كورونا يكشف عجز الدول عن إشراك النساء في تحقيق الأمن وحل النزاعات

تونس – كشف الاحتفال بالذكرى العشرين لصدور قرار مجلس الأمن للأمم المتّحدة 1325 المتعلّق بـ”المرأة والأمن والسلام” عن عجز الدول في مختلف أنحاء العالم عن إشراك النساء في تحقيق الأمن والسلم وحل النزاعات بسبب جائحة كورونا.
وقالت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، بومزيلي ملامبو-نكوكا، إن تمثيل المرأة لا يزال ناقصا في عمليات صنع القرار الرئيسية في ما يتعلق بالمعركة ضد جائحة كوفيد – 19، مضيفة أن الوضع “أسوأ بالنسبة للنساء في مناطق النزاع”.
وأشارت مديرة الوكالة الأممية المعنية بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، إلى أن الناس يدعون إلى الإدماج والتمثيل، وهو أحد الأسباب الرئيسية وراء خروج الكثير منهم إلى الشوارع وتنظيم الاحتجاجات ورفع أصواتهم.
ومن جهتها دعت وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، القيادات التنفيذية إلى استخدام نفوذها لدعم المجتمع المدني النسائي على مستوى القاعدة، وتضمين مخاوفهن في عملية صنع القرار.
وتحدثت المسؤولة الأممية في فعالية عقدت عبر تقنية التواصل عن بعد بعنوان “ما بعد الجائحة: فتح الأبواب أمام مشاركة هادفة للمرأة” قائلة، إن هذه الجهود ضرورية في مواجهة ردود الفعل العالمية العنيفة ضد حقوق المرأة، وتقلص الفضاء المدني والهجمات التي تستهدف القيادات النسائية والمدافعات عن حقوق الإنسان. وأشارت ديكارلو إلى أن النساء يشكلن أقل من 19 في المئة من البرلمانيين الوطنيين في المناطق المتضررة من النزاع.
وجددت التأكيد على أن إدارتها جعلت قضية النوع الاجتماعي “مبدأ أساسيا في ما يتعلق بالمساعدة الانتخابية التي تقدمها الأمم المتحدة”، مضيفة أن الأمم المتحدة دعمت، خلال هذا العام وحده، الجهود المبذولة لزيادة المشاركة الانتخابية للمرأة في بوليفيا، جمهورية أفريقيا الوسطى، إثيوبيا، قيرغيزستان، وأماكن أخرى.
وبدورها أعلنت إيمان الزهواني هويمل، وزيرة المرأة والأسرة وكبار السن في تونس، عن “إقرار رؤية جديدة تعترف بضرورة مراعاة النوع الاجتماعي في بناء الأمن والسلام في الدول وفي العالم ككل وذلك من خلال الاعتراف دوليا بضرورة مساهمة النساء والفتيات في حل النزاعات وصياغة مبادرات الإنعاش وبناء السلام، ومنع العنف المسلط عليهن في جميع الأوقات وخاصة العنف الجنسي، إلى جانب ضمان عدم الإفلات من العقاب مهما كان مرتكبوه.
واعتبرت هويمل أن هذه الجائحة تعد المرآة الواقعية التي عكست ضعف تنفيذ القرار 1325 في جميع الدول وكشفت النقص في تفعيل المحاور الأربعة الواردة به خاصة على مستوى وقاية النساء والفتيات وحمايتهن ومشاركتهن في مجابهة هذه الجائحة.
وأشارت إلى التداعيات السلبية لجائحة كورونا على النساء التي كشفت ضعف إعمال حقوق النساء والفتيات خصوصا، وفي جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وضمان كرامتهن وحُرمتهن الجسدية وحمايتهن من العنف وعدم التمييز وتوفير الخدمات وتيسير نفاذهن للخدمات الأساسية، وجعلت هذه الجائحة النساء الفئة الأكثر تضررا وفقا للدراسات الأولية.
وقالت هويمل إن المرحلة الثانية من تجسيد القرار تبلورت من خلال تكفل كل وزارة بوضع خطة قطاعية تتضمن ضبط أنشطة محددة لتنفيذ خطة العمل الوطنية، ويتألف القرار1325 من أربع ركائز هي دور المرأة في منع نشوب النزاعات، ومشاركتها في بناء السلام، وحماية حقوقها أثناء النزاع وبعده، ومراعاة احتياجاتها الخاصة أثناء الإعادة إلى الوطن وإعادة التوطين.
وفي تصريح خصّت به “العرب” قالت فاتن السبعي مستشارة وزيرة المرأة التونسية، إن جائحة كورونا كان لها تأثير على المنظومة التي ترصد انتهاكات حقوق النساء وخاصة العنف والتمييز مما يعني تأثيرها على تنفيذ خطة القرار عدد 1325.
وأشارت إلى أن تجربة تونس تعتبر خصوصية باعتبارها رابع دولة صادقت على القرار وكانت خطتها مختلفة لأن ليس لتونس نزاع، فتمت إضافة محور جديد للمحاور الأربعة التي يرتكز عليها القرار الأممي وهو محور التوعية والتحسيس. وأكدت السبعي أن مشاركة النساء في تونس في حل الأزمة الصحية تعتبر مشرفة لكنها تعرف نقصا في المجالات الأخرى.
وتعتبر زيادة المشاركة الفعالة للمرأة في الجهود المبذولة لصنع السلام ومنع نشوب النزاعات من الأولويات الرئيسية لإدارة الأمم المتحدة للشؤون السياسية.
وكانت الأمم المتحدة قد أدرجت مسألة الجنسانية والمرأة في خطتها للأمن نظرا إلى الخصائص والأدوار والمعايير التي تتشكل تاريخيا وثقافيا وتسند إلى الرجال والنساء في المجتمع حسب نوع الجنس. ولأنه في حالات النزاع، يتأثر الرجال والنساء بأشكال مختلفة، كان لا بد من اتباع نهج متمايز إزاء الطريقة التي يجري بها صنع السلام، بما يلبي الاحتياجات المختلفة للرجال والنساء في مجالي الأمن وبناء السلام.
ولطالما اعتبر الرجال الجهات الفاعلة المعنية الوحيدة في النزاعات المسلحة وحلِّها. غير أن النساء يتأثرن أيضا بشدة بالنزاعات ويشاركن فيها، سواء كن قريبات أو مقدِّمات للرعاية أو سياسيات أو ناشطات سلام أو مقاتلات.
ويضيف إشراك المرأة في عمليات السلام منظورا أوسع نطاقا من وجهات النظر ويزيد الشمولية والتنوع. ويعزز ذلك قدرة صناع السلام على التعاطي مع طائفة أوسع من الجهات صاحبة المصلحة ومعالجة شواغلها، وهو ما من شأنه أن يفضي إلى تعزيز السلام المستدام. ولهذه الأسباب، تلتزم الأمم المتحدة بشدة بإدراج النساء في أعمالها المتعلقة بالسلام والأمن، استجابة لمسؤولياتها المنبثقة عن جدول أعمال حقوق الإنسان.