كيف أصبح المغرد السعودي معادلا لقناة الجزيرة القطرية

الشيخ حمد بن جاسم المسؤول القطري الأسبق يطالب بضبط مواقع التواصل الاجتماعي وفرض الانضباط على مستخدميها في دول الخليج العربي، ما اعتبره مغردون -خاصة من السعودية- اعترافا ضمنيا بقوة المغرد السعودي أمام الترسانة الإعلامية القطرية.
الرياض – سلّطت مطالبة رئيس الوزراء القطري الأسبق الشيخ حمد بن جاسم بـ”هدنة إعلامية” بين دول الخليج على السوشيال ميديا حصرا الضوء على ظاهرة الجيوش الإلكترونية التي تعصف بالفضاء الافتراضي في دول الخليج.
واستنكر المسؤول القطري السابق -عبر مداخلة من لوس أنجلس على شاشة “آر.تي” الروسية تضمنت قراءته للتحولات الاستراتيجية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وما نتج عنها من مصالحات وتجاذبات مازالت تلقي بظلالها على المنطقة- التراشق الذي يحدث على مواقع التواصل من قبل ما اعتبره “حسابات أغلبها يخضع للحكومات. وهو ما يضع علامات استفهام حول هذا الأمر”.
وقال إن “تبريد المواقف بعد اتفاق العلا يحتاج إلى وقت”، مشيرا إلى أن “موضوع التراشق على السوشيال ميديا قد يؤذي أي علاقة إيجابية أو سلبية، ليس فقط على مستوى الخليج ولكن على المستوى العربي”.
وأوضح الشيخ حمد بن جاسم “أصبح هناك إعلام منافس للإعلام المرئي والمسموع أو الرسمي ولكن بشكل انفرادي”. وتابع “هناك جيوش كما نعلم من هذا النوع من الإعلام تحتاج إلى نوع من الانضباط. ومثلما نقول إرجاع الجنّي إلى القمقم؛ لذا يجب الحذر من السوشيال ميديا والجهات التي تتبنى أجندات خاصة وتريد تأجيج الوضع”.
ولم يأت الشيخ حمد على ذكر قناة الجزيرة التي احتفلت هذا الشهر بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لإطلاقها، ما جعل مستخدمي مواقع التواصل يؤكدون أنه “اعتراف ضمني بتفوق الجيوش الإلكترونية السعودية على القناة القطرية”.
وأطلق مستخدمو تويتر في السعودية هاشتاغ #المغرد_السعودي_درع_الوطن. وعلق مغرد على مقطع الفيديو
mr_why2013@
بعد أن حطم المغرد السعودي غروره وقناة الجزيرة التي صُرفت عليها المليارات حمد بن جاسم يطلب هدنة إعلامية!
وأكد الإعلامي سفيان السامرائي:
وأضاف ساخرا:
قال دعوا الحكومات تفرض على المغردين هدنة إعلامية ودعونا نبدأ صفحة جديدة وأوقفوا الملايين من المغردين العرب عن التواصل الاجتماعي وأعيدوا الجني إلى القمقم لأننا نواجه حربا شعواء لم تستطع كل خلايانا الإلكترونية والمليارات من الدولارات التي صرفت على الإعلام الأرعن التحريضي مجابهتها.
فيما عدت مغردة:
وهذه ليست المرة الأولى التي يتطرق فيها الشيخ حمد إلى ظاهرة الجيوش الإلكترونية إذ تحدث في يونيو الماضي عن “ضرورة تسريح الجيوش الإلكترونية”، ما أثار سخرية لاذعة خاصة أن “الذباب الإلكتروني يعد اختراعا قطريا بامتياز”.
وكان تحدث في أولى تغريداته على تويتر في مارس 2018 عن الظاهرة. وأضاف في تغريدات منفصلة في نفس الشهر “من يستطيع أن يعيد الذباب الإلكتروني وتوابعه إلى القمقم ثانية؟ قد يقول البعض من صنعهم أولا يعيدهم. وأنا أقول غير ذلك كما علمنا التاريخ، فإعادة الجني إلى القمقم الذي أفلت منه أصعب وأعسر…”.
