كورونا يعمّق الاضطرابات الاجتماعية حول العالم

واشنطن – تعالت الأصوات المحذرة في الآونة الأخير من تداعيات وباء كورونا على المجتمعات وإسهامها في تنامي الاضطرابات الاجتماعية ومنسوب الاحتقان والتصادم بين الشعوب وحكوماتها.
وجاوز عدد المصابين بالفايروس على مستوى العالم 129.26 مليون نسمة، في حين وصل إجمالي الوفيات الناتجة عن الفايروس إلى مليونين و947 ألفا و458 حالة، في وقت تكافح فيه حكومات من أجل تطعيم مواطنيها، بينما تعجز الدول الفقيرة عن تلقي اللقاح وتشكو دول أخرى من انعدام الشفافية والمساواة في توزيع اللقاح.
وفي تقرير نشره الخميس حذّر صندوق النقد الدولي من أنّ عدم المساواة الذي تفاقم بسبب الجائحة، قد يؤدّي إلى تآكل ثقة الناس بحكوماتهم وإلى اضطرابات اجتماعية.
وقال الصندوق إنّ الوباء أدّى إلى تفاقم مظاهر عدم المساواة والفقر التي كانت موجودة قبل وقوعها، كما برهنت على أهمية شبكات الأمان الاجتماعي.
وخلص التقرير الذي نشر تمهيدا لاجتماعات الربيع إلى أنّ الجائحة كشفت النقاب أيضا عن عدم المساواة في الحصول على الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية، والتعليم عالي الجودة، والبنية التحتية الرقمية، والتي قد تتسبّب بدورها في استمرار فجوات الدخل جيلا تلو الآخر.
وحذّر الصندوق من أنّ التداعيات يمكن أن تكون طويلة الأمد، ولاسيما على الأطفال والشباب المتحدّرين من الأسر الأكثر فقرا.
كما لفت إلى أنّ الرقمنة المتسارعة التي نجمت عن الجائحة، تجعل من الصعب على العمال ذوي المهارات المتدنّية العثور على عمل.
وأشارت المؤسسة المالية ومقرّها في واشنطن إلى أنّه في ظلّ هذه الظروف “يمكن للمجتمعات أن تشهد استقطابا أو أن تتدهور الثقة بالحكومة أو أن تحدث اضطرابات اجتماعية”، مضيفة أن “هذه العوامل تعقّد صياغة السياسات وتشكّل مخاطر على استقرار المجتمع وسيره”.
وشددت على أنه "ينبغي على الحكومات أن توفّر لكل فرد جرعة عادلة" من إمكانية الحصول على الخدمات الأساسية، في إشارة إلى حملة التلقيح ضدّ كوفيد - 19.
وأوضح الصندوق في تقريره أنّ تفشي فايروس كورونا خفّض موارد الخزينة العامة في العالم أجمع، لكن مع ذلك ينبغي على الكثير من الدول أن تزيد من إنفاقها العمومي وأن ترشّد هذا الإنفاق.
وأوصى تقرير صندوق النقد بدعم الدول ذات المداخيل المنخفضة، والتي تواجه “تحدّيات هائلة” للحد من انتشار جائحة كورونا.
ووفقا لنص التقرير فإنّه "من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك إتاحة الحصول على الخدمات الأساسية بحلول عام 2030، سيتطلّب الأمر 3 تريليونات دولار لـ121 من الاقتصادات الصاعدة والدول النامية منخفضة الدخل"، أي 2.6 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي العالمي المقدّر بحلول هذا الأفق.
ولإقناع صانعي السياسات بخطورة الوضع حذّر الخبراء في الصندوق ديفيد أماغلوبيلي وفيتور غاسبار وباولو ماورو في مدوّنة مصاحبة للتقرير، من أنّ “ما يصل إلى 6 ملايين طفل في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية يمكن أن يتسرّبوا من التعليم في عام 2021، مع ما يترتّب على ذلك من عواقب سلبية يمتد تأثيرها مدى الحياة”.
وأضافوا أن الاستثمار في التعليم والرعاية الصحيّة وتنمية الطفولة المبكرة يمكن أن يكون له أثر قوي على تحسين فرص الحصول على هذه الخدمات، ومن ثم على الفرص طوال الحياة.
وأوضح الخبراء أنّه إذا قامت الحكومات بزيادة الإنفاق على التعليم بنسبة 1 في المئة من إجمالي الناتج المحلّي، على سبيل المثال، يمكنها تقليص الفجوة في معدّلات الالتحاق بين أغنى الأسر وأفقرها بنسبة تكاد تصل إلى الثلث.
وتتصدر الولايات المتحدة قائمة الدول الأكثر تضررا جراء تفشي الوباء، حيث تجاوزت حصيلة الوفيات فيها 553 ألفا، فيما سجلت حتى الآن أكثر من 30.5 مليون إصابة بالفايروس.
وتحتل البرازيل المرتبة الثانية، حيث حصد فايروس كورونا أرواح أكثر من 325 ألف شخص، وسجلت منذ بداية تفشي الوباء نحو 13 مليون إصابة.
وتحتل المكسيك المرتبة الثالثة من بين الدول الأكثر تضررا بالجائحة، تليها الهند، ثم بريطانيا وإيطاليا وروسيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا.