لا استثناءات بعد كارثة درنة، المساعدات الأميركية تصل عبر الدبيبة

الدبيبة يبحث مع قائد "أفريكوم" تنظيم آلية الدعم الأميركي للمناطق المنكوبة.
الخميس 2023/09/21
لا ثقة إلا في الدبيبة

سارعت واشنطن إلى تقديم المساعدات للمناطق الليبية عقب عاصفة دانيال، عبر قيادة "أفريكوم"، في وقت يتنامى فيه "الغضب" الشعبي على السلطات بعد إهمالها لعملية الإعمار شرق البلاد، وتصاعد الدعوات المطالبة بتغيير الحكومة التي تدعمها في طرابلس.

طرابلس - يعكس اللقاء الذي جمع قائد القيادة الأميركية في أفريقيا “أفريكوم” الجنرال مايكل لانجلي مع رئيس الحكومة الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة لبحث سبل تقديم الدعم لدرنة، تمسكا أميركيا بالتعامل مع حكومة الدبيبة رغم ما يتم تداوله من أنباء منذ أسابيع بشأن توجه غربي لتغييرها بحكومة تكنوقراط تشرف على الانتخابات.

كما يعكس اللقاء إصرارا على عدم التعامل مع السلطات شرق ليبيا التي تقع درنة ضمن مجال نفوذها، سواء البرلمان أو الحكومة الموازية أو حتى القيادة العامة للجيش.

وقالت حكومة الوحدة الوطنية الأربعاء "إن الدبيبة بحث مع الجنرال مايكل لانجلي تنظيم آلية الدعم الأميركي للمناطق المنكوبة شرق البلاد عبر حكومة الوحدة الوطنية وأجهزتها التنفيذية وفرقها الميدانية في المنطقة الشرقية".

ومنذ الإعلان عن الكارثة سارعت العديد من الدول لإرسال المساعدات مباشرة إلى الشرق دون المرور بطرابلس، باستثناء الجزائر التي أرسلت فريق إنقاذ إلى درنة ووفدا سياسيا برئاسة وزير الداخلية إبراهيم مراد إلى طرابلس.

ووصل الجنرال لانجلي إلى العاصمة طرابلس الأربعاء، لبحث تداعيات الأوضاع في درنة مع الدبيبة، بحضور المبعوث الأميركي الخاص لدى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند ورئيس أركان قوات الجيش التابعة لحكومة الوحدة الوطنية الفريق أول ركن محمد الحداد.

عزالدين عقيل: هم يتعاملون مع حكومة الدبيبة لأنّهم صنعوها عبر ويليامز
عزالدين عقيل: هم يتعاملون مع حكومة الدبيبة لأنّهم صنعوها عبر ويليامز

وأكد الدبيبة على "أهمية التنسيق والتعاون مع الحكومة الأميركية ومنظماتها الموجودة في ليبيا لرفع الضرر الذي لحق بالأهالي في المناطق المتضررة والمساهمة في عودة التنمية والاستقرار للمنطقة".

ووفق البيان "تطرق الطرفان إلى ملفات تأمين الحدود ومكافحة الإرهاب، وتطورات الوضع السياسي والأمني الذي تعيشه دول الجوار الأفريقية وتداعياتها على أمن واستقرار ليبيا".

ويأتي ذلك، بعد يوم واحد على إعلان ناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن السلطات الليبية في شرق البلاد رفضت وصول فريق تابع للمنظمة الدولية إلى مدينة درنة للمساعدة في مواجهة آثار أسوأ كارثة طبيعية على الإطلاق في البلاد.

وقال المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل إن “الدعم الأميركي للدبيبة لم يتوقف يوما واحدا، وهو الحليف الأول لواشنطن في ليبيا، لأن حكومة الوحدة الوطنية يعتبرونها حكومة مشروعة والأخرى (حكومة أسامة حماد) موازية".

وأضاف في تصريح لـ"العرب"، "هم يتعاملون مع حكومة الدبيبة لأنّهم صنّاعها عن طريق ستيفاني ويليامز، لقاء الدبيبة مع قائد أفريكوم يبدو أنه مبرمج من قبل، ولا علاقة لكارثة درنة به، نظرا لوجود تنسيق كبير بين الطرفين".

