كيف يحفز التحول من السيارات إلى صناعة الدفاع اقتصاد ألمانيا

قد يعطي التحول نحو الإنتاج الدفاعي دفعة للاقتصاد الألماني، الذي أصبح متخلفا بين نظرائه الأوروبيين.
الخميس 2025/03/06
الدبابات وليس السيارات هي المنقذ

تسعى شركات الدفاع الألمانية إلى زيادة الطاقة الإنتاجية مع استعداد دول الاتحاد الأوروبي لزيادة الإنفاق العسكري، بينما تتطلع إلى صناعة السيارات المتعثرة، وهي أول علامة على التحول الذي قد يساعد في إحياء أكبر اقتصاد في أوروبا بعد عامين من الانكماش.

فرانكفورت (ألمانيا) – تهدف شركات تصنيع الدبابات والرادارات والأسلحة في ألمانيا إلى زيادة الإنتاج مع استجابة أوروبا للضغوط الأميركية لرعاية دفاعاتها، وسط توقعات بأن يدعم قطاع السيارات المتعثر طفرة صناعة الدفاع.

وتعمل شركات صناعة السيارات، التي كانت القوة الاقتصادية لأقوى اقتصادات أوروبا لعقود على خفض الوظائف وإغلاق المصانع، وسط تباطؤ الطلب والتحول المتعثر إلى المركبات الكهربائية.

وذكرت راينميتال، أكبر شركة لصناعة الذخيرة في أوروبا الأسبوع الماضي أنها ستعيد استخدام منشأتين تنتجان حاليا أجزاء السيارات لصنع معدات دفاعية في الغالب.

وتجري شركة هينسولدت، التي تصنع أنظمة الرادار ترمل – 4 دي التي تستخدمها أوكرانيا في حربها مع روسيا، محادثات لتوظيف حوالي 200 عامل من موردي أجزاء السيارات الرئيسيين بوش وكونتيننتال.

أوليفر دويري: يجب أن نعتبر صناعة الدفاع محركا للنمو ولها دور مهم
أوليفر دويري: يجب أن نعتبر صناعة الدفاع محركا للنمو ولها دور مهم

وقال الرئيس التنفيذي للشركة أوليفر دويري لرويترز “نستفيد من الصعوبات في صناعة السيارات،” مضيفا أن “المزيد من الاستثمار قد يضاعف الإنتاج السنوي من ترمل – 4 دي إلى ما بين 25 و30.”

واتفق زعماء أوروبيون الأحد على ضرورة إنفاق المزيد في قمة طارئة في لندن عقدت بعد اشتباك علني بين الرئيسين دونالد ترامب وفولوديمير زيلينسكي ألقى بظلال من الشك على الدعم الأميركي المستقبلي لأوكرانيا.

ومن المقرر أن يجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي الخميس لمناقشة مقترحات لتعبئة 800 مليار يورو (843 مليار دولار) لإعادة التسلح، بما في ذلك 150 مليار يورو من الاقتراض المشترك.

وأعلنت الأحزاب المشاركة في المحادثات لتشكيل الحكومة الجديدة في ألمانيا في وقت متأخر الثلاثاء عن مقترحات لإنشاء صندوق بقيمة 500 مليار يورو للبنية الأساسية وإصلاح قواعد الاقتراض لزيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير.

وكانت أسهم شركات الدفاع الألمانية راينميتال وتيسنكروب وهينسولدت ورينك قد ارتفعت بنسبة 3.4 إلى 8.3 في المئة الأربعاء بعد الإعلان. وكانت أسهم الدفاع الأوروبية قد ارتفعت بشكل حاد هذا الأسبوع.

وتقدر مؤسسة بروغل البحثية أن أوروبا قد تحتاج إلى 300 ألف جندي إضافي وزيادة سنوية قصيرة الأجل في الإنفاق الدفاعي بما لا يقل عن 250 مليار يورو لـ”ردع العدوان الروسي”.

وقد يعطي التحول نحو الإنتاج الدفاعي دفعة للاقتصاد الألماني، الذي أصبح متخلفا بين نظرائه الأوروبيين، حيث تكافح الشركات مع ارتفاع تكاليف الطاقة والبيروقراطية والمنافسة الشرسة من الخارج.

ويعتقد معهد آي.أف.دبليو كيل للاقتصاد العالمي أن الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي قد ينمو بنسبة تتراوح بين 0.9 و1.5 في المئة سنويا.

وربط ذلك بزيادة دول التكتل الإنفاق العسكري إلى 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي من هدف الناتو الحالي البالغ اثنين في المئة واعتمدت على التكنولوجيا المحلية.

