كيف ننهي إجراءات الحظر، بالتكنولوجيا والاختبارات

تستعد دول عدة للبدء خلال أسابيع بتخفيف قيود العزل التي فرضت لاحتواء جائحة كوفيد - 19، معتمدة في ذلك على التكنولوجيا لكن الخبراء والاختصاصيين يرون أن الأمر يجب أن يتم تنفيذه بتأنّ وبصورة منهجية تحت طائلة التعرض لموجة ثانية من الوباء تضطرها للعودة إلى الإجراءات التي كلفتها غالياً اقتصادياً واجتماعياً.
برلين - تعلق الحكومات التي تكافح كورونا المتفشي حول العالم آمالها على الاختبارات والتكنولوجيا واتباع نهج منسق لتخفيف القيود المشددة على الحركة التي أبطأت بالفعل من تفشي المرض لكنها خنقت الاقتصاد العالمي.
وفي حين نظر الاتحاد الأوروبي في إنشاء تطبيق “فايروس كورونا” للهواتف الذكية الذي يمكن أن يسهل عملية التواصل عن بعد، تعهد المحافظون على كل السواحل الأميركية بالعمل معا لتخفيف حظر الملايين، لكنهم قلقون من عودة الفايروس مرة أخرى.
تذبذب الحكومات
بينما تتعامل الحكومات مع الوقت وكيفية إعادة فتح دولها للأعمال مرة أخرى، توقع صندوق النقد الدولي أن يعاني الاقتصاد العالمي من أسوأ عام منذ الكساد العظيم في الثلاثينات بسبب المعضلة التي تواجه قادة العالم في سعيهم لتحقيق التوازن بين الصحة العامة والاستقرار الاقتصادي.
ومددت الهند أطول حظر فرضته دولة في العالم لـ1.3 مليار شخص حتى 3 مايو. وفي بريطانيا، أظهرت بيانات جديدة أن مئات الأشخاص ماتوا بسبب الفايروس أكثر مما تم تسجيله في حصيلة الحكومة اليومية من المستشفيات. ومن بين حالات الوفيات هؤلاء الذين يسكنون دور رعاية المسنين.
وواجهت الصين انتشارا جديدا للفايروس على طول حدودها الشمالية النائية مع روسيا. وقد تم إغلاق الحدود ودفعت الوحدات الطبية إلى المنطقة لمنع المسافرين من العودة حاملين للفايروس. وقال الدكتور سيباستيان جونستون، أستاذ طب الجهاز التنفسي في إمبريال كوليدج لندن، إن الإصابات الجديدة يبدو أنها قد استقرت في معظم أنحاء آسيا وأوروبا، بما في ذلك إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وألمانيا.
وحتى في نيويورك – حيث وصل إجمالي عدد الوفيات الناجمة عن الفايروس إلى 10 آلاف يوم الاثنين – أعلن الحاكم أندرو كومو أن “الأسوأ قد انتهى إذا استطعنا الاستمرار في التعامل مع الأمر بذكاء”. وتوفي أكثر من 23 ألف شخص من الفايروس في الولايات المتحدة بشكل عام، وتم تسجيل حالات إصابة تقدر بـ600 ألف حالة مؤكدة، وفقا لإحصاء لجامعة جونز هوبكنز.

وفي ظل تطبيق التباعد الاجتماعي والحظر في أنحاء كثيرة من العالم، نجحت الحكومات في محاصرة تفشي الفايروس وإن بتفاوت. ولكن من دون لقاح أو اختبارات أجسام مضادة لتحديد عدد الأشخاص المحصنين ضد الفايروس، تخشى الحكومات من تفشي المرض مرة أخرى.
ودعا وزير الخارجية الألماني هيكو ماس إلى إقرار تطبيق واحد للهواتف الذكية عبر الاتحاد الأوروبي. وصرح لمجموعة “فونكه” الإعلامية الألمانية، “من المهم ألا ينتهي بنا الأمر إلى خليط من 27 تطبيقا من تطبيقات كورونا و27 نظاما لحماية البيانات. دعونا ننسق الأمر في ما بيننا قدر الإمكان”.
وقال ماس إن التطبيق الذي تم تطويره بالفعل بشكل مشترك من قبل العديد من الدول أظهر أن الاتحاد الأوروبي “لا يتعين عليه نسخ أساليب الدول الاستبدادية” ولكن يمكنه بدلاً من ذلك حماية كل من الخصوصية الشخصية والصحة العامة.
وقال لوتار ويلر، رئيس معهد روبرت كوخ، مركز مكافحة الأمراض في ألمانيا، إن الأهم هنا هو تبادل المعلومات باستمرار بين الدول والمؤسسات حول أفضل الممارسات ودراسات اللقاحات وحماية الأشخاص المعرضين للإصابة.
