كورونا يكشف المزيد عن وظائف الأنف

ميونخ - بدأت المتاعب على متن قطار في ألمانيا، حيث يتعين على الركاب في هذه الأيام أن يرتدوا كمامات.
وقال مفتش القطار المتوجه إلى ميونخ بصوت عال وحازم لرجلين من الركاب، “من المؤكد أن هناك سببا لإطلاق وصف قناع الوجه على الكمامة، لذا ستكون المحطة التالية هي الأخيرة بالنسبة لكما في حالة عدم تغطية أنفكما في الحال”.
وانكمش الرجلان أمام الكلمات القوية واللهجة الحادة الصادرة من مفتش القطار، وقاما بتغطية أنفهما وفقا للتعليمات.
ولابد أن المفتش عبر في كلماته عما يدور في خلد كل شخص آخر.
وارتداء الكمامة ليس أمرا سهلا ومفهوما كما قد يبدو.
وفي أوائل شهر يوليو الماضي دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مواطنيه إلى ضرورة تغطية أنوفهم أيضا عند ارتداء الكمامات، وذلك وفقا لما ذكره موقع “بوليتكس هوم” الإخباري، وحذر العلماء من أن البريطانيين “يتشككون” عندما يتعلق الأمر بارتداء الكمامات، مما جعلهم متخلفين عن دول أخرى في ارتداء أغطية الوجه الإلزامية.
ومن ناحية أخرى ذكرت الرابطة الألمانية لجراحة الأنف والأذن والحنجرة والرأس والرقبة، أن ارتداء كمامة الوجه بشكل صحيح يعد أمرا حيويا، بينما يشير الخبراء إلى أن المكان الذي يشهد أعلى نسبة كثافة من فايروس كورونا، لا يوجد عادة في الرئتين ولكن في المجرى التنفسي العلوي، خاصة في الأنف والبلعوم الأنفي”.
ويقول أطباء آخرون إن نقطة دخول فايروس كورونا إلى الخلايا البشرية توجد في أعضاء كثيرة، مثل الرئتين وقرنية العين وفوق كل ذلك الأنف.
ويعني ذلك أن ترك أنفك دون غطاء وسط الجائحة، يعرضك لخطر مزدوج فهو يتيح للفايروس نقطة للدخول إلى جسمك، والخروج منها أيضا لإصابة الآخرين بالعدوى.
ومن المؤكد أنه سيكون أكثر سهولة بالنسبة لك أن تتنفس إذا كانت الكمامة لا تغطي كلا من الفم والأنف، خاصة أثناء أيام الصيف الحارة حيث يمكن أن تتساقط قطرات العرق تحت الكمامة.
وعندما حل شهر يوليو الماضي قررت الحكومة البريطانية أخيرا أن تجعل ارتداء الكمامة إجباريا، وأصبح عدم تغطية الفم والأنف بشكل صحيح في المتاجر والمباني العامة والمواصلات العامة، يعرض المخالف لغرامة تصل إلى مئة جنيه إسترليني (130 دولارا). وهناك دور غير واضح يقوم به الأنف الذي يقع في وسط الوجه، وهو أنه يمكنك شم الأشياء به.
أكثر من 450 ألف عملية جراحية للأنف والجيوب الأنفية أجريت في ألمانيا خلال عام 2018
وترى الجمعية الألمانية لجراحات التجميل أن “الأنف يعد عنصرا مركزيا لشخصية الإنسان، فهو يعد محورا يجذب الانتباه البصري للآخرين ويقوم بدور مهم في تشكيل التأثير الجمالي للوجه”.
وفي هذا الصدد يقول الأطباء إن “عدم الرضا عن شكل الأنف يؤدي إلى درجة عالية من المعاناة الشخصية وضعف تقدير الذات”.
ولهذا السبب يختار الناس إجراء عمليات تجميل لأنوفهم، كما تُجرى هذه الجراحات في حالات المعاناة من مشكلات في التنفس على سبيل المثال، وتعد العمليات التي تُجرى للأنف من بين أكثر عمليات التجميل شيوعا، وأجريت أكثر من 450 ألف عملية جراحية للأنف والجيوب الأنفية في ألمانيا خلال عام 2018 وحده.
وعندما يتعلق الأمر بالحريق أو الدخان أو المواد الكيماوية تصبح الأنوف منقذة للحياة، وتقول الرابطة الألمانية لجراحة الأنف الأذن والحنجرة والرأس والرقبة إن أهمية حاسة الشم لا تحظى غالبا بالتقدير الكافي للأسف.
ونحن نعلم في هذه الأيام أن الناس يفقدون حاسة التذوق أيضا في حالة عدم قدرتهم على الشم، وهي حاسة تقل قوتها مع تقدم العمر، كما أن الروائح تثير الذكريات. وإجمالا فإن ترك أنفك دون غطاء يشكل خطرا هذه الأيام. ويقوم الأنف بدور أساسي في ما يتعلق بجائحة كورونا، حيث إن الفايروس المستجد يتسبب في المرض التنفسي.
وبينما يكون السعال والحمى من الأعراض الرئيسية للإصابة بالفايروس، وفقا لما يقوله معهد روبرت كوخ الذي يعد بمثابة الوكالة الألمانية لمراقبة الأمراض، فإن واحدا من بين كل خمسة أشخاص يعاني أيضا من الرشح عند العدوى بكورونا.
كما أن ما نسبته 15 في المئة من المرضى بكورونا يفقدون حاسة الشم أو التذوق.
وهناك دور مهم آخر يقوم به الأنف، وهي حقيقة أخذ الناس يكتشفونها ببطء، وبرهنت على هذا الدور المهم جائزة نوبل في الطب لعام 2004، ففي ذلك العام فاز الباحثان الأميركيان ريتشارد أكسل وليندا باك بهذه الجائزة، لنجاحهما في وصف نحو ألف عامل وراثي (جين) تقوم بدور في مستقبلات الشم.
ومن جهة أخرى هناك عبارة خفيفة الظل تعزى إلى الكاتب الفرنسي سيرانو دي برجراك الذي عاش خلال الفترة من 1619 إلى 1655، وهي أن “الأنف الكبير يعد علامة على الرجل الذي يتسم بالذكاء والشجاعة والعطف والكرم والصراحة، بينما يشير الأنف الصغير إلى العكس من ذلك”، حيث كان هو شخصيا له أنف شهير كبير.
بينما يقوم الفم والعينان بدور أكثر أهمية في التواصل عندما نبتسم أو نضحك أو نبكي، وهذا هو السبب في أن الرموز التعبيرية في رسائل التواصل الاجتماعي والمعروفة باسم “إيموجي”، ليست لها عادة أنوف لأنه لا حاجة لها بها.
والاستثناء من ذلك هو الإيموجي الخاص بالكذب، وهو وجه لديه أنف طويل مثل الشخصية الخرافية في قصص الأطفال “بينيكيو”، ومع ذلك لا يحمل دلالة إيجابية.