لا أحد يصدق ما يقوله الإعلام الأميركي

واشنطن - تعاني صناعة الإعلام من أزمة مصداقية، حيث تنهار الثقة في صناعة الإعلام ككل، ولا يرى الخبراء حلاً سريعًا بعد سنوات من تجاهل الإنصاف والموضوعية.
وأشار استطلاع رأي نشرته مؤسسة غالوب مؤخرًا إلى أن “الأميركيين أصبحوا أقل ثقة في المؤسسات الأميركية الكبرى مما كانوا عليه قبل عام”، إلا أن الانهيار المستمر لصناعة الإعلام صارخ.
وقال 11 في المئة فقط من الأميركيين إن لديهم ثقة في الصحف في عام 2022، بانخفاض 5 في المئة مقارنة بنتائج عام 2021، وفقًا لمؤسسة غالوب. ويمثل الرقم أقل رقم منذ أن بدأت غالوب في السؤال عن الإعلام في عام 1973.
ويعتقد المحلل الإعلامي جو كونشا أن “المساحة الرمادية بين الأخبار الفعلية والرأي الحزبي توسعت”.
وتابع “يمكن لصناعة الإعلام تحسين الوضع من خلال عدم ضخ الكثير من الرأي في ما يجب أن يكون نقلًا مباشرًا. وأيضًا من خلال عدم الانحياز تلقائيًا وبشكل صارخ إلى جانب قضايا كبيرة، أو القيام بإرضاء حزب سياسي كبير”.
وشارك الصحافي غلين غرينوالد نتائج غالوب، مشيرًا إلى أن “ثقة الجمهور في وسائل الإعلام قريبة من عدم وجودها”. ويعتقد أن نسبة الأميركيين الذين يثقون بالفعل في الصحافة ستكون “صفرًا” لولا الديمقراطيين.

بن سميث: نأمل أن يساعد الالتزام بالشفافية والانفتاح على مجموعة من الآراء في سد هذه الفجوة بمرور الوقت
وقال بن سميث كاتب عمود في صحيفة نيويورك تايمز عندما سئل كيف يمكن للمؤسسات الإخبارية تحسين المصداقية المؤسسية الضعيفة “نأمل أن يساعد الالتزام بالشفافية والانفتاح على مجموعة من الآراء في سد هذه الفجوة بمرور الوقت”.
ويعتقد ستيف كراكوير محرر “فور واتش” الذي عمل في مجموعة متنوعة من الشركات الإعلامية أن معظم المؤسسات الإخبارية تحتاج ببساطة إلى الاعتراف بأن لديها مشكلة من أجل البدء في استعادة الثقة. وتابع “القول أنا صحافي، وجمهوري لا يثق في من شأنه أن يقطع شوطًا طويلاً نحو التعافي”.
من جانبه يعتبر رئيس سي.إن.إن الجديد كريس ليخت أنه “من الصعب جدًا استعادة السمعة التي فقدت يومًا ما، هناك الآن مصادر جديدة للمعلومات متاحة”. وفي الواقع، فإن رئيس سي.إن.إن المعين مؤخرًا حريص على التخلص من السمعة التي طورتها الشبكة في ظل الإدارة السابقة، حيث اشتهرت بنهجها العدائي في تغطية إدارة دونالد ترامب.
ويعتقد جيفري ماكول، الناقد الإعلامي أن “الديمقراطية الفعالة تتوقف على وجود تدفق معلومات دقيق”، مؤكدا أن “تراجع الصحافة المسؤولة، بلا شك، أضر بأمتنا على مستويات عديدة في السنوات الأخيرة”.
وتخلت العديد من المؤسسات الإخبارية عن المعايير المهنية التقليدية المتعلقة بالموضوعية والإنصاف وتقديم وجهات نظر متعددة للقضايا المعقدة. كما ملأت صناعة الأخبار نفسها بأشخاص يميلون إلى إبداء آراء معينة دون غيرها ولم يعودوا يتصلون بقطاعات واسعة من الجمهور الأميركي.
لا يرى أستاذ الصحافة بجامعة نورث كارولينا، لويس بوينتون حلًا سريعًا أيضًا. وقال “عندما تنكسر الثقة، يتطلب الأمر الكثير من الجهد لاستعادتها. يجب أن يكون كلا الطرفين - القراء والمشاهدين ومنافذ الأخبار - على استعداد للعمل معًا”.
أوضح بوينتون أن العديد من المؤسسات الإخبارية تواجه معضلة في الموازنة بين ما هو مربح مقابل الشيء “الصحيح” الذي يجب القيام به. وقال “لم يأت أحد بصيغة سحرية توفر كليهما”.