ في العالم”.
ودأب مراقبون للشأن اليمني على وصف المواقف الأميركية إزاء ملف الحرب في اليمن بالمرتبك والذي تشوبه الكثير من التناقضات، والحسابات السياسية الداخلية والخارجية التي لا تتسم بالواقعية في معالجة ملف شائك ومعقد مثل هذا الملف.

محمود الطاهر: واشنطن تسعى لتحقيق أي انتصار في الشرق الأوسط
ويرجح الباحث اليمني محمود الطاهر أن تشهد السياسة الأميركية في الفترة القادمة تحولا نسبيا قد ينعكس على موقف إدارة بايدن المتراخي تجاه الحوثيين وإيران، وهو ما تشير إليه تصريحات الرئيس الأميركي، في المؤتمر الصحافي الذي جمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، والتي تعزز من فرضيات تحول هذه الزيارة إلى نقطة تحول لتصحيح أخطاء انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة، وتغيير موقف واشنطن تجاه الملف النووي الإيراني، إضافة إلى وجود مؤشرات إلى إمكانية حدوث تغيرات كبيرة في الموقف الأميركي إزاء الملف اليمني من قبل إدارة الرئيس جو بايدن.
واعتبر الطاهر في تصريح لـ”العرب” أن حضور رئيس مجلس القيادة اليمني المتوقع للقمة التي ستعقد اليوم السبت، قد يزيد من قوة الموقف الخليجي واليمني في دفع واشنطن للتخلي عن السياسة الناعمة في التعامل مع الميليشيا الحوثية.
وتابع “قد تكون هناك مكاشفة حقيقية في الحديث عن أخطاء الإدارة الأميركية التي ارتكبتها منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض، وكيف أسهمت هذه السياسة المرتبكة في تقوية الحوثي وتحقيق مكاسب على الأرض، وهو ما قد يغير الموقف الأميركي تجاه هذا الملف”.
ولفت الطاهر إلى أن المشكلة الرئيسية في سياسة واشنطن تجاه الملف اليمني وتداعياته الإقليمية، نابع من تعامل الولايات المتحدة خلال الفترة الماضية مع الحرب في اليمن وامتداداتها بنوع من الاستهتار أحيانا والبراغماتية أحيانا أخرى بحيث ظهرت وكأنه لا يهمها من ينتصر أو يخسر في هذه الحرب، بقدر ما يهمها إيقافها لأسباب إنسانية كما تزعم إدارة بايدن”.
وأضاف المحلل اليمني “لأسباب سياسية تتعلق بالمنافسة في الانتخابات الأميركية، لاسيما انتخابات التجديد النصفية، تسعى إدارة الرئيس بايدن لتحقيق أيّ انتصار دبلوماسي في ملفات الشرق الأوسط الساخنة، والمتاح حاليا في هذا الجانب هو العمل على تمديد الهدنة، لكن بعد الانتخابات النصفية، وأعتقد أن الوضع سيتغير في اليمن، وقد نرى انعكاسات هذه الزيارة في هذا الوقت”.