لا أمل في انتهاء المرحلة الانتقالية في تشاد

نجامينا - قبل عام أعلن الجيش التشادي أن إدريس ديبي الذي حكم البلاد بقبضة من حديد لمدة 30 عاما قُتل في الجبهة بينما كان يقود هجوما ضدّ المتمرّدين.
وإثر رحيله في العشرين من أبريل تولّى السلطة ابنه محمد إدريس ديبي إتنو البالغ من العمر 37 عاما على رأس مجموعة عسكرية مكونة من 15 ضابطا.
ولقي القائد الجديد دعم المجتمع الدولي وفرنسا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي خصوصا، أي أولئك الذين فرضوا عقوبات على العسكريين الانقلابيين في بلدان أفريقية أخرى، إذ إن الجيش التشادي يشكل أحد أعمدة الحرب ضد الجهاديين في منطقة الساحل كما أن محمد ادريس ديبي وعد بتسليم السلطة للمدنيين خلال مهلة 18 شهراً. لكن الوضع ما زال على حاله منذ ذلك الحين.
وقام الزعيم الجديد في نجامينا على الفور بحل البرلمان والحكومة وإلغاء الدستور، لكنه وعد بإجراء “انتخابات حرة وديمقراطية” بعد فترة انتقالية تستمر 18 شهرا. وعدلها في اليوم التالي بموجب “ميثاق انتقالي” لتصبح قابلة للتجديد “مرة واحدة”. كما تعهد بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة.

رولان مارشال: التوصل إلى اتفاق سيكون في غاية الصعوبة مما يؤجل الانتقال
وطالب المجتمع الدولي بألا تتجاوز الفترة الانتقالية 18 شهرًا، مما يعني تنظيم انتخابات في خريف عام 2022.
وبعد شهرين نكث محمد ديبي وعده وأعلن عدم استبعاده تمديد الفترة الانتقالية “إذا لم يتمكن التشاديون من التوصل إلى توافق” و”فوض أمره إلى الله القادر على كل شيء” بشأن الانتخابات الرئاسية.
وقدم وعدًا مهمًا آخر بإقامة “حوار وطني شامل” مع كل المعارضة السياسية والمسلحة، أي مفتوح أمام حوالي خمسين من المجموعات المتمردة والجماعات الصغيرة التي تؤرق السلطة منذ 30 عامًا.
وفي الوقت الحالي تُثار شكوك حول تنظيم الانتخابات قبل ستة أشهر من الموعد النهائي نظريًا، في ظل تباين المواقف وتأخير لا رجوع عنه في الإجراءات.
وفي الثالث عشر مارس بدأ في الدوحة الحوار التمهيدي مع جميع المجموعات المسلحة، وهو أمر ضروري لمشاركتها في الحوار الشامل. واعتبر محمد ديبي أن “يده ممدودة” وهو ما يتناقض مع تصلب والده.
ويقيم أكثر من 250 عضوا من نحو خمسين حركة متمردة في العاصمة القطرية منذ شهر، لكنهم يرفضون التحدث مباشرة إلى مبعوثي المجلس العسكري، كما أنهم غير متفقين في ما بينهم.
وترى المعارضة أن الأمر مناورة للمماطلة من قبل الحكومة لتخريب هذه المحادثات مسبقاً من خلال فرض وسيط قطري، الأمر الذي يرفضه عدد كبير من المحاورين.
وبعد شهر في الدوحة لم يظهر أي تقدم ملموس، ويبدو الحفاظ على موعد عقد الحوار الوطني في العاشر من مايو في نجامينا صعبا خاصة وأن المعارضة السياسية التي سمح لها محمد ديبي بالتظاهر - وهو أمر ما كان يمكن تصوره في عهد والده - تمنع منذ مطلع أبريل تنظيم المنتدى وتهدد بمقاطعته، متهمة المجلس العسكري بتكريس “انتهاكات حقوق الإنسان” والتحضير لترشيح الجنرال ديبي للرئاسة.
بعد شهرين نكث محمد ديبي وعده وأعلن عدم استبعاده تمديد الفترة الانتقالية إذا لم يتمكن التشاديون من التوصل إلى توافق
ويتوقع تييري فيركولون من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أنه “لن يتم الالتزام بمهلة الفترة الانتقالية”.
وأوضح رولان مارشال من مركز الأبحاث الدولية التابع لجامعة العلوم السياسية في باريس أن حوار “الدوحة لا يحرز تقدما، سيكون التوصل إلى اتفاق في غاية الصعوبة، مما يؤجل الانتقال”. إلا أن المجلس العسكري تعهد السبت بالإبقاء على تاريخ العاشر من مايو.
وفي ردها على المشككين أكدت الحكومة الانتقالية التي عينها محمد ديبي أن “الحوار الذي ينتظره الجميع ينبغي أن يفضي حتماً إلى قيام مؤسسات ديمقراطية”.
لكن في الوقت الحالي يبدو أن الفرضية السائدة هي استمرار نظام الأب الذي اعتمدت سلطته الاستبدادية على جيشه القوي الذي تسيطر عليه قبيلة الزغاوة التي ينتمي إليها.
ومن الممكن أن يناسب هذا الوضع الراهن غالبية التشاديين والمجتمع الدولي الذين يرون فيه ضمانًا للاستقرار في منطقة تشوبها نزاعات، مع مجاورتها لجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا والسودان، أمام نشاط جهاديي بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية حول بحيرة تشاد.
ويؤكد فيركولون “في ما يتعلق بالأمن، تدار الأمور بشكل جيد إلى حد ما في الوقت الحالي، والجماعات المسلحة لا تمثل تهديدًا”، فمنذ عام لم يشن المتمردون أي هجوم.