تقارب فرضه الوباء
أجبر الفايروس الشركات المتنافسة على العمل معا، حيث أعلنت شركتان من أكبر شركات الأدوية في العالم، وهما سانوفي و”جي.أس.كي”، أنهما ستجمعان الجهود للعمل على اللقاح. وأعلنت أبل وغوغل الأسبوع الماضي عن جهد مشترك لمساعدة وكالات الصحة العامة في جميع أنحاء العالم على استخدام تقنية “بلوتوث” اللاسلكية لتتبع اتصالات الأشخاص المصابين.
وفي الصين، حيث تضاءلت معدلات الإصابات الجديدة، تم تثبيت رمز باركود أخضر اللون على شاشات الهواتف الذكية تقول إن المستخدم خال من الأعراض ويمكنه ركوب مترو الأنفاق، أو الدخول إلى فندق أو حتى دخول مدينة ووهان، وهي المدينة التي بدأ فيها تفشي المرض في ديسمبر الماضي.
واستخدمت كل من كوريا الجنوبية وإسرائيل بقوة بيانات الهاتف الذكي لتتبع تحركات حاملي الفايروس. لكن علماء الأوبئة يقولون إن تتبع الاتصال يجب أن يقترن باختبارات متاحة على نطاق واسع، والتي لم تكن متاحة في أماكن مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.
وفي أوروبا، أشار المسؤولون إلى علامات إيجابية عندما بدأوا في إعادة فتح اقتصاداتهم. وفي إيطاليا، حيث كان عدد الإصابات اليومية يتجه نحو الانخفاض، سُمح بفتح المكتبات ومحلات الأدوات المكتبية، والمحلات التي تبيع لوازم الأطفال في جميع أنحاء البلاد. كما عاد عمال الغابات، الذين كانوا بحاجة إلى إزالة الأشجار الميتة قبل موسم حرائق الصيف، إلى العمل.
وفي إسبانيا، حيث ارتفع العدد الرسمي للوفيات إلى أكثر من 18 ألف حالة، وجد معهد علم الأوبئة الرئيسي في البلاد 1500 حالة “وفاة غير متوقعة” إضافية منذ منتصف مارس بعد دراسة معدلات الوفيات.
وعاد العمال الإسبان الاثنين، إلى بعض المصانع وإلى مجال البناء أيضا بينما لا تزال المتاجر والخدمات مغلقة. وطلبت الحكومة من العاملين في المكاتب الاستمرار في العمل من المنزل.
وكذلك في النمسا، أعيد افتتاح متاجر الأجهزة، والمتاجر المتخصصة في متطلبات الحدائق يوم الثلاثاء. وقال المستشار سيباستيان كورتز إن الحكومة تراقب الإصابات الجديدة عن كثب، و”إذا تطورت الأعداد في الاتجاه الخاطئ، فإننا بالطبع سنضغط على فرامل الطوارئ مرة أخرى”.
وفي بريطانيا، التي بدأت الحظر بعد بقية دول أوروبا، كانت أعداد الإصابات الجديدة والوفيات لا تزال تتزايد. وقد أبلغت بريطانيا حتى يوم الإثنين عن وفاة أكثر من 11 ألفا من مرضى فايروس كورونا في المستشفيات. لكن رئيس إحدى أكبر شركات التمريض في البلاد قال الثلاثاء، إن عدد الإصابات والوفيات بين كبار السن أعلى بكثير من التقارير الرسمية.
وشمل الأمر الولايات المتحدة، حيث أسند الحكام في الشمال الشرقي وعلى طول الساحل الغربي لبعض المجموعات المنفصلة عبر الولايات مهمة تنسيق إعادة الفتح. وقال حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، إنه سيعلن الثلاثاء خطة مفصلة لرفع القيود المفروضة بسبب الفايروس، وذلك باستخدام “العلم لتوجيه عملية صنع القرار وليس الضغط السياسي”. وقال حاكم ولاية نيو جيرسي فيل ميرفي “الوضع لا يزال مشتعلاً. لا يزال يتعين علينا إخماد الحريق، وفي الوقت نفسه أن هذا الحريق لن يعود مرة أخرى”.
أما في الشرق الأوسط فلا تزال أغلب الدول تطبق إجراءات العزل المتشددة وسط جدل حول الخطة المستقبلية التي ستتبعها خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي سيكون مختلفا هذا العام بسبب ضوابط الحماية من انتشار الفايروس.
وبحسب المنظمة التابعة للأمم المتحدة، تم تسجيل أكثر من 111 ألف إصابة بفايروس كورونا المستجد وأكثر من 5500 وفاة في منطقة شرق المتوسط. وتم الإبلاغ عن أكثر من 1.9 مليون إصابة، وتوفي أكثر من 120 ألف شخص حول العالم، وفقًا لجامعة جونز هوبكنز. وتقلل الأرقام من الحجم الحقيقي للوباء، بسبب الاختبارات المحدودة، والعد غير المتكافئ لحالات الوفيات، وإخفاء بعض الحكومات لحقيقة معدلات الإصابة بها.