لافروف يزور الرياض تجنبا لمفاجآت على صعيد العلاقات السعودية - الأميركية

تحرص روسيا على تجنب أي مفاجآت قد تربك خططها في المواجهة الجارية مع الولايات المتحدة، وفي هذا الإطار تأتي زيارة وزير الخارجية الروسي إلى السعودية للحصول على تطمينات بشأن عدم وجود توجه من الرياض لتعديل موقفها من تحالف أوبك+.
الرياض - يعتزم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف زيارة المملكة العربية السعودية والبحرين نهاية الشهر الجاري، وذلك في ثاني جولة يقوم بها إلى المنطقة العربية منذ انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وتربط أوساط سياسية خليجية زيارة لافروف بالزخم الحاصل على خط العلاقات السعودية – الأميركية، ومساعي واشنطن الدؤوبة لإقناع الرياض بأهمية الانحياز إلى صفها في صراعها الدائر مع موسكو والذي اتخذ منعرجا خطيرا منذ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وتقول هذه الأوساط إن موسكو على قناعة بأن الرياض ليست في وارد القيام باستدارة حدية، وأنها ملتزمة بموقف الحياد في الملف الأوكراني والاتفاق الحاصل ضمن تحالف أوبك+، لكن من الضروري التحقق بالفعل من ذلك حيث أن لا شيء مستحيلا في قاموس السياسة.
وكان لافروف ذكر في وقت سابق أن موسكو “واثقة من صلابة مواقف الدولة الصديقة وعدم خضوع حكوماتها إلى الضغوط الأميركية والغربية".
وقال وزير الخارجية الروسي إن "كل الدول العربية تتخذ موقفا مسؤولا، إنهم (حكام هذه الدول) يثبتون أنهم يعتمدون فقط على مصالحهم الوطنية وليسوا مستعدين للتضحية بهذه المصالح الوطنية من أجل مغامرات جيوسياسية انتهازية لأي جهة".
تغيير السعودية لموقفها لاسيما في علاقة بتحالف أوبك+ ستكون له تداعيات كارثية على خطط روسيا في مواجهة الغرب
وأضاف لافروف "لدينا بشكل عام علاقة تقوم على الاحترام المتبادل. نحترم المصالح، والمصالح الأساسية للدول العربية في ما يتعلق بالتهديدات التي يتعرض لها أمنها. وهم (قادة هذه الدول) يتعاملون معنا بالمثل، ويتفهمون التهديدات لأمن روسيا التي كان الغرب يخلقها منذ عقود مباشرة على حدودنا، في محاولة لاستخدام أوكرانيا لاحتواء روسيا، ولإلحاق أضرار جسيمة بنا".
وأشار إلى أن "غطرسة التحالف الأنجلوسكسوني لا تعرف حدودا، ونحن نقتنع بذلك كل يوم. وبدلا من اتباع التزاماته بموجب ميثاق الأمم المتحدة واحترام المساواة في السيادة بين الدول، كما هو مكتوب هناك، ورفض التدخل في شؤونها الداخلية، فإن الغرب على أساس يومي، من خلال سفرائه ومن خلال مبعوثيه إلى كل عاصمة بلا استثناء، لا العالم العربي فقط بل المناطق الأخرى، يرسل الإنذارات ويبتز بوقاحة".
وأوضح لافروف أن "رد الفعل الذي نراه من الدول العربية، ومن جميع الدول الأخرى في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، يظهر أن هذه الدول لا تريد التضحية بكرامتها الوطنية، إن شئت، والركض مثل الخدم لتنفيذ مهام الرفاق الكبار".
واتخذت الدول العربية وفي مقدمتها السعودية موقفا محايدا من النزاع الدائر في أوكرانيا، متمسكة بضرورة النأي بملف الطاقة عن الصراعات السياسية.
وشكل هذا الموقف صدمة للولايات المتحدة التي حاولت بداية عبر مبعوثيها ممارسة ضغوط على السعودية لتغيير موقفها، لكن ذلك لم يجد نفعا، فعمدت واشنطن إلى التلويح بخيار العقوبات عبر مشروع قانون “نوبك”، وهو ما قوبل بتجاهل من قبل المملكة، لتنتهي الولايات المتحدة إلى قناعة بأن الرياض لم تعد تلك العاصمة التي تقبل الخضوع أو التنازل، وأن القيادة السعودية باتت تؤمن بأن لديها من المقومات والإمكانيات الشيء الكثير لفرض علاقة ندية مع الولايات المتحدة، وغيرها من القوى الدولية.
وعلى ضوء ذلك عدلت الإدارة الأميركية سياساتها باتجاه السعودية، من خلال فتح حوار معها حول سبل العودة وإرساء علاقات شراكة حقيقية، وهو ما قابلته المملكة بإيجابية حذرة عبر إرسالها مؤخرا نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان إلى واشنطن.
وترافق ذلك مع زيارة لوفد من كبار مستشاري البيت الأبيض إلى المملكة للقاء العاهل السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، من أجل التوصل إلى تفاهمات حول القضايا التي أوصلت العلاقات إلى هذا الوضع غير المسبوق، ومنها الموقف من الأمير محمد بن سلمان والملف اليمني والتحدي الإيراني، إلى جانب ملف الطاقة.
ما يزيد من هواجس روسيا هو اقتراب انتهاء الاتفاق بين أعضاء أوبك+ المطبق منذ أبريل 2020 ما يفتح الباب لاتفاق جديد
ويرى مراقبون أن إظهار واشنطن رغبة في إجراء حوار صريح مع المملكة حول القضايا الخلافية بالتأكيد سيثير قلق روسيا، حيث أن تغيير المملكة لموقفها لاسيما في علاقة بالتزامها مع تحالف أوبك+ ستكون له تداعيات كارثية على الخطط الروسية في مواجهة الضغوط الغربية.
ويشير المراقبون إلى أن ما يزيد من هواجس روسيا هو اقتراب انتهاء الاتفاق بين أعضاء أوبك+ المتعلق بالحصص والمطبق منذ أبريل 2020، وبالتالي هناك حاجة إلى اتفاق جديد.
وأكد وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان، في وقت سابق على دعم بلاده لروسيا كعضو في أوبك+. وقال الوزير السعودي في تصريحات لصحيفة فاينانشال تايمز إن الرياض تأمل "في التوصل إلى اتفاق مع أوبك+ التي تشمل روسيا"، مؤكدا على ضرورة تقدير قيمة تحالف الدول المنتجة للنفط في المجموعة.
واعتبرت الصحيفة البريطانية تصريحات الوزير السعودي "علامة مهمة" على استمرار دعم حليف الولايات المتحدة التقليدي لموسكو، حيث يحاول الغرب عزل روسيا بينما يتراجع إنتاجها النفطي.
وقال الوزير إنه من السابق لأوانه تحديد شكل الاتفاق الجديد بالنظر إلى حالة عدم اليقين في السوق، لكنه أضاف أن أوبك+ ستزيد الإنتاج "إذا كان الطلب موجودا".
والتزم تحالف أوبك+ منذ عام 2020 باتفاق يقضي برفع أعضاء التحالف إجمالي الإنتاج كل شهر بـ430 ألف برميل يوميا، ولم يعد يفصل عن نهاية الاتفاق سوى ثلاثة أشهر.