كل قوة مسلحة في العراق تمثل تهديدا جديدا للصحافيين

تطغى المخاطر والتهديدات على عمل الصحافيين في العراق بوجود العديد من القوات والميليشيات المسلحة التي تفرض هيمنتها على الصحافيين بقوة الأمر الواقع، ولا تختلف كثيرا ممارسات هذه الميليشيات ضد الصحافيين.
الاثنين 2017/08/28
كثيرون لا يرغبون في كشف الحقائق

نيويورك – تدخل التهديدات والمخاطر المختلفة في صلب العمل الصحافي في العراق، فرغم استعادة القوات الحكومية السيطرة على مدينة الموصل، وتقليصها إلى حد كبير المساحات التي يسيطر عليها تنظيم داعش، إلا أن سلامة الصحافيين مازالت مهددة من أطراف عديدة، تسعى بشتى الطرق للحد من التغطية الصحافية التي لا تصب في صالحها.

ويتلقى الصحافيون المحليون والدوليون الذين يعملون في العراق تحذيرات متواصلة من المنظمات والهيئات الدولية بشأن إجراءات السلامة والخطوات التي يجب عليهم اتخاذها لضمان حياتهم.

وأصدر فريق الاستجابة الطارئة التابع للجنة حماية الصحافيين تنبيها بشأن السلامة للصحافيين العازمين على مواصلة العمل في العراق، قال فيه “إن انحسار وجود تنظيم داعش في العراق لم يحقق زيادة في الاستقرار في البلاد، إذ أدى بروز الميليشيات من جديد إلى مواصلة تشويش الحدود، وزيادة المخاطر العامة التي يواجهها الصحافيون في المنطقة”.

وتناول الفريق المشهد الصحافي الجديد مع الدور الرئيسي الذي قامت به قوات الحشد الشعبي في القتال ضد تنظيم داعش، وقد أقر البرلمان العراقي بهذه القوات بوصفها وحدات عسكرية رسمية مستقلة، وذلك إقرارا منه بإنجازاتها. وفي هذا المشهد الجديد، بات لزاما على الصحافيين الحصول على موافقات بشأن العمل من هذه الوحدات العسكرية ومن الحكومة، وذلك حسب المناطق التي يرغبون في التوجه إليها.

وتفيد تقارير دولية عديدة بأن البعض من هذه الوحدات العسكرية حديثة التأسيس تتسم بسجل سيء في مجال حقوق الإنسان، وقد وثقت التقارير ممارسات ارتكبتها بعض هذه الوحدات من قبيل عمليات إعدام بإجراءات موجزة، واختفاءات قسرية، وتعذيب، الأمر الذي أثار قلقا كبيرا بأن تلجأ هذه الوحدات العسكرية إلى العنف كوسيلة لفرض الرقابة على التغطية الصحافية بشأن موضوعات الفساد والعنف والإساءات وانتهاكات حقوق الإنسان.

يتلقى الصحافيون المحليون والدوليون الذين يعملون في العراق تحذيرات متواصلة من المنظمات والهيئات الدولية بشأن إجراءات السلامة

وهو ما جرى فعلا في العديد من الحالات؛ ففي ديسمبر 2016، قامت مجموعة من الرجال المسلحين المرتبطين بميليشيا شيعية باختطاف الصحافية أفراح شوقي القيسي من منزلها، واحتجزتها لمدة تسعة أيام بعد أن نشرت الصحافية مقالا انتقدت فيه مسؤولا في وزارة الداخلية، وثقافة الإفلات من العقاب المنتشرة لدى جماعات الميليشيات.

ولم ينته التهديد الذي يمثله تنظيم داعش على الصحافيين العاملين في العراق، فرغم أنه فقد السيطرة على البعض من المناطق، إلا أنه ما زال يسيطر على مدينة تلعفر والمناطق المحيطة بها، وهي تقع على بعد 63 كيلومترا إلى الغرب من الموصل.

ويتمتع تنظيم داعش بدعم من بعض سكان محافظة الأنبار الواقعة في غرب العراق. وفي الأسابيع الأخيرة، ازدادت الهجمات التي يشنها التنظيم والتي تعتمد على أساليب حرب العصابات، وهو توجّه من المرجح أن يتواصل، حسب تقديرات الخبراء الأمنيين. ومن المتوقع أن يواصل التنظيم أيضا استهداف وسائل الإعلام.

وأوصت اللجنة الصحافيين المحليين والدوليين الذين يعملون في العراق بأن يلتزموا بعدة نقاط، منها تكوين فهم واضح لتحديد أي ميليشيا أو قوات مسلحة تسيطر على المنطقة التي يخططون للعمل فيها، وتحديد ما إذا كان الوجود الإعلامي مرحبا به في المنطقة المعنية.

ونوهت بأن الحصول على التصاريح الضرورية يمكن أن يختلف باختلاف جماعات الميليشيات. وغالبا ما يؤدي عدم امتلاك التصاريح اللازمة إلى نشوء مشاحنات أو إلى الاعتقال. وطالبت الصحافيين بتحديد شخص معاون من المعارف كي يتصرف في الحالات الطارئة. ويجب ترك جواز السفر أو أي تفاصيل أخرى لتحديد الهوية مع هذه الشخص، إضافة إلى رقم بوليصة التأمين والتاريخ الطبي وفئة الدم.

وأكدت ضرورة تحديد جدول معقول للتواصل مع الشخص المعاون والالتزام بهذا الجدول، إضافة إلى وضع خطة طوارئ من أجل تنفيذها في حال عدم التمكن من الاتصال في الوقت المحدد. وفي الأوضاع التي تنطوي على خطر شديد، ينبغي على الصحافيين التفكير في استخدام أجهزة تتبع إلكترونية.

9 صحافيين قتلوا وأصيب 26 آخرون بجروح أثناء مشاركتهم في تغطية معارك تحرير الموصل

وأشارت إلى مسألة تحديد بروتوكولات طارئة في حالة التعرض للإصابة أو الاعتقال أو الاختطاف. ويجب على الصحافي تحديد أشخاص في شبكة المعارف، أي مساعد، وصحافيين محليين، وتزويدهم بمعلومات الاتصال بالشخص المعاون للحالات الطارئة.

وأكدت اللجنة على الصحافيين إذا كانت لديهم مخاوف بشأن التعرض للاعتقال أو الاختطاف، يجب الاتفاق على أسئلة مع الشخص المعاون لإثبات وجودهم على قيد الحياة. ويجب تزويد الشخص المعاون أيضا بكلمات المرور التي يستخدمها الصحافي لوسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى الرغبات الشخصية بخصوص التغطية الإعلامية لقضيته وبشأن دفع فدية.

وفي مثل هذه الأوضاع، يجدر بالصحافي أيضا ترك معلومات بشأن توكيل عام للتصرف بشؤونه المالية في حال أصبح في عداد المفقودين أو فاقدا للأهلية للتصرف بشؤونه الخاصة.

وشجعت لجنة حماية الصحافيين جميع الصحافيين المحليين والمستقلين والمؤسسات الإعلامية التي تغطي الهجوم على تلعفر على أن يلتزموا، وعلى نحو حثيث، بمبادئ وممارسات السلامة.

وتشير أرقام “جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق” إلى مقتل “9 صحافيين وإصابة 26 آخرون بجروح من أصل أكثر من 700 صحافي عراقي وأجنبي شاركوا في تغطية معارك تحرير الموصل”، والتي استمرت قرابة 9 أشهر وانتهت الشهر الماضي.

18