كورونا قنبلة وبائية تهدد السجون السورية

منظمات حقوقية تحذر من كارثة محتملة في حال تفشي فايروس كورونا في السجون والمعتقلات السورية بسبب الاكتظاظ وانعدام الخدمات الطبية.
الأربعاء 2020/03/25
خطر داهم

سوريا- تفاقمت المخاوف على مصير السجناء والمعتقلين في السجون السورية بعد تسجيل دمشق الأحد أول إصابة بفايروس كوفيد-19، وسط خشية من هشاشة المنظومة الصحية التي استنزفتها تسع سنوات من الحرب، مع دمار مستشفيات وتشريد الطواقم الصحية ونقص التجهيزات.

وحذّرت منظمات حقوقية الأربعاء من "كارثة" محتملة في حال تفشي فايروس كورونا المستجدّ في السجون والمعتقلات السورية، حيث من شأن الاكتظاظ وانعدام الخدمات الطبية أن يعّرض حياة عشرات الآلاف لخطر داهم.

وغالباً ما يوضع هؤلاء في زنازين ضيقة ومكتظة تشكل بيئة حاضنة لانتشار الأمراض ويُحرمون من الغذاء الكافي والرعاية الصحية والتهوئة.

وتطال المخاوف أيضا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مئات المعتقلين في سجون هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في شمال غرب البلاد، وأولئك المحتجزين لدى الفصائل السورية الموالية لأنقرة شمالاً وقوات سوريا الديمقراطية التي تحتجز الآلاف من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في شمال شرق البلاد.

ديانا سمعان: من واجب الحكومة السورية أن تقدم أي علاج ضروري لمكافحة الأمراض بينها الكورونا
ديانا سمعان: من واجب الحكومة السورية أن تقدم أي علاج ضروري لمكافحة الأمراض بينها الكورونا

وقالت الباحثة في منظمة العفو الدولية ديانا سمعان "إذا تفشّى الفايروس في الأفرع الأمنية أو في السجون المدنية سيؤدي إلى كارثة إنسانية كبيرة".

وأضافت "تبيّن في السنوات التسع الأخيرة أن القوى الأمنية ورؤساء الأفرع الأمنية لا يقدمون أي نوع من الرعاية الصحية لأمراض تعدّ بسيطة مقارنة مع الكورونا".

وأوضح رئيس منظمة أهلية محلية مقرها دمشق، في وقت سابق، أن قدرات الكشف عن حالات الإصابة محدودة وأنه لا يوجد سوى معمل رئيسي واحد لإجراء اختبارات الفايروس حتى الآن. وأضاف أن بعض الحالات تعالج في مستشفيات عسكرية.

ورغم الإعلان عن حالة واحدة رجح دبلوماسي أن يكون الفايروس منتشرا على نطاق أوسع من المعلومات المتاحة بسبب ضعف قدرات الكشف وغياب الشفافية.

ولتلافي ذلك، أكدت سمعان من منظمة العفو أنه "من واجب الحكومة السورية أن تقدم أي علاج ضروري لمكافحة الأمراض بينها الكورونا".

وطالبت 43 منظمة حقوقية ومجموعات سورية معارضة في بيان مشترك الإثنين، السلطات "بالإفراج الفوري عن المسجونين والمُحتجزين السياسيين والحقوقيين، وعدم القيام بأي عمليات اعتقال جديدة" للحد من انتقال الفايروس.

وطالبت المنظمات، وبينها المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، كلاً من منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، "بالضغط العاجل لتتمكنا من ممارسة دورهما في تحسين الظروف الصحية في مراكز الاحتجاز ولزيارتها بشكل طارئ".

ودعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن الثلاثاء إلى "الافراج عن أعداد كبيرة من المعتقلين والمختطفين والسماح بشكل فوري لأسباب إنسانية للمنظمات الإنسانية بزيارة مراكز الاعتقال وضمان توفير الرعاية الصحية والإجراءات الوقائية في كل أماكن الاحتجاز".

وجاءت هذه الدعوات بعد إصدار الرئيس بشار الأسد في 22 مارس عفواً عاماً يشمل تخفيض العقوبات لعدد من السجناء، من دون أن يتضح عدد الذين سيستفيدون منه.

وقد نصّ على "العفو العام عن كامل العقوبة المؤبدة أو المؤقتة.. للمصاب بمرض عضال غير قابل للشفاء.. وللمحكوم عليه بحكم مبرم وبلغ السبعين من عمره".

وأوضح معاون وزير العدل القاضي نزار صدقني أن "تخفيف الازدحام في السجون هو غاية أساسية" لمرسوم العفو بعدما بات فايروس كورونا المستجد وباء.

كما دعا فابريزيو كاربوني، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى والأوسط في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى وقف إطلاق النار.

وقال "لأنه إلى حد ما لا يمكننا خوض معركتين في نفس الوقت... لا يمكننا تكريس الوقت والجهد لما تتطلبه الاستجابة للوباء وفي نفس الوقت تلبية الاحتياجات الطارئة للنازحين في الآونة الأخيرة أو المعوزين".

منظمات حقوقية طالبت بالإفراج الفوري عن المسجونين والمُحتجزين السياسيين والحقوقيين
منظمات حقوقية طالبت بالإفراج الفوري عن المسجونين والمُحتجزين السياسيين والحقوقيين

وكشف كاربوني أن اللجنة الدولية التي تتخذ من سويسرا مقرا لها طلبت من السلطات السورية السماح لها بالمساعدة في إجراءات الوقاية من العدوى وتوفير مستلزمات النظافة في تسعة سجون مركزية.

وأضاف "نأمل الآن أن ترد السلطات بالموافقة قريبا جدا على اقتراحنا... نعتقد أن الأشخاص المحتجزين والنازحين هم أكثر عرضة للخطر من عامة السكان".

واللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تنفذ في سوريا أكبر عملياتها الإنسانية على مستوى العالم، هي الوكالة الوحيدة المسموح لها بدخول مراكز الاحتجاز. ويقدر بعض الخبراء أن عدد المحتجزين بلغ 130 ألفا.

ويثير احتمال تفشي الفيروس في سوريا، بعد تسع سنوات من الحرب المدمرة التي استنزفت القطاعات كافة بينها الصحية، قلقاً كبيراً خصوصاً في المناطق الخارجة عن سيطرة القوات الحكومية في إدلب (شمال غرب) ومناطق سيطرة القوات الكردية (شمال شرق).