لائحة الأجور الجديدة تريح الأطباء وتضاعف أعباء الأردنيين

تشكل الزيادة في أجور الأطباء والخدمات الطبية التي بلغت ستين في المئة عبئا إضافيا على المواطن الأردني، الذي يجد صعوبة في تأمين حاجياته الأساسية نتيجة الغلاء. كما أن هذه الزيادة التي دخلت حيز التنفيذ من شأنها أن تشكل ضغطا أيضا على المرافق الصحية الحكومية والعسكرية التي تعاني بدورها من حالة استنزاف.
عمان - أدخلت لائحة الأجور الطبية الجديدة ارتياحا في صفوف الأطباء الأردنيين لكنها ولدت المزيد من الأعباء على المواطنين الذين يعانون من تراجع قدرتهم الشرائية، كما أن جزءا كبيرا منهم لا يحصل على التغطية الصحية. وشكل الترفيع في الأجور الطبية مطلبا ملحا خلال السنوات الأخيرة حيث يشتكي الأطباء أسوة بباقي الأردنيين من أوضاع مادية صعبة، نتيجة موجة الغلاء، وقد اضطر العديد منهم إلى الهجرة بحثا عن ظروف أفضل، وتحسين أوضاعهم المعيشية.
وتعود لائحة الأجور الطبية المعمول بها إلى العام 2008، وهي لائحة مضى عليها نحو ستين عاما، ولم تعد تُلبي احتياجات الطبيب. ويقول متابعون إن تعديل لائحة الأجور مطلب محق للأطباء، لكن في الآن ذاته سيضاعف من حجم الضغوط على شريحة كبيرة من المواطنين، الذين يجدون صعوبة في توفير حاجياتهم الأساسية. وكشف نقيب الأطباء، الدكتور زياد الزعبي، في وقت سابق أن الجهات المعنية وافقت على لائحة الأجور الطبية لعام 2024.
وقال الزعبي في بيان إن وزير الصحة، فراس الهواري، أكد له ولعدد من أعضاء مجلس النقابة خلال لقاء معه أن لائحة الأجور لعام 2024 تم إرسالها للنشر في الجريدة الرسمية بعد إقرارها من الجهات المعنية، وبات بإمكان الزملاء العمل بموجبها حالا. وتتجاوز اللائحة الجديدة حدود الأجر إلى الخدمات الطبية التي يقدمها الطبيب في العيادة الخاصة أو المستشفى، وستساهم جميعها بارتفاع الكلفة النهائية.
وأوضح نقيب الأطباء الأردنيين أن لائحة الأجور تشمل زيادة بنسبة 60 في المئة على جميع الأجور المذكورة في اللائحة السابقة لعام 2008، مقسمة على ثلاث مراحل تنطلق من الآن، وذلك مراعاة للظروف الاقتصادية للمواطنين، وتم الاتفاق عليها بالتعاون مع اتحاد شركات التأمين وجمعية شركات وصناديق التأمين والضمان الاجتماعي، برعاية وزارة الصحة والبنك المركزي.
وقال الزعبي إن اللائحة تتضمن جميع الإجراءات الجديدة التي لم تكن موجودة في اللائحة السابقة، والتي تمت مناقشتها وإقرارها من قبل لجنة الأجور والجمعيات العلمية في نقابة الأطباء، صاحبة الصلاحية في إصدار لائحة الأجور حسب قانون نقابة الأطباء. وأكد أنه خلال الأيام القادمة ستتم مخاطبة اتحاد شركات التأمين وكافة شركات وصناديق التأمين لمناقشة وتوقيع العقد الموحد مع الجهات التأمينية، وفقا لتعليمات الصندوق التعاوني التي تم نشرها مؤخرا في الجريدة الرسمية.
ودعا جميع الأطباء إلى الالتزام بالأجور الواردة في اللائحة، التي ستنشر على حساب النقابة على مواقع التواصل الاجتماعي، مرفقة بتعليمات الصندوق التعاوني. ويوجد أكثر من 30 في المئة من الأردنيين لا يتمتعون بتغطية صحية، وبينهم عمال المياومة، وبالتالي فإن هؤلاء سيكون أكثر المتضررين من الارتفاع المستجد على الأجور والخدمات الطبية. ويقول متابعون إن اللائحة الجديدة من شأنها أن تزيد الضغط على المرافق الصحية العمومية التي تشهد بطبعها ضغطا كبيرا، وحالة من الاستنزاف.
وسلطت دراسة نشرتها شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، الضوء على تردي الخدمات الصحية الحكومية في الأردن، عازية ذلك للضغط المتزايد على المرافق الصحية، جراء الزيادة السكانية، وموجات اللاجئين، وعجز القطاع العام عن مواكبة هذه الزيادة، عبر إنشاء أو توسيع المرافق الصحية، بخاصة خارج مراكز المحافظات، ما يؤدي للاكتظاظ، وفترات الانتظار الطويلة والبعيدة.
وذكرت الدراسة أن الكوادر الطبية والتمريضية في قطاعي الصحة الحكومي والعسكري، تضطر لخدمة زوار ومرضى يوميا، ولا يستطيع قطاع الصحة العامة تعيين أعداد مختلفة من الكوادر المؤهلة، لتلبية هذه الاحتياجات المتزايدة، مشيرة إلى عدم وجود آليات متابعة للحالات الطبية، وهذا "لا يسمح لمقدمي الرعاية الصحية بمعرفة التاريخ الكامل لحالاتهم".
ولفتت إلى النقص المتكرر في أنواع أدوية ومستلزمات طبية في منشآت القطاع الصحي الحكومي والعسكري بخاصة في الأطراف، واستنزاف الكوادر الصحية المدربة والمؤهلة خارج قطاعي الصحة الحكومية والعسكرية، وعدم كفاية القدرة على استقطاب المهنيين المؤهلين والمهرة.
وقالت الدراسة، إن هناك زيادة في الضغط على المنشآت نتيجة ظهور أوبئة جديدة أو عودة ظهور أوبئة قديمة بعد زوالها لفترة طويلة، ناهيك عن ضعف الإنفاق على خدمات الصحة الوقائية، ما يؤدي لزيادة حاجة من يعانون من مشاكل صحية يمكن الوقاية منها، للحضور إلى المستشفيات والمراكز الصحية. وأكدت أن هناك نقصا حادا في التخصصات الطبية في مستشفيات المحافظات في الأطراف، ما يزيد من ضغط الإحالة للمستشفيات الكبرى في المدن، إذ يوجد متخصصون، وهذا يؤثر على الوصول للخدمات الصحية المتخصصة.