كوب 28: اتفاق دون قيود كلّ يؤوله حسب مساره ومصالحه

اتفاق تاريخي لكن نجاحه مرتبط بمدى الاستعداد لتنفيذه.
الخميس 2023/12/14
الإمارات تنجح في تحقيق التوافق مع نهاية المؤتمر

دبي – نجح مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28) الذي عقد بالإمارات في الخروج باتفاق يتبنى فكرة التخلي تدريجيّا عن الوقود الأحفوري باعتماد صيغة نهائية تراعي مصالح الدول المنتجة للنفط وتطمئن الدول والمنظمات التي تضغط من أجل التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري.

ويترك الاتفاق لكل دولة حرية تأويله حسب مصالحها دون أن يضع قيودا أو التزامات، وهو ما يجعل قيمة هذا الاتفاق، الذي وصف بالتاريخي، كامنةً في تنفيذه ومدى استعداد الدول المنتجة للنفط، وخاصة المنضوية ضمن أوبك وأوبك+، لدعم الدعوات إلى تسريع الانتقال في مجال الطاقة.

ويرى متابعون للنقاشات التي جرت في المؤتمر، الذي استمر أسبوعين، أن المسؤولية باتت بيد الدول المنتجة للنفط، وأن الأمر مرتبط بمدى استعدادها للإقبال على مغامرة التخلي التدريجي عن أهم أوراق قوتها، خاصة لدولة مثل السعودية التي تراهن على عائدات النفط في إنجاح مشاريعها الكبرى.

صياغة المادة 28 راعت مصالح منتجي النفط، وهي تترك لدول أوبك وأوبك+ حرية تأويل الاتفاق حسب مصالحها

ولئن أعلنت السعودية دعمها للاتفاق فإنها قالت إن الاتفاق لن يؤثر على صادراتها من الهيدروكربونات.

وقال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان الأربعاء إن نص الاتفاق يقدم بدائل لكنه لا يؤثر على صادرات بلاده ولا على قدرتها على البيع.

وضغطت أكثر من 100 دولة من أجل استخدام صيغة قوية “للتخلص التدريجي” من استخدام النفط والغاز والفحم، لكنها واجهت معارضة قوية من أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بقيادة السعودية، والتي قالت إن العالم يمكنه خفض الانبعاثات دون الاستغناء عن أنواع معينة من الوقود.

وقال الأمير عبدالعزيز بن سلمان إن الاتفاق يؤكد في الغالب فهم المملكة لاتفاق تغير المناخ، مضيفا أن من المهم ترك البلدان دون قيود تأتي من كيانات ليست طرفا في صنع القرار بالبلاد.

وأشار وزير الطاقة السعودي إلى المادة 28 التي تنص على أن الدول ستتحول وفقا للطريقة المحددة وطنيا ووفقا لاختلاف الظروف والمسارات والنهج على المستويات الوطنية.

وقال مصدر مطلع على تفكير السعودية إن الاتفاق يوفر “قائمة خيارات” لكل دولة لتتبع مسارها الخاص نحو تحول الطاقة، فيما يقول المتابعون إن صياغة المادة 28 راعت مصالح منتجي النفط، وهي تترك لدول أوبك وأوبك+ حرية تأويل الاتفاق حسب مصالحها.

وأشار المصدر السعودي إلى صياغة المادة 28 من الاتفاقية باعتبارها مفتاحا لجعل المملكة تقبل بها.

وقال المصدر “ما تراه وراء ذلك هو وصفات، وإذا كنت نباتيا يمكنك أن تظل نباتيا، وإذا كنت تحب الخضروات يمكنك أن تظل هكذا، وإذا كنت من محبي الأسماك، إذًا فلك هذا”.

وفي أول رد فعل من الدول المنتجة للنفط قال هيثم الغيص، الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول، في بيان الأربعاء إن قطاع النفط معرض للخطر في غياب مستويات مناسبة من الاستثمار، في رسالة واضحة تفيد بأن التوجه إلى الاستثمار في الطاقة البديلة سيكون على حساب النفط ومصالح الدول المنتجة.

ويسيطر أعضاء أوبك على ما يقارب 80 في المئة من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، إلى جانب حوالي ثلث إنتاج النفط العالمي، وتعتمد حكومات دول هذه المنظمة بشكل كبير على إيرادات النفط.

وخَفْض الطلب قد يقلص الدخل المستقبلي للدول المنتجة للنفط. وفي نهاية المطاف سيؤثر هذا على موازناتها وجدارتها الائتمانية.

وبلغ متوسط عائدات النفط 75 في المئة من إجمالي إيرادات موازنة السعودية التي تتزعم أوبك منذ 2010، وتمثل ما بين 40 و45 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتتراوح حصة النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي لأعضاء أوبك+ الآخرين بين 16 و50 في المئة.

وتحث أوبك على ضخ استثمارات هائلة لتلبية الطلب الحالي والمستقبلي على النفط والغاز، محذرة من أن بث إشارات سياسية تثبط الاستثمار في الوقود الأحفوري قد يؤدي إلى عجز في المعروض وزيادة في أسعار الطاقة مما سيجعل الدول الفقيرة المعتمدة على واردات الطاقة أكثر تضررا.

ويهدف الاتفاق إلى إرسال إشارة قوية إلى المستثمرين وصانعي السياسات يفيد مضمونها بأن العالم متحد في رغبته في التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري، وهو أمر يقول العلماء إنه آخر أمل لتجنب كارثة مناخية.

pp

وقالت الإمارات، عضو أوبك وثاني دولة عربية تستضيف مؤتمر المناخ بعد مصر التي استضافته عام 2022، إن التقليص التدريجي في الوقود الأحفوري أمر لا مفر منه وضروري، لكن يجب أن يكون جزءا من خطة شاملة ومدروسة لانتقال الطاقة مع مراعاة ظروف كل بلد ومنطقة.

ووصف سلطان الجابر، رئيس كوب 28، الاتفاق بأنه “تاريخي”، لكنه أضاف أن نجاحه الحقيقي يكمن في تنفيذه. وقال “نحن ما نفعله، وليس ما نقوله”، مضيفا “علينا أن نتخذ الخطوات اللازمة لتحويل هذا الاتفاق إلى إجراءات ملموسة”.

واتفق ممثلو ما يقارب 200 دولة في المؤتمر على الشروع في خفض الاستهلاك العالمي من الوقود الأحفوري لمكافحة تغير المناخ. ورحبت عدة دول بالاتفاق لأنه حقق شيئا كان صعب المنال خلال محادثات المناخ المستمرة منذ عقود.

وقال وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدا عن الاتفاق “إنها المرة الأولى التي يتحد فيها العالم حول مثل هذا النص الواضح بشأن ضرورة التحول عن الوقود الأحفوري”. وأضاف “كانت مشكلة كبيرة. وأخيرا نمضي قدما في التعامل معها”.

1