ويؤكد مغردون أن حديث الشيخ حمد المتكرر عن الذباب دليل على تراجع تأثير الآلة الإعلامية القطرية في تشكيل الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أنهم يؤكدون أن “الحرب الإعلامية أشد خطورة من الحرب التقليدية”. وتتهم قطر باستثمار المليارات لصناعة ترسانة إعلامية متكاملة لهدم المنطقة، منها ما هو رسمي ومنها ما يسمى بإعلام الظل.
ويلعب تويتر الذي بات ساحة اقتتال للجيوش الإلكترونية دورا مهما في قيادة الرأي العام في دول الخليج العربي.
وترتبط اللجان الإلكترونية كثيرا بالمجتمعات المنغلقة في العالم العربي لسببين، الأول هو عدم وجود إعلام مهني قوي قادر على تشكيل الرأي العام، والثاني هو أن الجمهور وجد نافذة لتداول معلومات يسيطر عليها النظام السياسي.
وفي السعودية يمثل تويتر ساحة المدينة التي يجتمع فيها المواطنون لتبادل المعلومات والآراء حول كل القضايا. ونظراً إلى الأهمية الكبيرة التي تحظى بها هذه المنصة تحوَّل تويتر إلى ساحة معركة رئيسية بين الحكومة السعودية التي تستخدمها لترويج سياسات المملكة وبين “أعدائها” الذين يستخدمونها لنشر انتقاداتهم.
وباتت جيوش إلكترونية من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في السعودية تقوم بملاحقة ومضايقة منتقدي المملكة وتصفهم بـ”الخونة” في إطار موجة من تنامي المشاعر القومية، ولكن تأثير هذه الجيوش جعل الحكومة السعودية تسعى لضبط تلك الحسابات.
ويعزو متابعون للشأن السعودي حدة أداء هذه الحسابات إلى كونها تأتي في سياق ردة فعل قوية على استهداف السعودية، وخاصة التعرض للخيارات التي اعتمدها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالنقد والتشويه والتكفير.ويعتبر السعوديون أن بلادهم مستهدفة من جيرانها؛ فهناك “حلف شيعي” تقوده إيران وأذرعها و”حلف إخواني” يضم تركيا وقطر والإخوان في الكويت. ولطالما مثّل المغردون في السعودية -سواء بتحركات عفوية أم بتحركات مدروسة ورسمية- الرقم الصعب في الدفاع عن بلادهم وتقويض الأفكار التي تستهدف دمغجتهم.
وقال الأكاديمي السعودي صالح العصيمي إن الحسابات تعطي “إيحاء أنهم مدعومون من الدولة وأنهم حكومة موازية”، مضيفا أنهم “أعطوا هذا الحق لأنفسهم”.
ويؤكد الخبير أنس شاكر “هذه الحسابات أثبتت أنها قيمة للقيادة السعودية”، لكنه تابع قائلا “بينما تصبح أكثر قوة فإن الحكومة ترغب في إحكام سيطرتها عليها”.
ويقول شاكر إن السعودية ترى أنه من الصعب السيطرة على هذه الحسابات الإلكترونية، مشيرا إلى أن أصحاب هذه الحسابات قد “يهاجمون المنتقدين الأجانب يوما ما وقد يأتي دور شخصيات بارزة في الحكومة في اليوم التالي”.
ويعتبر معلقون أن المغرد السعودي أصبح معادلا لقناة الجزيرة “المشروع الإعلامي لقطر المشاغبة” أو ما يصفه البعض بـ”قنبلة قطر النووية”.
وقال أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الملقب بـ”الأمير الوالد” هذا الشهر في كلمته التي أطلقها بمناسبة احتفال قناة الجزيرة بالذكرى الخامسة والعشرين لانطلاقها في مقرها في الدوحة إن “قطر كانت على إدراك تام منذ البداية أن هذا المشروع الإعلامي سيواجه عقبات كبرى، وأن خط تحرير الجزيرة سيكون تحدياً لقطر”، وأضاف أن “أمير قطر الأمير تميم بن حمد آل ثاني رفض بحسم أن تكون الجزيرة موضع مساومة أو إملاء خارجي لأي ظرف من الظروف”.