كيف سيخلص وادي السيليكون مقل العيون من إدمان الهواتف الذكية

الرئيس التنفيذي لشركة أبل تيم كوك مستاء من قضاء وقت أكثر من اللازم على أيفونه.
السبت 2018/07/28
الهاتف محور الحياة

واشنطن - يخشى الرئيس التنفيذي لشركة أبل تيم كوك من أنه يقضي الكثير من الوقت في التحديق في جهاز الأيفون المتوهج في جيبه.

ويقول كوك (57 عاما) “أود أن أقول إني ظننت أنني منضبط نوعا ما حيال ذلك، وكنت مخطئا. اكتشفت أنني أقضي وقتا أطول بكثير مما ينبغي لي”.

إنها مشكلة مألوفة بالنسبة لكثيرين، ومع ذلك فإن تيم في وضع فريد يسمح له بحلها. وبصفته الرئيس التنفيذي لشركة أبل، يتعين على تيم كوك تحقيق توازن دقيق بين التصدي لمشكلة الإدمان على الشاشة، والاعتراف بأن شركته قد تكون مسؤولة عن ذلك.

وقال لشبكة سي إن إن الشهر الماضي إنه يريد لزبائن شركة أبل أن يكونوا “راضين وحاصلين على التمكين” من أجهزة الشركة، لكنه أصر “لم نكن نريد من الناس أن يقضوا الكثير من الوقت عليها، أو كل وقتهم”.

وأضاف كوك أن الزبائن الذين يفتحون أجهزة الأيفون التي لديهم كل خمس دقائق هو أمر زائد عن الحد، لكنه لم يشر إلى عدد المرات التي يعتبر بها ذلك مقبولا.

وتزامنت تعليقاته مع كشف شركة أبل النقاب عن مجموعة من الضوابط في نظام التشغيل iOS من شركة أبل، المصمم للسماح للمستخدمين بتتبع مقدار الوقت الذي يقضيه الواحد منهم في التطبيقات، وتقليل عدد الإشعارات التي يتلقونها.

وقال كوك “تمكين الناس من خلال الحقائق سيعطيهم القدرة على اتخاذ قرار بأنفسهم بشأن الكيفية التي يريدون العودة إليها، أو إذا كانوا يريدون العودة أصلا”.

وتقول صحيفة فايننشال تايمز “مع ذلك، عندما احتفلت شركة أبل بالذكرى العاشرة لمتجر أيفون للتطبيقات بعد ذلك ببضعة أسابيع، احتفل بيانها الصحافي بشعبية لعبة الطيور الغاضبة Angry Birds ولعبة كاندي كرش ساجا Candy Crush Saga وإنستغرام، دون الإقرار بالدور الذي لعبه وابل الأصوات والإشعارات في منصتها، في تدريب المستهلكين على النظر في شاشاتهم باستمرار”.

وتضيف “يلقى باللوم على الإلهاء الرقمي لكونه السبب في مجموعة من العلل، بدءا من إفساد المحادثات التي تجرى على مائدة الطعام وتعطيل أنماط النوم، إلى التدخل في تعليم الأطفال والمساهمة في زيادة القلق والاكتئاب وحتى وضع الشباب في خطر أكبر من حيث الانتحار”.

الآن، اتخذ وادي السيليكون ما يعرف على نطاق واسع بأنه الخطوة الأولى نحو علاج الشخص من الإدمان: الاعتراف بأن لديه مشكلة.

ويذكر أن شركات الإنترنت مثل غوغل وفيسبوك وتويتر تعتمد على جذب انتباه المستهلكين لتأمين إيرادات الإعلانات.

تيم كوك: فتح أجهزة الأيفون كل خمس دقائق  أمر زائد عن الحد
تيم كوك: فتح أجهزة الأيفون كل خمس دقائق  أمر زائد عن الحد

كما أن طفرة الإنترنت على مدى العقد الماضي، تماما مثل فقاعة الإنترنت قبلها، كانت مدفوعة إلى حد كبير بمقل العيون، لكن الفرق هذه المرة هو أن هذا يحدث بأعداد ضخمة من المستهلكين إلى درجة أن المسوقين حريصون على دفع المال مقابل الوصول إليهم.

وتحاول بعض مجموعات التكنولوجيا معالجة المشكلة بنفسها.

