كيف نحصل على مذاق أفضل لمشروب الإسبريسو

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - لا شك أن طحن حبوب البن في المنزل هو أفضل طريقة للحصول على فنجان قهوة طازج ولذيذ المذاق، ولكن على خلاف المتوقع، ليست هذه العملية بالسهولة التي يظنها البعض، فالاحتكاك الناجم عن تهشم حبوب البن يترتب عليه توليد ما يعرف باسم الكهرباء الإستاتيكية أو الساكنة، التي تؤدي بدورها إلى تلبد مسحوق البن داخل المطحنة، وتكوين خليط غير متسق القوام، يؤثر سلبيا على مذاق المشروب في نهاية المطاف.
لكنّ فريقا من خبراء البراكين وعلوم الكيمياء اهتموا بالتوصل إلى طريقة لحل ما أطلقوا عليه اسم "كابوس الكافيين" والتخلص من تأثير هذه المشكلة على مذاق القهوة. واكتشف الباحثون أن إضافة قطرة من الماء إلى حبوب البن قبل طحنها يقلل من الكهرباء الساكنة ويضفي مذاقا أفضل لمشروب الإسبريسو. ونشرت نتائج هذه الدراسة في الدورية العلمية “ماتير” المتخصصة في علوم المادة خلال الشهر الجاري.
ورغم أن عشاق الكافيين وصناعة القهوة، التي يبلغ حجمها في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 343 مليار دولار، يعرفون منذ زمن طويل أن طحن حبوب البن يؤدي إلى توليد كهرباء ساكنة، فإنهم مازالوا لا يعرفون على وجه التحديد تأثير المواصفات المختلفة للبن مثل المنشأ، أو النوع، أو اللون، أو درجة التحميص على توليد الكهرباء في البن. ويستخدم بعض المتخصصين في صنع القهوة حالياً ما يعرف باسم “أسلوب روس دروبليت” الذي يتمثل في إضافة ملعقة من الماء أو رش كمية محدودة من الماء على حبوب البن قبل طحنها.
وأكدت الدراسة الجديدة بالفعل أن درجة الرطوبة في حبوب البن تؤثر على حجم الكهرباء الساكنة التي يتم توليدها، مما يؤثر على مذاق مشروب الإسبريسو. ووجد فريق الدراسة أنه عندما ترتفع نسبة الرطوبة الداخلية لحبوب البن تقل كمية الكهرباء المتولدة، مما يقلل بدوره من الشوائب ويعطي درجة تركيز أعلى من الكافيين.
ويقول الباحث كريستوفر هيندن المتخصص في مجال كيمياء المادة بجامعة أوريغون الأميركية إن “الرطوبة سواء كانت داخلية في حبات البن أو خارجية من خلال إضافة قطرات من الماء أثناء عملية الطحن هي ما تحدد كمية الكهرباء التي تتولد أثناء صنع القهوة”، مضيفا في بيان نقله الموقع الإلكتروني “بوبيولار ساينس” المتخصص في الأبحاث العلمية أن “الماء لا يقلل فحسب الكهرباء الإستاتيكية، مما يحد من “الفوضى” التي تحدث أثناء الطحن، بل أن له تأثير كبير على كثافة المشروب النهائي، كما يضفي تركيز أعلى للنكهات المختلفة للإسبريسو”.
ومن أجل استخلاص هذه النتائج، تعاون هيندن مع فريق من خبراء البراكين في الولايات المتحدة، بعد أن كشفت أبحاث علمية أن عملية كهربائية مماثلة تحدث أثناء الثورات البركانية. ويوضح جوشوا هاربر خبير البراكين في جامعة بورتلاند الأميركية هذه المسألة قائلا “أثناء الثورات البركانية تتكسر الحمم إلى جزيئات أصغر حجما وتندفع من فوهة البركان. وأثناء هذه العملية يحدث احتكاك بين هذه الجزيئات، وتتولد منها شحنة كهربائية تصل إلى حد حدوث صواعق كهربائية”. وأضاف "بشكل مبسط، فإن ثوران البركان يشبه طحن البن لاسيما عندما تأخذ هذه الحبوب وتطحنها حتى تصبح مسحوقا ناعما".
وعكف فريق البحث على دراسة أنواع مختلفة من الإسبريسو سواء المطحونة منزلياً أو بشكل تجاري، وقاموا بتصنيفها حسب دولة المنشأ واللون بعد التحميص، ونوعية المنتج النهائي سواء كان بنا طبيعيا أو مخففا أو منزوع الكافيين. وقام الباحثون بدراسة درجة الكهرباء الإستاتيكية التي تولدت أثناء صناعة الإسبريسو، وعقدوا مقارنة بين درجة خشونة المسحوق وكمية الكهرباء المتولدة.
ولم يجد الفريق البحثي ارتباطا بين الكهرباء الساكنة ودولة المنشأ، ولكنهم وجدوا صلة بين الكهرباء وبين حجم ذرات القهوة، ولونها، ودرجة الرطوبة في حبات البن. وتوصل الباحثون أيضا إلى أنه كلما زادت نعومة مسحوق الإسبريسو كلما زادت الكهرباء الساكنة داخله، وأن خامة الإسبريسو ذات الألوان الفاتحة تحتوي على شحنات كهربائية أقل من الإسبريسو داكن اللون. وعند دراسة تأثير إضافة قطرات من الماء أثناء طحن البن، وجد الفريق البحثي أن الماء يزيد درجة تركيز الإسبريسو أثناء تناوله. ورغم أن الدراسة تناولت مشروب الإسبريسو على وجه التحديد، فإن الفريق البحثي يرى أن هذه القاعدة تسري على جميع المشروبات المشتقة من البن بشكل عام.