كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على الدراما العربية

فنانون ومنتجون يناقشون مستقبل الدراما واستفادتها من التكنولوجيا.
الخميس 2023/09/28
الدراما تتطور في ظل التكنولوجيا

لا شك أن الدراما العربية عرفت تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة، خاصة بظهور منصات البث وارتفاع عدد الأعمال المنتجة بشكل لافت، علاوة على التنوع الذي بات متوفرا أمام المشاهد العربي، لكن ورغم ذلك يبقى السؤال ملحا لمنتجي الدراما والعاملين فيها حول مستقبلها خاصة في ظل انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي التي كانت من الأسباب الرئيسية لإطلاق الممثلين وكتاب السيناريو صرخة فزع.

دبي - تباينت آراء فنانين ومنتجين عرب حول مدى التعامل مع الزيادة الكبيرة في الاهتمام بتقنيات الذكاء الاصطناعي في الإنتاج الدرامي ودرجة خطورته على الممثل والمنتج والمخرج والعمل الفني بصفة عامة.

فبينما أعربت الفنانة اللبنانية ماغي أبوغصن عن مخاوفها الشديدة من استخدامه في الأعمال الفنية وعلى التواجد الشخصي للممثل مع قبولها الاستفادة من أيّ تطور تقني، وافقت الفنانة المصرية ياسمين صبري على التعامل مع الذكاء الاصطناعي لأنه أصبح واقعا وأمرا حتميا لا مفر منه، وهو ما اتفق فيه معها الفنان السوري قصي خولي مع ضرورة الحذر في نسبة الاعتماد على هذا التطور التقني الحتمي.

قصي خولي: استخدام الذكاء الاصطناعي سيكون مفيدا للإنتاج الدرامي
قصي خولي: استخدام الذكاء الاصطناعي سيكون مفيدا للإنتاج الدرامي

ودعا المنتج السوري جمال سنان إلى تضمين شكل ووسائل استخدامه في العقود الفنية بين المنتج والمخرج والممثل وكافة مقومات أيّ عمل فني.

جاء ذلك خلال الجلسة النقاشية التي تم تنظيمها بعنوان “هل سيغير الذكاء الاصطناعي مستقبل الدراما العربية؟” ضمن فعاليات اليوم الأول لمنتدى الإعلام العربي في دورته الحادية والعشرين بتنظيم نادي دبي للصحافة، وأدارها الإعلامي بقناة  LBC رودولف هلال الذي طرح سؤالا في البداية على المشاركين عن مدى قبول الفنان بأن يستخدم الذكاء الاصطناعي صوته وصورته كبديل لتواجده في العمل الفني.

وقال الفنان قصي خولي “إننا في المنطقة العربية تأخرنا في استخدام الإنترنت وأصبحت حياتنا اليوم معتمدة عليه في كل شيء، ولذلك لا بد أن نسرّع في استخدام الذكاء الاصطناعي لأنه سيكون مفيدا للإنتاج الدرامي، رغم ما يتضمنه من مساوئ، لكن لكل شيء مساوئ ومزايا ويعتمد الأمر على طريقة الاستخدام”.

واقع يجب قبوله

قالت الفنانة ماجي أبوغصن إنها لا تود استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الدرامي ولا يجب الاستسلام له بسهولة لأن الدراما مشاعر وإنسانيات وحياة يفتقدها الذكاء الاصطناعي، إلا أننا مضطرون لقبوله، مضيفة “يجب استخدامه بما يفيد ماهية العمل الفني ويفيدنا لا أن يضرنا”.

ماجي أبوغصن: الدراما مشاعر وحياة يفتقدها الذكاء الاصطناعي
ماجي أبوغصن: الدراما مشاعر وحياة يفتقدها الذكاء الاصطناعي

ووافقت ياسمين صبري بشدة على استخدام الذكاء الاصطناعي في العمل الدرامي لأنه سيكون أمرا واقعا لا مفر منه، وأضافت “الذكاء الاصطناعي أكبر منا جميعا ولن يكون لنا قرار في استخدامه من عدمه حيث تم التخطيط له منذ سنوات مثل أيّ شيء جديد يتم التخطيط له قبل أن يصبح أمرا واقعا”، وقالت “من هنا يجب أن نكون واقعيين ونقبل التعامل معه بما يخدم الدراما، وبالتأكيد ستكون هناك حقوق ملكية تتضمنها بنود العقود المبرمة بين عناصر العمل الفني وكيفية استخدام صوت الفنان وصورته”.