ويقول إيفان شارب المؤسس المشارك لموقع بينترست Pinterest، إن تطبيق سجل القصاصات يدفع الناس إلى قضاء المزيد من الوقت خارج الإنترنت.

وتعمل أزرار بينترست Pinterest “جربتُ ذلك” على تشجيع الناس ليس على التصفح دون تركيز فحسب والشروع في أحلام حول حياة أفضل، بل لتحميل الصور التي تبين أنهم فعلا أعدوا وصفة أو أكملوا مشروعا حرفيا.

ويضيف “أهم شيء بالنسبة لي هو محاولة مساعدة الناس على قضاء بعض الوقت مع أنفسهم”.

ومن المرجح أن يشهد المستثمرون تضاربا في المصالح حول تعليق شارب. هناك مسافة محدودة يمكن لشركات الإنترنت أن تقطعها من أجل تشجيع المليارات من المستخدمين على إبعاد أعينهم عن تطبيقاتها قبل أن يبدأ المساهمون بالقلق من تأثير ذلك في الإيرادات.

ونظرا لأن الهواتف الذكية هي أكثر الأجهزة شيوعا من أجل الدخول إلى الإنترنت، فقد ركز الناشطون انتباههم على شركتي أبل وغوغل، التي تصنع نظام التشغيل أندرويد الذي يشغل الغالبية العظمى من الهواتف الذكية في العالم، ما يجعل الشركتين بمنزلة حارستين على بوابات هذا العالم.

ولم تظهر بعد تهديدات قانونية خطيرة أو دعاوى قضائية جماعية حول الإدمان على الهواتف الذكية. ومع ذلك، فقد اتخذت كل من شركتي غوغل وأبل خطوات لمعالجة المشكلة.

وتوفر أدوات Digital Wellbeing أي “الرفاهية الرقمية” من شركتي غوغل وسكرين تايم Screen Time من شركة أبل لوحات تحكم جديدة تحسب المدة التي يقضيها مستخدم الهاتف الذكي في التحديق في تطبيقات معينة، ويتيح للوالدين والأفراد تحديد حدود زمنية. وسوف تسمح شركة أبل للأبوين بإيقاف تطبيقات وألعاب محددة على أجهزة أطفالهم في أوقات معينة من اليوم باستخدام نظام تتبع الوقت.

كما أنها تعمل أيضا على تعديل كيفية تعامل هواتفهم الذكية مع التنبيهات أو إرسال الإشعارات، لتسهيل عملية كتم الصوت أو الفلترة.  وسيتم إصدار هذه الأدوات هذا العام كجزء من الإصدارات التالية لنظامي التشغيل أندرويد وiOS من شركة أبل.

ومع ذلك، يريد بعض الناشطين رؤية شركات وادي السيليكون، التي تمتلك مئات الملايين من الدولارات من النقدية تحت تصرفها، وهي تمضي أبعد من ذلك.

ويطالب ديفيد جرينفيلد، وهو أخصائي في علم النفس السريري أسس “مركز الإدمان على الإنترنت والتكنولوجيا”، ومقره كونيتيكت، بالمزيد من التثقيف.

ويحذر من أن الميزات التي أطلقتها مجموعات التكنولوجيا الكبيرة قد لا تساعد “المدمنين المتشددين” – أي مستخدمي الهواتف الذكية الذين يقضون أكثر من الفترة المتوسطة، البالغة خمس إلى سبع ساعات يوميا، على الشاشة.

ويتساءل جرينفيلد أيضا عما إذا كانت الشركات تقوم بإدخال هـذه الإجراءات ببساطة لتحسين صورتها في أذهان الناس، في مواجهة نقد المساهمين وانتقادات الجمهور.

ويقول “من الصعب ألا نشكك نوعا ما في نواياهم”، مضيفا أن المشكلة موجودة منذ فترة طويلة، فقد كتب أول كتاب عن الإدمان على التكنولوجيا في عام 1999، لكن الشركات استغرقت 20 عاما للاستجابة لذلك. ويضيف “كانوا يعلمون من البداية أن هذه التكنولوجيا تسبب الإدمان. كانت علامات التحذير واضحة إلى حد كبير. تصمم الشركات تكنولوجياتها من الألف إلى الياء لتكون محفــزة للإدمان”.

19