كيف يتعامل الوالدان مع الطفل المدفوع برغبته الانتقامية

لندن - يؤكد خبراء علم النفس أن إحساس الطفل بأنه لم يعد مرغوباً فيه، وأن لا أحد يحس بوجوده، وانصراف أهله عنه يدفعه إلى التمرد وعصيان الأوامر والرغبة في الانتقام.
ويشيرون إلى أن عقاب الوالدين المتكرر نتيجة استيائهما من تمرده يزيد من انتقامه، والذي يأخذ العديد من الصور منها التمادي في الأعمال المثيرة وشراسة المزاج، والعناد والمكابرة، وعدم الخضوع للأوامر مع عدم احترام الكبار.
كما أكدت بعض الدراسات أن السلوك السلبي من الأطفال تجاه غيرهم يرجع إلى تصوّرهم بأن محيطهم معاد لهم، كما أنهم لا يرون ضرورة شكر من أحسن إليهم.
وفسر الباحثون ذلك بميل الأطفال إلى التركيز على المعلومات السلبية واستخدامها أكثر من المعلومات الإيجابية، وهو ما أسموه بـ”التحيز السلبي”. أما عدم امتنان الأطفال لمن أحسن إليهم ففسره الباحثون بنتائج دراسات سابقة أكدت أن الأطفال يتوقعون دائما من الآخرين أن يكونوا لطفاء معهم، ويعتبرون أن ذلك هو الوضع الطبيعي، وأن هذا السلوك لا يستدعي الشكر والامتنان.
تقديم المأكل والمشرب والملبس لا يعني كمال الوالدين وعدم تقصيرهما تجاه طفلهما أو طفلتهما، فالأهم توفير الطمأنينة النفسية
ويركز الطفل المدفوع برغبته الانتقامية في أن محيطه مكان قاس، ويعتقد أن ذلك يستدعي منه الدفاع عن نفسه بكل الوسائل. وتزداد حدة تلك الأفكار عندما يواجهها الوالدان بالاستنكار الشديد والعقاب وتبخيس الطفل ومقارنة سلوكه بسلوك غيره.
وأحيانا قد تستنكر الأم من طفلها عدم اعترافه بجميل أسدي إليه، وقد تنتقده وتصف سلوكه بالجحود ونكران الجميل، لذلك يجب الانتباه إلى أن عقاب الطفل وتلقيبه بالجاحد يزيد من سوء سلوكه، وربما يرسخ لديه صورة سلبية عن أمه، ويجعله يتيقّن من صحة تصوره عن محيطه.
ويرى خبراء علم النفس أن كل ما يجب على الأم فعله في هذه الحالة هو احتواء طفلها ومحاولة التقرب منه مع محاولة التعرف على الدوافع النفسية وراء هذا السلوك، فالإفصاح عن المشكل يساعد على وجود حلول تتناسب مع طبيعته.
وينصح الخبراء الوالدين بالتقرب من طفلهما وتفعيل عامل الحوار والنقاش معه والتعرف على تصوراته للحياة وأفكاره الداخلية مع محاولة التعديل المستمر للأفكار السلبية غير المنطقية التي يتبناها الطفل تجاه العالم الخارجي، وهو ما قد يساعده على تغيير سلوكه.
ويشير الخبراء إلى أن إغراق الطفل بالحب والحنان في مرحلة طفولته الأولى، والاستجابة لكل طلباته دون حساب، ثم التوقف فجأة أمر خطير جداً. ويحذرون من تحول الاهتمام إلى الطفل الجديد أو الأخ أو الأخت (في صورة وجودهما) بصورة مبالغ فيها أمام الطفل دون مراعاة لشعوره.
كما يرون أن تقديم المأكل والمشرب والملبس لا يعني كمال الوالدين وعدم تقصيرهما تجاه طفلهما أو طفلتهما، فالأهم توفير الطمأنينة النفسية، وفق رأيهم.