وتابع عقيل "ربّما توجد لدى الدبيبة وواشنطن مخاوف من عودة المجموعات الإرهابية ونشاط تنظيم داعش، وقد تسفر عن توحيد الجيش على الطريقة الأميركية التي لا يعرفها أحد، وتعني امتدادا للجيش الأميركي في ليبيا".

ولم يستبعد المحلل السياسي أن "تساوم أفريكوم ومن ورائها واشنطن الدبيبة بشأن الأهداف التي جاء من أجل تحقيقها في ليبيا، أو ربّما يريدون تبليغه بأن وقته قد انتهى”، معتبرا أن "بعد اتفاق مدينة الصخيرات المغربية في 2015 أصبح ممنوعا على رئيس البرلمان عقيلة صالح ومسانديه تشكيل حكومة جديدة، ورأينا كيف تتساقط الحكومات في الشرق الواحدة تلو الأخرى، (حكومتا فتحي باشاغا وأسامة حماد)".

ورغم حثها مؤخرا على ضرورة الانتهاء من القوانين الانتخابية، تراهن واشنطن على فشل لجنة "6+6" في التوافق، بما يسمح لها بتنفيذ أجندتها. وفي وقت سابق، وجهت واشنطن رسالة للفرقاء الليبيين، طالبتهم فيها بالعمل على إعداد الإطار القانوني للانتخابات دون تأخير.

وقال المبعوث الأميركي الخاص لدى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند، وفق ما نقلته سفارة بلاده لدى ليبيا عبر حسابها الرسمي على إكس، “نحن نؤيد تماما دعوة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة عبدالله باتيلي للجنة 6 + 6 للتوصل إلى اتفاق بشأن إطار قانوني للانتخابات، ونحث جميع القادة السياسيين على ممارسة نفوذهم لتحقيق هذه الغاية دون تأخير".

وتابع "لا أبالغ إن قلت إنها تراهن على فشل اللجنة في التوصل إلى التفاهمات المشتركة المطلوبة، لإنجاز القاعدة القانونية اللازمة لإجراء الانتخابات العامة، وتتماهى معها في ذلك البعثة الأممية بقيادة باتيلي".

وسمح الانقسام السياسي في ليبيا منذ سنوات، بالاستنجاد بالقوى الغربية، حيث تعد مراعاة مصالح واشنطن بمثابة الضوء الأخضر للاستمرار في الحكم على حساب البقية. وكُلفت إدارة رئيس الوزراء المؤقت عبدالحميد الدبيبة بتوحيد المؤسسات الليبية والتحضير لانتخابات الرابع والعشرين من ديسمبر 2021 بموجب عملية أطلقتها الأمم المتحدة في نوفمبر، وأعقب ذلك في مارس تشكيل حكومة وحدة وطنية لتحلّ مكان الإدارتين المتنافستين في الشرق والغرب.

وألقت واشنطن بثقلها على ليبيا في السنوات الأخيرة، دعما لحكومة الدبيبة، حيث سبق أن أكد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط جوي هود دعم واشنطن للسلطات الانتقالية في ليبيا.

وتعد "درنة" من أكثر المدن الليبية تضررا جراء الزلزال، حيث سجلت الآلاف من القتلى والمفقودين والمصابين بين صفوف سكانها، إضافة إلى الدمار الواسع الذي لحق بالمدينة وبينتها التحتية. وفي العاشر من سبتمبر الجاري، اجتاح الإعصار المتوسطي "دانيال" عدة مناطق شرقي ليبيا أبرزها مدن بنغازي والبيضاء والمرج وسوسة بالإضافة إلى مناطق أخرى بينها درنة.

وخلف الإعصار والفيضانات الناجمة عنه في ليبيا، 11 ألفا و470 قتيلا و10 آلاف و100 مفقود، و40 ألف نازح شمال شرقي البلاد، وفقا لأرقام نشرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، في السادس عشر من سبتمبر الجاري.

4