كورونا يفشل في محاصرة رقصة سالسا بسوريا

جمعت مدربة رقص سورية إثر إغلاق مدرستها تطبيقا للإجراءات الوقائية من فايروس كورونا المستجد، طلبتها عبر واتساب وفيسبوك وواصلت تقديم دروسها لهم من منزلها، بهدف إخراجهم من عزلتهم.
دمشق – تتنقّل مدربة الرقص ألين سروجي في منزلها وسط دمشق وأمام هاتفها المحمول، بخفة شديدة، فترفع يديها وتحرّك جسدها برشاقة خلال أدائها رقصة سالسا لإرسالها إلى طلابها المحجورين في منازلهم في زمن كوفيد – 19.
وترى سروجي (35 عاما) أن من فوائد الرقص حثّ طلابها على ممارسة الرياضة، قائلة “رقص السالسا مفيد لمواجهة فايروس كورونا.. يُحرّك الدورة الدموية ويحسّن من المزاج”.
وكانت الدراسات العلمية أظهرت أن رقصة السالسا من أفضل أشكال التمرينات الرياضية المفيدة للجسم، فهي تساعد على تخفيف الوزن وزيادة الكتلة العضلية ورفع درجة التحمل البدني، كما تُسْهم في رشاقة الحركة وتزيد لياقة الجسم.
وأوضح باحثون أن رقص السالسا يحرق حوالي 10 سعرات حرارية في الدقيقة الواحدة، أي ما يعادل 600 سعرة في الساعة.
وذكر الخبراء أن هذه الرقصة تعتمد على أداء بعض تمرينات الإحماء في البداية، وطرق صحيحة للشد والاستعداد لحركات الرقص، ويمكن القيام بها في المنزل مع شريك أو دونه. ويرون أن ممارسة هذه الرقصة تعتبر بمثابة برنامج لياقة مفيد وفعال، يُسَاهم في التمتع بالرشاقة، ويحسّن مظهر الجسم وشكله، ويزيد الثقة بالنفس.
الحرب علمتنا أن نبحث دائما عن حلول بديلة، سنتأقلم ونواصل الرقص للخروج من عزلتنا
وأضافت سروجي “علّمتنا الحرب أن نبحث دائما عن حلول بديلة.. سنتأقلم ونواصل الرقص لأنه الطريقة الوحيدة التي تجعلنا نخرج من عزلتنا ونشعر بالطاقة الإيجابية”.
وقرّرت سروجي قبل أكثر من شهر تعليق الدوام في مدرستها لتعليم الرقص في دمشق، في إطار إجراءات وقائية اتخذتها لحماية نفسها وطلابها بمواجهة فايروس كورونا المستجد.
واستبقت بذلك التدابير الوقائية المشددة التي اتخذتها الحكومة السورية في ما بعد. وتسجّل المدرّبة السورية من داخل صالون منزلها وعلى إيقاع أنغام موسيقى أغنية كولومبية مقاطع مصورة بشكل يومي، تقدّم من خلالها دروس رقص متنوّعة لطلابها وطالباتها في المراحل المختلفة، لاسيما رقصة السالسا اللاتينية، ثم تنقل مقاطع الفيديو إلى جهاز الكمبيوتر وتشاركها مع طلابها على حساب مغلق على موقع فيسبوك أو تطبيق واتساب.
وقالت سروجي “كنا قد بدأنا هذه السنة بالتوسع وزيادة أعداد الراقصين، وكان من المفترض أن ننطلق بشكل واسع لولا أزمة كورونا التي جعلتنا نتراجع خطوات”.
وواظبت سروجي منذ تأسيسها مدرستها الخاصة بالرقص اللاتيني في منطقة التجارة في قلب العاصمة السورية في عام 2008، على تدريب الراقصين من دون انقطاع، حتى خلال أقسى سنوات الحرب، رغم أن موقع المدرسة كان يُعد قريبا من خطوط النار.
وأكدت المدربة الثلاثينية “لم نتوقف عن إعطاء الدروس ليوم واحد، رغم المئات من القذائف التي انفجرت في محيطنا، لكن كورونا كان أقوى من الحرب وأجبرنا على التوقف”.
ويعد الرقص في مُجتمع محافظ نشاطا يمارسه بشكل أساسي أبناء الطبقة الوسطى العليا أو الغنية برغم وجود مدارس رقص عدة في دمشق.
ولمست سروجي نجاح تجربة الدروس عبر الإنترنت من خلال تفاعل طلابها، إذ يتبادلون إرسال الفيديوهات بعد تسجيل رقصاتهم، وتدوّن ملاحظاتها لهم من خلال المجموعات المغلقة على فيسبوك وواتساب، ليُعيدوا تصحيح حركاتهم وإرسال الفيديوهات مرة أخرى.
وأضافت سروجي “بدأ الأمر على سبيل المزاح، لكن أدركنا أن مسألة الحجر ستطول، ولا بدّ من إيجاد حلول بديلة”، موضحة “سنواصل هذه الدروس رغم صعوبات انقطاع الكهرباء وبطء الإنترنت في سوريا”.
ويمتد انقطاع التيار الكهربائي أحيانا حتى 14 ساعة يوميا، ويضاف إليه اتباع نظام باقات الإنترنت الذي يحدّد حجم الاستهلاك المُتاح لكل عائلة.
وتستفيد مدربة الرقص من فترة الحجر المنزلي لتنشيط منصّاتها عبر فيسبوك وإنستغرام ويوتيوب، بعدما وجدت في هذه الفيديوهات طريقة للفت أنظار أعداد إضافية من المتابعين، حيث ارتفع عدد متابعيها بمعدّل 50 في المئة.
وأعربت عن سعادتها في مساعدة طلابها على البقاء في منازلهم والالتزام بالتعليمات الصحية.