كورونا عمّق أزمة الحوامل الفقيرات في إندونيسيا والفلبين

صعوبة الحصول على وسائل منع الحمل أثناء فترة الإغلاق تزيد التوقعات بارتفاع عدد المواليد.
الخميس 2021/01/21
النساء اللواتي يأتين إلى المستشفيات الحكومية عادة لا يمتلكن المال

أدت جائحة كورونا إلى تراجع أعداد الأشخاص الذين يسعون إلى الحصول على الاستشارات الحكومية، ويستخدمون وسائل منع الحمل المجانية، في إندونيسيا والفلبين مما زاد من التوقعات بارتفاع عدد مواليد حالات الحمل غير المرغوب فيه. وقد عمّقت هذه الوضعية من أزمة الحوامل الفقيرات اللواتي إما أن يكن غير قادرات على الانتقال إلى مكان المستشفى بسبب الإغلاق أو خائفات من انتقال العدوى.

مانيلا - قد يفكر الأزواج في بعض الدول مرتين في أن ينجبوا طفلا وسط تفشي جائحة كورونا على مستوى العالم، لكن هذا الخيار بالنسبة إلى النساء في دول مثل إندونيسيا والفلبين، يعد نوعا من الترف الذي لا تمتلكه كثيرات بسبب الجائحة.

ذلك لأن الجائحة زادت من صعوبة الحصول على وسائل منع الحمل بالنسبة إلى النساء في هذه الدول. ويتكهنُ بعض الخبراء الآن بحدوث زيادة كبيرة في عدد المواليد، حتى لو كانت حالات الحمل غير مرغوب فيها.

ولا تريد منظمة رعاية الطفولة التابعة للأمم المتحدة “اليونيسيف” أن تتكهن باحتمال حدوث هذه الزيادة، ولكنها توقعت أن يولد 140 مليون طفل في 2020، ومن بينهم 113 مليونا بعد تفشي فايروس كورونا في مارس الماضي.

وأدى فرض حظر التجول وإغلاق المتاجر وإعلان حالات الحجر الصحي، وعدم استقرار سلاسل الإمداد بالسلع، إلى أن يصبح من المتعذر الحصول على حبوب منع الحمل والعازل الذكري.

وفي إندونيسيا على سبيل المثال، تراجعت بنسبة 10 في المئة أعداد الأشخاص الذين يسعون إلى الحصول على الاستشارات والإرشادات الحكومية، ويستخدمون وسائل منع الحمل المجانية، في أبريل ومايو 2020، مقارنة بنفس الفترة التي سبقت ظهور الجائحة، وذلك وفقا لما تقوله إيني جوستينا نائبة مدير وكالة التخطيط الوطني بالبلاد.

الأمهات الحوامل إما أن يكن غير قادرات على الانتقال إلى مكان المستشفى بسبب الإغلاق أو خائفات من انتقال عدوى الفايروس

ومن المتوقع حدوث ما بين 375 ألفا إلى نصف مليون حالة حمل غير مرغوب فيها في أوائل عام 2021، بزيادة عن فترة ما قبل الجائحة على حد قول جوستينا. وأضافت أن وكالة التخطيط وفرت قابلات يرتدين ملابس معدة للحماية الشخصية من الفايروس، حتى يستطعن توزيع وسائل منع الحمل.

كما يتوقع أكبر مستشفى للولادة في الفلبين زيادة كبيرة في عدد المواليد العام المقبل، ويرجع ذلك جزئيا إلى صعوبة الحصول على وسائل منع الحمل أثناء فترة الإغلاق في البلاد بسبب الجائحة.

ويوجد حاليا ما بين 30 إلى 40 حالة ولادة يوميا بمستشفى الدكتور خوسيه فابيلا التذكاري، وفقا لما تقوله ديانا روز كايبي الطبيبة والمتحدثة باسم المستشفى.

وقالت في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية “إننا ننتظر زيادة في عدد المواليد خلال الربع الأول من العام الحالي، ليس فقط بسبب أن الأزواج كانوا معا طوال الوقت في فترة الإغلاق، ولكن أيضا لأن الحصول على وسائل منع الحمل أصبح متعذرا”.

وبالنسبة إلى النساء اللواتي يرغبن في الحصول على خدمات الصحة الإنجابية، إما أن يكن غير قادرات على الانتقال إلى مكان المستشفى بسبب الإغلاق، أو أن يكن خائفات من الذهاب إلى المستشفى خشية العدوى بفايروس كورونا على حد قول كايبي.

ورغم أن العازل الذكري متاح في الصيدليات، فإن عبء تنظيم الأسرة في الفلبين يقع عادة على كاهل المرأة.