وقال يوهانس بايندر الباحث في معهد كيل “في الأمد المتوسط إلى الطويل، أظهر التاريخ الاقتصادي الأميركي على وجه الخصوص أن مثل هذا الإنفاق العسكري يمكن أن يحقق الكثير من حيث مكاسب الإنتاجية والتأثيرات والتقدم التكنولوجي.”

وأضاف أنه “بالنسبة إلى ألمانيا مع بنيتها التحتية الصناعية الحالية، من المرجح أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي عند الحد الأعلى من هذا النطاق.”

وتشير تقديرات مؤسسة آرنست آند يونغ إلى أن زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي من شأنه أن يضاعف الاستثمارات السنوية لألمانيا إلى أكثر من 25.5 مليار يورو.

وأشارت المؤسسة إلى أن ذلك سيولد 245 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، ويحفز ما يقرب من 42 مليار يورو في أنشطة الإنتاج والخدمات كل عام.

وتظهر أحدث الأرقام المتاحة أن صناعة الأمن والدفاع في ألمانيا وظفت 387 ألف شخص في عام 2022، أي ما يقرب من نصف عدد العاملين في قطاع السيارات في البلاد في ذلك العام.

زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3 في المئة ستدفع الاستثمار إلى أكثر من 25.5 مليار يورو
زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3 في المئة ستدفع الاستثمار إلى أكثر من 25.5 مليار يورو

وبلغ إجمالي مبيعات صناعة الدفاع الألمانية 47 مليار يورو خلال العام ذاته، مقارنة بنحو 506 مليارات يورو لقطاع السيارات. وقال دويري “يجب أن نعتبر صناعة الدفاع محركًا اقتصاديًا لألمانيا. وسيلعب القطاع دورا أكثر أهمية من الماضي.”

وبدأت هينسولدت بالفعل في الاستعانة بمصادر خارجية لإنتاج لوحات الدوائر وقال دويري إن ذلك يمكن أن يتوسع في النهاية ليشمل حزم الأسلاك والأغلفة.

وأشار دويري إلى أن استخدام الطاقة الاحتياطية في قطاع السيارات من شأنه أن يساعد في الحفاظ على البنية التحتية للتصنيع الراسخة في ألمانيا، فضلا عن تعزيز إنتاج المعدات العسكرية.

وذكرت شركة زد.أف فريدريشهافن لصناعة السيارات، التي تمر بعملية إعادة هيكلة قد تؤدي إلى إغلاق مصانع ألمانية، أنها كانت على اتصال بشركات الدفاع بشأن تحويل العمال، مستشهدة بـ “التآزر الصناعي”.

وتقول شركة رينك المصنعة لعلبة التروس للدبابات، المملوكة لشركة فولكسفاغن بأغلبية حتى عام 2020، إن قطاع السيارات أصبح أكثر تركيزًا مؤخرًا، وخاصة في ما يتعلق بتوسيع قدرات الإنتاج. ولم تذكر تفاصيل أخرى.

وتخطط شركة كيندز الألمانية – الفرنسية لتوريد أنظمة الدفاع العسكري، التي تخطط لتصنيع دبابة “ليوبارد 2” القتالية ومركبة المشاة القتالية “بوما” في مصنع ترام ألماني وافقت مؤخرا على شرائه من شركة ألستوم الفرنسية.

لكن محللين في دويتشه بنك حذروا في مذكرة الشهر الماضي من أن زيادة الإنفاق الدفاعي في أوروبا قد لا تجلب فوائد كبيرة للصناعة المحلية، التي هي أكثر تفتتا من نظيرتها في الولايات المتحدة.

وقال رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي، في تقرير حديث عن القدرة التنافسية لأوروبا، إنه “بين منتصف 2022 ومنتصف 2023، ذهب ما يقرب من 4 أخماس إنفاق المشتريات الدفاعية للاتحاد إلى موردين من خارج الاتحاد.” وتتحدث راينميتال أيضا مع كونتيننتال بشأن توظيف حوالي 100 موظف لتعزيز العمليات.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة أرمين بابرجر لرويترز في فبراير إن “هناك حاجة إلى استثمارات ضخمة في الصواريخ والذخيرة والمركبات لجعل أوروبا أكثر مرونة.”

وأوضح أن القارة متأخرة كثيرًا عن الهدف من حيث الإنفاق، مشيرا إلى أن “(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يعرف هذا أيضا بالطبع، ولهذا السبب يتعين علينا التحرك.”

11