واعتبر المنتج الفني جمال سنان أنه “يمكننا كفنانين أن نتذاكى على الذكاء الاصطناعي لأن الدراما روح ومشاعر ويجب أن نتقبله في تقليد الفنان صوتا وصورة”.

ورأى قصي خولي أن الذكاء الاصطناعي سيستمر دون توقف وغالبا ما سنجد حلولا لمدى الاعتماد عليه واستخدامه ضمن ضوابط وقوانين يوافق عليها الفنان.

وقالت ماجي أبوغصن “نعم نتبناه ونستخدمه لمصلحتنا ولتطوير بعض عناصر الدراما كالصورة والديكور، مع تخوفي الشديد من خطورته علينا كفنانين”.

وفي إجاباتهم حول سؤال “من أكثر ذكاء الإنسان أم الذكاء الاصطناعي؟”، قال خولي “إنها حرب مستمرة بين الطرفين لكن الإنسان أقوى لأنه هو من اخترعه”، فيما رأت ياسمين صبري أن الذكاء الاصطناعي سيتغلب على الإنسان رغم أنه هو من اخترعه، بسبب الكم الهائل من المعلومات التي سيتم تغذيته بها والتي تفوق قدرات الإنسان في التعامل مع الأمور”، وقالت “يجب أن نكون واقعيين وأذكى بتقبله وألا نكون كمن يعيش في الماضي”.

تطوير الدراما

من جانب آخر تناولت جلسة “مستقبل المنصات الرقمية” ضمن فعاليات اليوم الأول من منتدى الإعلام العربي التكامل بين المنصات الرقمية والإعلام المرئي التقليدي، إذ شدد المشاركون فيها على أن الذكاء الاصطناعي ساعد في تقديم محتوى جاذب للمتابعين، ما جعلها تحظى بأرقام مشاهدة ومتابعة كبيرة، فيما كشفت الجلسة أهمية تبني محتوى عربي جيد قادر على منافسة المحتوى العالمي من خلال استقطاب أفضل الكتاب وتعزيز التقنيات الحديثة التي استطاعت أن تجذب الأجيال الجديدة في مجتمعاتنا.

ياسمين صبري: يجب قبول التعامل مع الذكاء الاصطناعي بما يخدم الدراما
ياسمين صبري: يجب قبول التعامل مع الذكاء الاصطناعي بما يخدم الدراما

واستضافت الجلسة رولا كرم نائب الرئيس الأول لاكتساب المحتوى والقنوات العربية “OSN”، وطارق إبراهيم مدير منصة “شاهد”، وطوني صعب نائب رئيس المحتوى منصة “ستارز بلاي”، فيما أدارتها نانسي نور الإعلامية في قناة “سي بي سي إكسترا”.

وقالت رولا كرم إنه لا توجد منافسة بين ما تقدمه المنصات الرقمية، سواء المجانية أو المدفوعة، وبين قنوات الإعلام المرئي التقليدي، بل إنه على العكس من ذلك، فإن هناك تكاملا بينهما، بما يعود إيجابا على تجربة المتابعين والمشاهدين، والحصول على محتوى ترفيهي جيد، مشيرة إلى أن منصتهم وفي سبيل ذلك، تراعي خصوصية المجتمع العربي ومتطلباته.

من جانبه أوضح طارق إبراهيم أن تنامي أرقام مشاهدة ومتابعة المنصات الرقمية أمر جيد ومهم، لكن في الوقت ذاته فهي ليست كافية لضمان استمراريتها، فيما اعتبر أن تقديم محتوى نوعي يواكب التوجهات ورغبات المشاهدين وميولهم هو شيء في غاية الأهمية، وأن تعزيز التقنيات الحديثة، ووجود خطط تسويقية جيدة وفاعلة، هو أمر تحتاجه بشدة المنصات الرقمية لكي تستطيع النمو باستمرار.

ولفت إبراهيم إلى أن أبرز التحديات التي يعملون على تذليلها في “شاهد” هو ضرورة التطوير الحثيث والمستمر لقطاعي الترفيه والدراما، وأهمية تخريج كُتاب يواكبون الاتجاهات العالمية الجديدة في الكتابة، واستعراض الأفكار باحترافية، وصولا إلى السرعة الكبيرة للتطور التقني، التي تجعل من متابعتها بشكل آنٍي غاية في الأهمية، فيما اعتبر أن المنصات الرقمية والتقليدية، سيتكامل دورهما لمستقبل طويل وليس قصيرا.

واستعرض طوني صعب جهود منصة “ستارز بلاي” مستعينين في ذلك بالتطور الكبير على مستوى الذكاء الاصطناعي الذي ساعد كثيرا في تقديم محتوى متطور وجاذب.

13