وبالإضافة إلى ذلك فإن أسعار العازل الذكري وحبوب منع الحمل يمكن أن تكون مرتفعة، ويكون ارتفاع السعر ليس له ما يبرره خاصة بالنسبة للفقراء والمهمشين الذين يعانون بالفعل من أجل الحصول على لقمة العيش أو يتعرضون لانخفاض دخولهم.

وقالت كايبي إن المستشفى والأطقم الطبية العاملة فيه، على استعداد للزيادة المنتظرة في عدد المواليد.

وأشارت كايبي إلى أن العدد الحالي للمواليد يعد منخفضا، مقارنة بفترة ما قبل الجائحة، عندما ارتفع العدد إلى ما بين 60 إلى 70 مولودا في اليوم، وكان المستشفى يجاهد بالفعل ليستوعب أعداد الحوامل قبل الجائحة، حيث كان يحدث أحيانا أن تتشارك امرأتان مع مولوديهما في سرير واحد.

وقالت كايبي “لن أخفي حقيقة ما يحدث داخل مستشفى حكومي مثل ذلك الذي أعمل به، وحتى لو كنا نريد أن ننفذ إجراءات التباعد الاجتماعي، فماذا سيحدث للأمهات إذا رفضنا دخولهن المستشفى”؟

وأضافت أن المستشفى يضع حاليا سريرين جنبا إلى جنب، لإتاحة مساحة لاستضافة ما بين خمس إلى ست أمهات مع أطفالهن.

وأوضحت كايبي قائلة “إن الأمهات اللواتي يأتين إلينا هن عادة لا يمتلكن المال، وفي حالة رفض دخولهن فأنت تعلم أن النتيجة ستكون إما موت الرضيع أو أن يحدث أسوأ من ذلك وهو أن تموت الأم أيضا”.

وفقا لمنظمة الصحة العالمية، هناك ما يقرب من مليوني حالة حمل غير مقصودة تسجل كل عام في الفلبين
وفقا لمنظمة الصحة العالمية، هناك ما يقرب من مليوني حالة حمل غير مقصودة تسجل كل عام في الفلبين

وتكشف كايبي أن القدرة الاستيعابية القصوى لمستشفى فابيلا تبلغ 400 مريض. وبسبب الجائحة اضطر المستشفى إلى تخصيص ما نسبته 30 في المئة من الأسرة كمناطق عزل للمصابين المحتملين بالفايروس وفقا لما قررته وزارة الصحة. ومنذ ذلك الحين تم تأسيس غرفة عمليات للولادة، إلى جانب غرفة عمليات في منطقة العزل، على حد قول كايبي.وقالت “نحن نعلم أنّ الوضع صعب، ولكننا لا يمكن أن نرفض دخولهن المستشفى”.

وأضافت كايبي “هذا هو أسوأ وقت بالنسبة للجميع، وإذا كنت أما في أول حمل لك، فسيكون الوقت عصيبا”.

وكانت وزارة الصحة الفلبينية قد دقت ناقوس الخطر بشأن زيادة حالات الحمل غير المقصود في البلاد بسبب تعطل خدمات تنظيم الأسرة وسط أزمة وباء كورونا، في يونيو الماضي.

وأفادت وكيلة وزارة الصحة ماريا روزاريو فيرجيير، بأن الخدمات في نحو 25 في المئة من وحدات تنظيم الأسرة في المستشفيات والوحدات الصحية الريفية في البلاد قد تعطلت منذ أن تم فرض الإغلاق المرتبط بمكافحة وباء كورونا في منتصف مارس، وفقا لمسح عام.

وأشارت إلى أنهم قد يواجهون مشكلات في نهاية المطاف لأن خدمات تنظيم الأسرة تعطلت بسبب تعطل التوظيف، وبالطبع، يتبع ذلك أن الخدمات لن تكون كافية.

وأوضحت فيرجيير أن معظم العاملين في مجال الصحة اضطروا للتركيز على رعاية المصابين بكورونا، بينما لم يتمكن آخرون من القدوم إلى العمل بسبب نقص وسائل النقل العام أو لأنهم كانوا عرضة للإصابة بالفايروس.

وأضافت أن الوزارة تلقت أيضا تقارير عن انخفاض في استشارات ما قبل الولادة والولادات في المستشفيات ووحدات الصحة الريفية منذ بدء الإغلاق، ويرجع ذلك أساسا إلى الخوف من أن الذهاب إلى المستشفيات يزيد من التعرض للفايروس.

وقالت إن عدم الحصول على استشارات ما قبل الولادة يمكن أن يكون خطيرا وأن الولادة في المنزل ليست آمنة.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، هناك ما يقرب من مليوني حالة حمل غير مقصودة تسجل كل عام في الفلبين، وأكثر من 600 ألف حالة إجهاض غير آمن، وهي ممارسة غير قانونية في الدولة ذات الأغلبية الكاثوليكية.

17